"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

Now or Never

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 8 أبريل 2025

بعد الزيارة اللبنانية الثانية لمورغان اورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ، أزيل الغموض، بشكل تام، عن اتفاق وقف إطلاق لبنان بين لبنان وإسرائيل الذي جرى التوصل اليه في السادس والعشرين من تشرين الثاني ( نوفمبر) الماضي. الوضوح الساطع ينص على الآتي: عدم تسليم السلاح يعني عدم التزام لبنان باتفاق وقف إطلاق النار!

ونتيجة لذلك، لا تتعاطى واشنطن مع العمليات التي تقوم بها إسرائيل في لبنان، كما لو كانت خروقات تستحق الشجب والاستنكار، بل هي نتاج عدم تنفيذ وقف إطلاق النار، على قاعدة أنّ لبنان لم يُنجز بعد مهمة نزع سلاح حزب الله!

ووفق المفهوم الأميركي الذي نقلته اورتاغوس إلى لبنان، فإنّه لا يوجد أي طرف يفرض على الحكومة اللبنانية جدولًا محددًا لتنفيذ التزامها ولا طريقة محددة لإنجاز ذلك، ولكن في المقابل، فإنّ واشنطن لن تفرض على تل ابيب التوقف عن عملياتها العسكرية كما لن تتقدم بملف الشراكة مع لبنان خطوات نوعية إلى الأمام قبل ان تلتزم بالمعايير المحددة مسبقا، على اعتبار ان الشراكة بين لبنان، من جهة والولايات المتحدة الأميركية، من جهة أخرى لن تكون ممكنة قبل انجاز ملفين متزامنين: نزع السلاح وإنجاز الإصلاح!

ومن الواضح أنّ إسرائيل تضيّق المهل على الحكومة اللبنانية، فهي لا تكتفي بالاغتيالات واستهداف أي تحرك يقوم به نشطاء “حزب الله” في جنوب نهر الليطاني، بل تعمد إلى الحيلولة دون استقرار الجنوبيين في قراهم المنتشرة على الحدود معها، اذ اصبح استهدافها للمنازل الجاهزة التي يتم تركيبها على انقاض المنازل المهدمة، نهجًا، بحيث، تفرض، بقوة النار، في ظل استحالة إعادة الإعمار التي تحتاج إلى أموال غير متوافرة، استحالة ثانية، أي إعادة الاستقرار بما هو متوافر!

وبات “حزب الله”، بفعل ما تكبده من خسائر في الحرب الأخيرة التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم “سهام الشمال” غير قادر على فرض أي معادلة ردع، فيما الدولة اللبنانية “محشورة” بسلاح يتمسك هو به!

إنّ عجز “حزب الله” عن إقامة أي معادلة ردعية يمكنها الحد من حرية إسرائيل في استهداف مقاتليه ونشطائه وبنينه التحتية ومنع عودة السكان إلى القرى الحدودية، عبّر عنه النائب علي فياض، احد اركان القيادة السياسية فيه، بوضوح كامل، عندما قال في كلمة ألقاها خلال تشييع دفعة جديدة من قتلاه، آخر الأسبوع الماضي:“العدو إنما يمارس سياسة الاغتيال والاستفزاز والتصعيد، كي نرضخ أو يجرنا إلى ‏الحرب مجدداً، في حين أننا لن نرضخ ولا نريد العودة إلى الحرب مجدداً، لأننا ندرك مصلحة لبنان ونتصرف على ‏هذا الأساس”.

وهذا يعني أنّ “حزب الله” سيبقى تحت رحمة “حرب استنزاف” إسرائيلية، إلى حين يتخذ القرار الكبير بخصوص سلاحه الذي في غياب معادلة الردع يتحوّل إلى عبء عليه!

ويتفق اللبنانيون وعواصم القرار على أنّ لبنان عاجز، بقوته الذاتية، على نزع سلاح “حزب الله”، لأنّ ذلك ينقله من مشكلة إلى ورطة، ولهذا، يمارس الجميع الضغوط على الحزب، حتى يصل إلى مرحلة يحسم فيها خياراته بنفسه، فبيئته تريد إعادة الإعمار والحكومة اللبنانية كذلك والخارج على أهبة الاستعداد للمساعدة، أقلّه في المدى المنظور، ولكن سلاح “حزب الله” يحول دون انجاز هذا الهدف!

ووضع “حزب الله” في ملف السلاح مثلها مثل وضع الطبقة السياسية مع إعادة النهوض الاقتصادي، فالجميع متأهبون، أقلّه في المدى المنظور، لتحقيق ذلك، ولكن عدم قمع الفاسدين وقطع “طرقهم المعوجة السيئة” يحولان دون ذلك!

ويحذر المراقبون من مغبة “شراء الوقت” لأنّ المستقبل لم يعد مضمونا على الإطلاق، في ظل التغييرات الحاصلة في المنطقة والعالم، سواء لجهة تراكم عدد الدول التي تحتاج إلى المساعدة مثل حال سوريا وغزة والسودان واليمن، أو لجهة كلفة أي مواجهة محتملة مع الجمهورية الإسلامية في ايران، أو لجهة تأثيرات “جمارك دونالد ترامب” على الاقتصاد العالمي ولا سيما في الدول التي تعتبر “غنية”!

مشكلة “حزب الله” في الامتناع عن تسليم سلاحه كبيرة، فهو في ذلك لا يخضع لمعادلة أميركية-إسرائيلية فحسب بل لمعادلة خليجية-أوروبية أيضا، ناهيك عن المعادلة اللبنانية الآخذة بالنمو ضده، اذ ان سلاحه بقدر ما يشكل عائقًا يحول دون الوحدة الوطنية وقيام الدولة، أضحى كارثة تعيشها، لحظة بلحظة، البيئة التي طالما تعهد أمامها بأن يعمّرها ويحميها!

المقال السابق
سلسلة رسائل بين طهران وواشنطن سبقت مفاوضات عُمان.. ماذا تضمنت؟!
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

إنتهاء حرب الآخرين على أرض لبنان

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية