"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

نهج "حزب الله" يحول دون إعادة الإعمار!

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 25 يناير 2025

ينظر لبنان عمومًا وشيعته خصوصًا، منذ شهرين بذهول الى حجم الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب التي تسبب بها “حزب الله”، بعد انضمامه، رغمًا عن سائر اللبنانيين، الى “حرب طوفان الأقصى” .

ينظر الجميع الى هذا الدمار الذي يتطلب التخلص منه وتجاوز تداعياته المأساوية، ما يفوق الخمسة مليارات دولار أميركي، وملؤهم الأمل في أن تتمكن الدولة اللبنانية التي كان قد جرى تغييبها عن قرار الحرب كليًّا، من إيجاد مصادر تمويل كافية ووافية لدى الدول الصديقة.

وانتظر الجميع بلهفة بالغة وصول وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الى لبنان، علّه يحمل معه تعهدًا من بلاده بأن تسارع الى تكرار ما كانت قد بادرت إليه، بسرعة لافتة، بعد انتهاء حرب تموز (يوليو) 2006، حيث وضعت مليارات الدولارات، بتصرف الدولة اللبنانية، لإعادة الإعمار هنا ودعم المصرف المركزي هناك.

لكنّ صدمة منتظري “المال السهل” كانت كبيرة، فأول وزير للخارجية السعودية يطأ أرض لبنان، منذ 15 سنة، لم يأتِ حاملًا معه لا دفتر الشيكات ولا الوعود به، بل جاء رافعًا مبدأ طالما تغاضى عنه المهيمنون على القرار اللبناني: إبنوا الدولة أوّلًا!

بناء الدولة الذي هو تمهيد لإعادة بناء ما تدمّر يقوم، وفق ما بدا واضحًا في النهج السعودي، على تشكيل حكومة مؤهلة لإنجاز الإصلاحات الجدية وتطبيق القرارات الدولية وإعادة لبنان عودة لا لبس فيها الى الحضن العربي وحل الميليشيات المسلحة.

وهذا يعني أنّ المطلوب من لبنان أن يتمكن من تنفيذ التعهدات التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القسم والرئيس المكلف نواف سلام في “خطاب قبول التكليف”.

وأتت زيارة بن فرحان لدعم التوجه المشترك لكل من عون وسلام، في هذا المجال.

الأهم في هذا السياق، أنّ الرياض تشكل البوابة التي يعبر منها الجميع في هذه المرحلة، فالرئاسة الفرنسية تصر على أن يكون لهذه العاصمة الخليجية الدور الرائد في لبنان، والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما بعد عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض، تعتبرها ركيزة في الشرق الأوسط، ومجلس التعاون الخليجي لا يمكنه، بأي حال من الأحوال، تجاوز إرادة “الشقيقة الكبرى”!

وبات واضحا من حيثيات ما قاله بن فرحان في دمشق بعد لقائه زعميها الجديد أحمد الشرع أنّ السعودية واثقة بسوريا أكثر من ثقتها بلبنان، فهي ترى فيها قيادة تتحدث في السر ما به تتحدث في العلن، وجادة في الإنخراط بشكل فاعل في المحيط العربي، ولا تتنازعها تيارات معادية لدول مجلس التعاون الخليجي، ومن شأن دعمها توفير مصالح العرب الإستراتيجية من دون خوف من الإنقلاب عليها، لاحقًا!

وبناء على هذه المقارنة وبالإستناد الى المعطيات الثابتة، فإنّ إعادة إعمار لبنان ودعمه للنهوض من انهياره المالي الإقتصادي، لن يكونا إلّا على قاعدة المسؤولية الوطنية، فالنزاع على الحقائب الوزارية والحصص، وهو المسبب الرئيس لتأخير ولادة الحكومة السلامية المنتظرة، سيمنع انطلاق ورشة إعادة الإعمار الملحّة، وسوف يبقي أبناء الطائفة الشيعية في الظلام، وثمة من يؤكد أنّ ذلك التأخير سوف يمدد بقاء الجيش الإسرائيلي في بعض المواقع الإستراتيجية داخل لبنان.

هناك من يروّج في المنتديات العربية والدولية بأنّ الإسراع في إعادة إعمار ما هدمته الحرب، من دون بناء سلطة لبنانية حقيقية وفاعلة ومستدامة، من شأنه تعويم “حزب الله”، وإعطاء إشارة الى الشعب اللبناني، بأنّ هذا الحزب يستطيع أن يدمّر طالما العالم مستعد أن يعمر. ولذلك، فإنّ هذا لن يحصل أبدًا إذا لم يدفع هذا الفصيل التابع لإيران الثمن، طوعًا أو اضطرارًا!

وهذه الحقيقة أصبحت واضحة للجميع في ضوء الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية السعودي الى لبنان، فما من أحد يريد أن يفرض على الطبقة السياسية ما عليها أن تفعله، ولكن، في المقابل، لا يوجد أحد في لبنان يملك القدرة على إقناع أي مرجعية عربية أو دولية على أن تساعد لبنان إن لم يساعد نفسه.

إنّ مسؤولية إعادة إعمار لبنان، من حيث المبدأ، تقع على عاتق من أخذ قرار الحرب، أي “حزب الله”، وهو عاجز عن ذلك، حتى لو حصل على دعم من إيران التي يواليها، ومن ثم تقع هذه المسؤولية على كاهل الدولة اللبنانية التي سمحت لهذا الحزب أن يعبث بمقدراتها، ولكنها دولة مفلسة.

ولهذا، فإنّ التطلع الى مساهمات الخارج في إعادة الإعمار، يفترض احترام دفتر شروط واضح. صحيح أنّ “حزب الله” سوف يتضرر من مضامين دفتر الشروط هذا، ولكنّ الصحيح أكثر أنّ جميع اللبنانيين سوف يستفيدون كثيرًا، فهم لن يتمكنوا والحالة هذه من الخروج من مآزقهم الإعمارية والمالية والإقتصادية فحسب، بل ستكون لديهم دولة، للمرة الأولى منذ بداية انهيارها في العام 1975!

المقال السابق
واشنطن تعيد تسليم القذائف التدميرية الضخمة ل"شريكتها العظيمة"
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

قرارات ترامب تعين إسرائيل على متابعة حربها ضد حزب الله

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية