كثُر الحديث في الآونة الأخيرة، وبعد أحداث الحدود في الجنوب مع اسرائيل، حول قرارات مجلس الأمن الخاصة بلبنان ولا سيما القرار 1701 تاريخ 11/08/2006 والذي هو في الحقيقة قرار تطبيقي. فقد كان مجلس الامن سبق وأصدر قراره رقم 1559 تاريخ 02/09/2004 الذي هو قرار تأسيسي، بالنسبة للقضية اللبنانية. إنه كذلك لأنه شرعن الكيانيّة اللبنانية ونهائية لبنان الدولة والكيان وأنّ بلد الأرز خارج أي صيغة وحدة من أي نوع وصفة كانت. ذلك أنّ القرار 1559 أكد على خمسة أمور أساسية:
1 - الاعتراف بسيادة لبنان واستقلاله السياسي.
2 - وجوب انسحاب القوات الأجنبية منه (وتحديداً القوات السورية).
3 - حل جميع الميليشيات ونزع سلاحها بمن فيها «حزب الله».
4 - بسط سيطرة الدولة على جميع الاراضي اللبنانية.
5 - احترام قواعد الدستور اللبناني.
لذا قيل يومها «أن القرار 1559 انهى الحلم السوري بضم لبنان على مراحل». أما القرار 1701 فيتألف من قسمين: المشاكل والحلول.
أولاً، انشغالات لبنان: المشاكل
يتناول مجلس الأمن الوضعية اللبنانية بمختلف جوانبها. إنّها وضعية فيها الكثير من التعقيدات والصعوبات والاشكاليات التي يعاني منها اللبنانيون سلطةً وجماعةً وأفراداً. وهو واقع لا بد من ادراكه أولاً على حقيقته. ثم العمل على ايجاد الحلول الناجعة والمناسبة له. وهذه الأمر آن يعود إلى أعضاء المجلس وليس إلى اللبنانيين وحدهم فهم الذين يحلّلون المشاكل التي يعاني منها اللبنانيون وبالتالي يقترحون الحلول المناسبة لها.
1 - يرى مجلس الأمن ضرورة للتذكير بمختلف قرارته السابقة حول القضية اللبنانية منذ العام 1978 حتى العام 2006 وعددها سبعة كذلك بيانات رئيس مجلس الأمن بشأن لبنان بين العامين 2000 و 2006 وعددها خمسة. بما يعني أنّ مجلس الأمن يولي اهتماماً خاصاً لوطن الأرز.
2 - يعرب المجلس عن بالغ قلقه للأحداث التي حصلت بين لبنان واسرائيل في تموز 2006 وما خلفته من تشريد وأضرار، مؤكداً على مبدأ انهاء أعمال العنف بين البلدين واطلاق المخطوفين وتسوية مسألة السجناء.
3 - يرحب المجلس ببرنامج الحكومة اللبنانية في سبع نقاط وفيه تلتزم ببسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية باعتبارها السلطة الوحيدة الشرعية فوقها. كما يرحب المجلس بالتزام الحكومة اللبنانية بنشر قوة للأمم المتحدة في لبنان مع ما تحتاجه من عدة وعدد ونطاق للعمليات مع انسحاب فوري للقوات الاسرائيلية من لبنان وذلك في أسرع وقت ممكن، مع قرار من الحكومة بإرسال خمسة عشر ألف جندي لبناني إلى الجنوب تنتشر بمساعدة قوات الأمم المتحدة خلف الخط الأزرق.
4 - يشير المجلس بشكل عام من دون الدخول في التفاصيل إلى اشكالية مزارع شبعا وذلك ضمن خطة الحكومة الجديدة. وهي اشكالية يمكن- بل ينبغي اختصارها علمياً كما يلي: إنّ مزارع شبعا كانت جزءاً من الكيانية اللبنانية في اتفاق بوليه- نيوكمب عام 1923. ولكن السوريين احتلّوها في الحرب مع اسرائيل في الأربعينات. ولم يخرجوا منها ووضعوا حدوداً جديدة لمنطقة مزارع شبعا بعد ذلك واستفادوا من سطحية، كي لا نقول أكثر، بعض المسؤولين اللبنانيين لكي ينقلوا خط الحدود بين لبنان وسوريا واسرائيل في الثلث الممتد من خط الزلقه إلى جبل النشبة إلى جبل الصيرة إلى المثلث. نقلوه إلى خط الزلقه جبل الروس جبل السمّاق وصولاً إلى الزهراني مما جعل مزارع شبعا وفق الخريطة السورية داخل الأراضي السورية. هذا مع العلم أنّ اللواء جميل السيّد عمل خلال وجوده في ادارة الأمن العام اللبناني على ايجاد خط حدود وسط يمر في المنتصف على خط مجرى وادي العسل وهذا الخط المعتمد حالياً في الخريطة الرسمية اللبنانية ولكنه ليس كذلك بالنسبة لسوريا وفي الأمم المتحدة وبالنسبة لاسرائيل أيضاً.
5- يعترف مجلس الأمن في سياق توصيفه للوضعية اللبنانية بأمر مهم جداً وهو أنّ الحالة في لبنان تشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليّين. هذا يعني بصريح العبارة أنّ لبنان يمكن أن يتحوّل إلى صاعق أمني يهدد الأمن والسلام الدوليين. وبالتالي لا بد من تدارك مخاطر هذا الأمر والعمل على تجنبه.
ثانياً، المطلوب من لبنان والمعنيين به: الحلول
اذا كانت هذه الأمور والتحدّيات مطروحة على لبنان واللبنانيين فما هو المطلوب منهم؟ وما هو المطلوب من القوى الدوليّة والمؤسسات الدولية أن تفعل من أجل انقاذ لبنان مما يتخبّط فيه من مشاكل؟ جواب مجلس الأمن واضح ومحدد ومفصّل بأمور يطالب بها ويؤكدها:
1 - أول ما هو مطلوب في لبنان الدعوة لوقف اطلاق النار، على أن يكون هذا الوقف دائماً وليس مرحلياً وعلى أن لا يكتفي بالحلول العارضة والمؤقتة بل أن يتوج بحلّ شامل للصراع. يصفه المجلس بحل طويل الأجل.
2 - بعدها يدعو المجلس الحكومة اللبنانية الى نشر قواتها في جميع أنحاء جنوب لبنان. كما يطالب اسرائيل بسحب قواتها من جنوب لبنان.
3 - من أهم ما ينص عليه القرار والجميع معنيون به الآن في الجنوب وحوله هو قوله: «يؤكد المجلس أهميّة بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفق أحكام القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006) والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف وأن تمارس كامل سيادتها حتى لا تكون هناك اي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان».
4 - يذكّر المجلس ويؤكد من جديد احترامه الكامل لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً حسب وروده في اتفاق الهدنة بين لبنان واسرائيل في 23 آذار عام 1949.
5 - يدعو المجلس لبنان واسرائيل إلى دعم دائم لوقف اطلاق النار وحل طويل الأمد بينهما طبقاً لجملة مبادئ:
• الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كلا الطرفين.
• انشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من الأسلحة والمسلّحين إلا الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة .
• منع بيع الأسلحة والمعدات إلى لبنان إلا ما تأذن به الحكومة.
6 - يأذن المجلس لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان باتخاذ ما يلزم من اجراءات في مناطق انتشارها لمنع قيام اية أنشطة من أي نوع تسعى لمنعها من القيام بواجباتها بما في ذلك كفالة أمن وحرية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الانساني.
7 - يطلب إلى حكومة لبنان منع دخول اسلحة عبر الحدود دون موافقتها على أن تساعدها قوات الأمم المتحدة في ذلك في حال قدمت اليها طلباً بذلك.
في الخلاصة، هذه بعض مندرجات القرار رقم 1701 الذي يجري الحديث عنه في هذه الأيام باعتباره محور العملية السياسية ليس في لبنان فقط بل على صعيد دولي أيضاً، وهو ما يعكسه موضوع التمديد لقائد الجيش اللبناني… إن فيه الكثير مما يفيد لقومٍ يعقلون!
نداء الوطن