"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

نعيم قاسم ومعادلة "نصف استسلام"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024

من كانت في نظر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم “أهون من بيت العنكبوت” أصبحت اليوم “الوحش الهائج”( خطاب 7 آذار 2023 الذي استوحاه -بقلب “أوهن” الى “أهون”- من شعار الراحل حسن نصرالله)

لم يكن للكلمة المسجلة التي ألقاها نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم سوى هدف واحد: طلب وقف إطلاق النار على أساس نهاية “حرب الإسناد”.

في الكلمة السابقة، كان قاسم قد قال إنّ “حزب الله” يدعم الجهود التي يبذلها “الأخ الأكبر” نبيه بري من أجل التوصل الى وقف النار، لكنه لم يطلب ذلك مباشرة، ولم يُشر أبدًا الى وضعية العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، في وقت سارعت فيه “المقاومة الإسلامية في لبنان” إلى إصدار بيان لاحق لكلام قاسم عاهدت فيه غزة على مواصلة “حرب الإسناد”.

هذه المرة، تغيّر الشكل والمضمون معًا. قاسم طالب صراحة بوقف إطلاق النار، ووَضَع حدًا لشرط التزامن مع غزة. هو لم يدعم مساعي “الأخ الأكبر” واتصالاته، فحسب، بل واكبه بإعلان مطلب “حزب الله” الواضح والصريح بذلك، أيضًا!

نبيه بري كان في الواقع قد خفف سرعته، في وقت سابق، إذ إنّ ما سمعه من وزيري “حزب الله” في الحكومة ومن تواصله “غير المباشر” مع نعيم قاسم لا يتلاقى مع مضمون ما يصدر عن “المقاومة الإسلامية في لبنان” التي تبقى، مهما قال هذا أو ذاك، هي صاحبة الكلمة الفصل في “حزب الله” لأنّها “الإمتداد الحقيقي” لإرادة صاحب كلمة الفصل، أي مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي.

كلمة نعيم قاسم جاءت لتحسم هذا “الغموض غير البناء”.

قال: “منذ 17 أيلول حتى الآن نحن في مرحلة جديدة اسمها مواجهة العدوان والحرب الإسرائيلية على لبنان ولم نعد في مرحلة المساندة”.

وتابع:” أقول للجبهة الداخلية( في إسرائيل) إنّ الحل هو بوقف إطلاق النار وبعد وقف إطلاق النار، بحسب الاتفاق غير المباشر، يعود المستوطنون إلى الشمال”.

إذًا، وافق المسؤول الأوّل في “حزب الله”- أقله حتى تاريخه- على خارطة الطريق التي سبق أن طرحها الأميركيون والفرنسيون، وقبلها لبنان وغضت إسرائيل الطرف عنها.

المقدمات والنهايات- بكل ما تحتويه من “مرجلات”- لم تكن في الواقع سوى محاولة لتجميل ما يمكن إدراجه في خانة “نصف استسلام”. هذا التجميل بدأ بالتخفيف من قيمة دخول الجيش الإسرائيلي الى الخط الحدودي الأوّل، الأمر الذي كسر ما سماه “معادلة الحافة الأمامية”، على اعتبار أنّ مهمة المقاومة، كما قال، ليست في منع العدو من تجاوز الحدود، بل في الانقضاض عليه عندما يصبح داخلها. وهذا التجميل استمر من خلال إعطاء قيمة استراتيجية مرتفعة جدا، لتوجيه صواريخ الى حيفا وتل أبيب في سياق ما سماه “معادلة إيلام العدو”. ولم يخلُ هذا التجميل من التذكير بأنّ “حزب الله” قاوم ما كان قد طُلب منه سابقًا بخصوص التراجع عن الحدود ووقف إسناد غزة، الامر الذي أدى الى نشوب الحرب التي كبدته، حتى تاريخه، خسائر مؤلمة.

ولكن هذا التجميل لم يخلُ من تمرير مبررات قوية تجعل من “نصف الإستسلام” حكمة: تحدث عن رعاية الشيطان الأكبر لإسرائيل، وأشار الى أخطار استمرار الحرب بحيث يمكن أن توصل الى إقامة الشرق الأوسط الجديد، من دون أن ينسى إفهام بيئته أن “حزب الله” يريد أن يبقى في المعادلة الداخلية اللبنانية ضاغطا على قلب من يتمنون التخلص منه، ولم يتردد في توصيف الحالة الراهنة لإسرائيل بأنّها مثل “وحش هائج لا يتحمل أن تمنعه المقاومة من تحقيق أهدافه”!

هذا “الوحش” الذي يطارد كوادر “حزب الله” أينما حلّوا، ويرد على مصادر النيران بقوة لا مثيل لها، كما يحصل في الغارات على البقاع، من حيث يعتقد بأنّ الصواريخ الباليستية تنطلق، ويصر على مناورته البرية بحيث يعمد الى تفتيش القرى والبلدات الحدودية التي يدخلها، مترًا مترًا.

من دون شك، يُلاقي ما انتهى إليه الشيخ نعيم قاسم تمنيات كثيرين في لبنان والمنطقة، ولكنّ المشكلة تكمن في أنّ هذا “التسليم” بالحل تقادم عليه الزمن، إذ إنّه كان يصلح لمرحلة ما قبل السابع عشر من أيلول، ولكنّه الآن، تخطاه الزمن ف”الشيطان الأكبر” و”الوحش الهائج” أصبحا في مرحلة أخرى، حيث لا مكان لمعادلات “حزب الله” فيها!

ولذلك، فعلى “حزب الله” أن يفعّل أكثر فأكثر معادلة “إيلام العدو”، في مقابل إيجاد وسيلة تحول دون السماح لنيوب هذا العدو من مواصلة… “التهامه”!

المقال السابق
نتنياهو يبلغ ماكرون في ظل "جدال حول الأمم المتحدة": لن نقبل بأن يعود حزب الله الى ما كان عليه
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

حزب الله وحكمة...الفيروسات!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية