"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

ميقاتي يلفت انتباه إسرائيل!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الخميس، 27 يونيو 2024

بصدق، لولا المتابعة اللصيقة للصحافة الإسرائيلية، لما انتبهتُ لأحدث ما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن الجبهة الجنوبية، إذ إنّ حالي مثل حال كثيرين ممّن توقفوا عن الاهتمام بما ينطق به ميقاتي الذي وضع نفسه، بشكل مبكر جدًا، تحت راية “حزب الله”، بحيث رمى، وراء ظهره، الدستور الذي طالما زايد في شأن وجوب احترامه عندما كان أحد أركان “نادي رؤساء الحكومة” الموءود، وحرص حصرًا على نفسه وموقعه ومصالحه، لا أكثر ولا أقل.

وقد كان لافتًا للإنتباه أنّ المحللين الإسرائيليّين اهتموا بآخر مواقف ميقاتي، على اعتبار أنّها دليل على أنّ التهديد باستهداف الدولة اللبنانية وبناها التحتية، في أي حرب واسعة يمكن أن تشنّها إسرائيل ضد “حزب الله”، يمكنها أن تشكّل عامل ردع، لأنّ التعرّض لهذه الدولة اللبنانية التي يسيطر عليها هذا الحزب، من شأنها أن ترفع مستوى خسائره على امتداد البلاد الأرز، بحيث يتم التعامل مع أمينه العام حسن نصرالله الذي يقدم نفسه حاميًا للبنان، على أساس أنّه ليس أكثر من “جلّاب كوارث”.

وبالعودة الى موقف ميقاتي الذي اهتم به المحللون الإسرائيليّون، تبيّن أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال وخلال استقباله أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، قال الآتي:” ما يجمعنا مع الكرسي الرسولي أولويات عدة منها انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والسعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقا من الجنوب ، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وذلك من أجل وضع حد لأطماع اسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي”.

ومنذ الثامن من تشرين الأول الماضي، لم يتخذ ميقاتي أيّ موقف يحاول فيه النأي بلبنان عن أفعال “حزب الله”. مرة واحدة، حاول أن يتبرّأ من الحرب التي ورط الحزب بها لبنان، بقوله إن قرار الحرب والسلم في لبنان ليس بيده أو بيد الحكومة اللبنانية، ولكنه سرعان ما تراجع، بعدما وصله، بالبريد المعتمد، غضب الحزب منه.

في الموقف الأخير الذي لفت انتباه المحللين في إسرائيل، تعاطى ميقاتي مع “حزب الله” بطريقة أشبه بتعاطي البطريرك الماروني بشارة الراعي معه، بحيث اعتبره خطرًا على لبنان، من خلال توريطه في ساحة للنزاعات المسلحة وإقحامه في صراعات بالغة التعقيد وتعريضه لمخاطر الإنزلاق في حروب لا تنتهي، معتبرًا أنّ الحل يكمن في تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة.

وللمرة الأولى، وتحت مظلة الفاتيكان، يمكن للبنانيين أن يجدوا أن ميقاتي عاد الى سياسة النأي بلبنان عن صراعات المنطقة وحروبها، وتذكر ما سبق أن تعهد به في “إعلان بعبدا” الذي لم يصر الرئيس ميشال سليمان على إبقاء “ذكره مؤبدًا”!

ولكن، هل يمكن الرهان على موقف ميقاتي هذا؟ هل هو نتاج الرسائل الخطرة التي أوصلتها إسرائيل الى الدولة اللبنانية، بتكرار مشاهد غزة في لبنان؟ هل تمّ التنسيق في شأنه مع “المرشد السياسي” لميقاتي، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ أم هو يأتي على قاعدة “لكل مقام مقال”، في محاولة من ميقاتي لاسترضاء حاضرة الفاتيكان حتى تضفي عليه شرعية يحتاجها، وهو يصرّف أعمال رئيس الجمهورية الماروني، مع حكومة تعاني من اضطرابات دستورية ومشاكل مع “الشرعية المسيحية”، بالتعاون الوثيق مع فريق يحول دون إجراء انتخابات رئاسية؟

بغض النظر عن أهداف ميقاتي، وعن طريقة تلقف إسرائيل له، فإنّ أهمية موقف ميقاتي، تكمن في أنّ غالبية المكوّنات السياسية في لبنان، مقتنعة، ضمنًا، بأنّ “حزب الله” قوة توريطية للبنان وصاحب أجندة خارجية ولا يعير انتباهًا لمصالح البلد الذي يعمل فيه لأنّه مجرد لاعب في حروب الآخرين وصراعاتهم!

المقال السابق
نتنياهو و"الهدف الايراني"
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

"مشوار رايحين مشوار"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية