حوّل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله المؤتمر الصحافي الذي دعا اليه الى منبر لإلقاء خطاب جال فيه على شوارد الأمور وغواربها، من دون أن يتوقف لحظة واحدة على ألف سؤال وسؤال تتصل بالغموض المرافق لمصير شخصيات محورية في الحزب وبما يحكى عن تعيينات إيرانية لإدارة “المقاومة الإسلامية في لبنان”. أهمل الحد الأدنى من أصول المؤتمرات الصحافية، في وقت راح يجرم فيه الإعلام اللبناني ويعلمه أصول التغطية الإخبارية ومفاهيم الإنتماء الوطني!
عقد مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” محمد عفيف مؤتمرا صحافيا على طريق المطار قرب “الغولدن بلازا”، استهله بالقول: “كان من المقرر أن يعقد هذا اللقاء الصحافي صباح هذا اليوم، في قاعة المكتبة الوطنية، بعد جولة على وزير الاعلام ورئيس المجلس الوطني للإعلام ووزير الثقافة، وقد تم نقله إلى هنا لاسباب لوجستية ولما لها من رمزية. وكنت قد عزمت أن أجري معهم نقاشا حول أداء المؤسسات الإعلامية اللبنانية والإعلاميين اللبنانيين وبعض من يصطلح عليه في وسائل التواصل الاجتماعي بالناشطين، وكيف أن الساحة الإعلامية مفتوحة على مصراعيها للهواء الإسرائيلي السام دون قيود ولا ضوابط في غياب القوانين أو في غياب تنفيذ القوانين”.
اضاف: “أغتنم هذه الفرصة لأشيد بالإعلاميين اللبنانيين الصامدين في الجنوب خاصة الذين ينقلون حقيقة الوضع الميداني إلى الشعب وإلى العالم، وينقلون جرائم العدو ضد المدنيين والمنشآت المدنية في كل مكان من لبنان لا سيما في الضاحية الجنوبية، وأشيد خاصة بعدد من الصحافيين الأحرار العرب والأجانب والموجودين بيننا في عمق الحرب والمأساة، والذين يشاركوننا الألم والأمل، وحكاية المقاومة والصمود”.
وتابع: “لن تفوتني المناسبة لإجراء مقارنة سريعة بين الرقابة العسكرية الإسرائيلية المتشددة على وسائل الإعلام في كيان العدو بما فيها كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية المتعاطفة صراحة مع العدو، ومع ذلك فهي لا تتجرأ حتى على انتقاد الرقابة العسكرية نفسها فضلا عن أن تقول للعدو كفى إن روايتك وسرديتك كاذبة، أنت تقتل مدنيين وتعتدي على بلد وتدمر حياة واقتصادا وبنية تحتية، أما عندنا أي البلد الواقع تحت العدوان، فمن المؤسف أن بعض وسائل إعلامنا تنقل الخبر الإسرائيلي دون تدقيق، وتصدق الرواية الإسرائيلية دون تمحيص مهني، وتتبنى قراءته وسرديته عن الوقائع الميدانية أو عن القصف العدواني، وتنقل وسائل الإعلام اللبنانية مباشرة على الهواء تهديدات رئيس أركان العدو أو الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال وتساهم بنشر المزيد والمزيد من أخباره وصوره وتعليقات إعلامه في إطار الحرب النفسية للعدو ضد المقاومة وضد لبنان، فضلا عن التحريض المتواصل ضد المقاومة وأبنائها وحلفائها”.
وقال: “إن الحكومة مع الأسف، لا تتحرك ولا وزارة الإعلام ولا المجلس الوطني للإعلام، والذريعة دائما هي حرية الإعلام، فهل الحرية حتى في بلاد الحريات العامة بلا قوانين، وهل من المنطقي أن يعمد من يسمى زورا بالناشطين أو الإعلاميين إلى أن ينشر أسماء قرى معينة ويقول ان فيها مسؤولين من المقاومة أو بيوتا فيها سلاح وذخائر ويحرض العدو على قصفها. هل الحرية الإعلامية أن يتم التحريض على المستشفيات وفرق الإغاثة في الدفاع المدني وسيارات الإسعاف؟ هل يتم التحريض الاستباقي وخلق ذريعة للعدو لحصول مجزرة مستشفى معمداني آخر؟ أين وزير العدل، والمدعي العام، والقضاة المختصون، ومكتب جرائم المعلوماتية؟“.
اضاف: “أغتنم هذه الفرصة وحضوركم الكريم لأقول التالي: يواصل العدو قصف الضاحية الجنوبية ولا تهدأ الغارات العنيفة فوقها لتطال مبانيها وبيوت مواطنيها، إنها غريزة القتل والوحشية ليس إلا، أما الذرائع الواهية بوجود مخازن أسلحة فلم تعد تنطلي على أحد، إلا أنه لا يوجد مؤسسات دولية تراقب أو تحاسب، ولا رأي عام دولي له وزن أو تأثير. يقصف الضاحية بالصواريخ الموقوتة التي تنفجر بعد انتهاء الغارات من أجل الإيهام بمخازن أسلحة وتضليل الرأي العام، ويمنع عمليات الإنقاذ للمحتجزين تحت الركام، كما يفعل في منطقة المريجة، ويقصف المسعفين وسيارات الإسعاف ويمنع آليات وزارة الأشغال من سد الحفرة على طريق المصنع بتواطؤ وضغط أميركي خبيث تقوده السفيرة الأميركية في عوكر، إنها جريمة ضد الإنسانية ولكن في ظل الهيمنة الأميركية على العالم، من سيحاكم من في الجرائم ضد الإنسانية؟ إن العدوان على بيروت العزيزة بالأمس وأهلها وأهلنا ونحن جزء أصيل منها، هو استكمال لجرائمه المدانة في سائر أنحاء الوطن، والتي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين تحت ذرائع واهيّة وكاذبة اختلقها ليبرر جريمته الجديدة، لأن هدفه الأصلي هو القتل والتدمير”.
وتابع: “إن العدوان على قوات الأمم المتحدة في الجنوب ومقراتها ومنشآتها عمل مدان، غير أننا نسأل عن تصرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إزاء هذا العدوان الخطير إلا ببعض بيانات الإدانة الخجولة. إن هذا التصرف يؤكد أن العدو لا يسأل لا عن قرارات دولية ولا عن قوات دولية. ألم يقم مندوب الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة علانيّة في قاعة الجمعية العامة وأمام أعضائها الذين لم يحركوا ساكنا؟ هل لنا أن نتذكر أن جمعا من مواطنينا المدنيين قتلوا تحت خيمة الأمم المتحدة وعلمها الأزرق في مجزرة قانا عام 1996. إن ما يردع هذا العدو عن جرائمه هو القوة والمقاومة وليس المجتمع الدولي ولا القرارات الدولية”.
واردف: “قلت في الجولة الإعلامية في الضاحية الجنوبية قبل عشرة أيام، ان ضرب تل أبيب ليس سوى البداية وما حصل في الأيام الماضية في حيفا وفي جوارها يؤكد أننا ما زلنا في البداية، وللعدو أقول: لم تر بعد إلا القليل من ضرباتنا”.
وقال: “في الوضع الميداني لا سيما على الجبهة الجنوبية فإن المقاومة بخير، وتدير حقل رمايتها وتوقيت صلياتها بما يتناسب مع قراءتها للميدان وظروفه الموضوعية، مخزونها الاستراتيجي بخير. الآلاف من المقاتلين الاستشهاديين الكربلائيين في ذروة الجهوزية وأعلى درجات الاستعداد دفاعا عن لبنان، وجاهزون للقتال الضروس ثأرا لدم شهيدنا الأقدس”.
اضاف: “العدو عاجز حتى الآن برغم استقدامهم للمزيد من الفرق والألوية ومن بينها قوات النخبة عن التقدم برًا إلا في حالات محددة، ولا تزال دباباته تتموضع في الخلف ولا تجرؤ على التقدّم، وإذا سمعتم أو شاهدتم بعض جنود العدو في هذه القرية أو تلك أو صورا قديمة أو جديدة عن هذا النفق أو ذاك فلا تقلقوا ولا تضعف معنوياتكم، ذلك أن المقاومة لن تخوض دفاعا موضعيا ثابتا بل دفاعا مرنا متوافقا مع متطلبات الجبهة، ومع ظروف كل بقعة فيها، تنصب له الكمائن وتشرك العبوات وتنفذ الالتفافات وتتنقل بمرونة عالية من الدفاع إلى الهجوم وتلحق به أفدح الخسائر وقد بدأ بالاعتراف بها تدريجيا ودفعته مرارا وتكرارا إلى الانكفاء وإعادة تقييم وضع الجبهة الذي خالف حساباته وتقديراته. ومع ذلك أحب أن أقول لكم ان المقاومين يرفضون الانسحاب من المواقع التي نعتبرها ساقطة عسكريا ولا جدوى من الدفاع عنها”.
وتابع: “يدور الكثير من الكلام على شاشات التلفزة والصفحات الأولى وكواليس السياسة عن استعجال النتائج السياسية في الداخل اللبناني، وقد كان نتنياهو صريحا في ذلك لدى حديثه مع الرئيس الفرنسي، وهذا ما بدأ يتكشف تباعا عن النوايا الأميركية الحقيقية تجاه لبنان وتعكس بعضه الصحافة الأميركية، وقد لاقاهم بعض السياسيين المحليين وطفت على السطح عبارات مقززة، ومصطلحات قبيحة لا داعي لذكرها الآن وهنا أود أن أقول:
أ- إن المعركة مع العدو لا تزال في بداياتها الأولى بكير بكير بكير كتير الحديث عن الاستثمار السياسي، فلا تستعجلوا ولا تحرقوا أصابعكم أو أنكم لم تتعلموا أبدا دروس الماضي، وتذكروا دائما أن الإسرائيلي لا يعمل عندكم أبدا بل يعمل لمصالحه وحدها”.