اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأحد، النظام السوري، باستخدام ذخائر عنقوية محظورة على نطاق واسع الشهر الماضي، في هجوم شنه على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا.
وقالت إن “هجوما بذخائر عنقودية محظورة على بلدة ترمانين شمالي إدلب، في 6 تشرين الأول 2023، قتل مدنيَّيْن وجرح 9 آخرين. وفي اليوم التالي، التقط صبيّ عمره 9 سنوات وحدة ذخيرة لم تكن قد انفجرت عند ارتطامها بالأرض أثناء الهجوم، فانفجرت وأصابته هو واثنين آخرين بجروح”.
وكان هذا الهجوم جزءًا من حملة عسكريّة أكبر للنظام السوري والقوات الروسيّة على شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، بدأت في 5 تشرين الأوّل وشملت حتى 27 تشرين الأوّل أكثر من “2300 موقع” في أنحاء إدلب وغرب حلب.
وتسببت الحملة في مقتل أكثر من 70 شخصا، منهم ثلاثة عمّال إغاثة و14 امرأة و27 طفلا، وإصابة 338 آخرين، ونزوح 120 ألف شخص جديد، وفقا لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة” (أوتشا).
وتُطلق الذخائر العنقودية من الأرض بالصواريخ والقذائف المدفعية، وتُلقى من الطائرات. وعادة ما تتفرّق في الجوّ وتنشر العديد من الذخائر الصغيرة عشوائيا على مساحة بحجم مربّع سكني في مدينة. والعديد من هذه الذخائر لا تنفجر عند ارتطامها بالأرض، فتتحوّل إلى ما يُشبه الألغام الأرضيّ ة، التي يُمكن أن تقتل الناس وتشوههم، وتدوم لسنوات أو عقود ما لم يتمّ تطهيرها وتدميرها.
وقالت المنظمة إنها تحققت من صورة أطلعها عليها الدفاع المدني السوري وحددت موقعها، وهي لبقايا صاروخ أوراغان مغروسة في الأرض على رصيف بجانب مدرسة للبنين في ترمانين.
في منشور على صفحتها على “فيسبوك” بتاريخ 10 تشرين الأوّل شاركت المدرسة صورا للدفاع المدني السوري وهو يبحث عن بقايا ذخائر عنقوديّة حول مبنى المدرسة.
تُظهر صور البقايا التي أزالها الدفاع المدني بعد الهجوم ذخائر صغيرة متشظية من نوع “9إن235” (9N235) أو “9إن235” (9N210) منتشرة على الأرض. يبلغ مدى صاروخ أوراغان من طراز 9M27K بين 10 و35 كيلومتر، ويحتوي على 30 ذخيرة صغيرة من نوع 9N235 أو 9N210، بحسب المنظمة.
وقالت الأمم المتحدة إنّ الهجمات، التي استخدمت أحيانا أسلحة حارقة، ألحقت أضرارا أيضا بالخدمات والبُنى التحتيّة الضروريّة، مثل المنشآت الصحيّة والمستشفيات و17 مدرسة.
وتُصمّم الأسلحة الحارقة لإشعال الحرائق، وقد تتسبب بحروق مؤلمة للغاية، عادة ما تصل إلى العظام، وإشعال النار في الأشياء والبُنى التحتية والأجساد، ولها عواقب بدنيّة واجتماعيّة شديدة وطويلة الأمد.
واعتبر نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، آدم كوغل، أن استخدام القوّات الحكوميّة السوريّة الذخائر العنقوديّة أثناء قصفها المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة “يُثبت العشوائيّة المأساويّة لهذه الأسلحة وآثارها المدمّرة والمزمنة. في خضمّ هذا القصف المستمرّ من قبل القوات السوريّة والروسيّة، يقع أطفال إدلب مجددا ضحيّة أعمال عسكريّة قاسية وغير قانونية”.
وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، باولو بنييرو، أمام الجمعيّة العامة في 24 تشرين الأوّل الماضي: “نحن نشهد أكبر تصعيد للأعمال العدائيّة في سوريا منذ أربع سنوات. لكن مرّة أخرى، يبدو أنّ هناك تجاهلا تاما لحياة المدنيين في الأعمال الانتقامية التي تحصل في كثير من الأحيان”.
وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.