حذر باحثون من أن المتعافين من سرطان الثدي معرضون لأخطار متزايدة للإصابة بأورام جديدة أخرى في أجزاء مختلفة من الجسم.
وأشار خبراء من جامعة كامبريدج، الذين درسوا بيانات ما يقرب من 600 ألف شخص في إنجلترا، إلى أن الوراثة تلعب دوراً في زيادة خطر الإصابة بسرطانات أخرى، ولكن الانتماء إلى مجتمعات فقيرة والمعاناة من السمنة والإكثار من شرب الكحول له أيضاً دور في ذلك.
وعلى رغم المعرفة المسبقة بأن المتعافين من سرطان الثدي معرضون لأخطار أكبر للإصابة بسرطانات أخرى، إلا أن الخطر الحقيقي كان لا يزال غير واضح حتى الآن.
كما قامت الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة “لانسيت للصحة الإقليمية - أوروبا” Lancet Regional Health – Europe بحساب الأخطار، وكشفت عن أن النساء اللواتي ينجون من سرطان الثدي يواجهن خطراً مضاعفاً للإصابة بسرطان في الثدي السليم الآخر مقارنة مع عامة السكان. كذلك، يواجهن زيادة بنسبة 87 في المئة للإصابة بسرطان غشاء الرحم، وزيادة بنسبة 58 في المئة للإصابة بسرطان ابيضاض الدم النقوي، وزيادة بنسبة 25 في المئة للإصابة بسرطان المبيض.
كذلك وجدت الدراسة أن النساء اللواتي يشخصن بسرطان الثدي قبل سن الـ50 يكون لديهن احتمال أكبر بنسبة 86 في المئة للإصابة بسرطان جديد آخر مقارنة بعامة السكان من الفئة العمرية نفسها، في حين أن النساء اللواتي يشخصن بعد سن الـ50 أكثر عرضة بنسبة 17 في المئة.
ولفت الباحثون إلى أن الطفرات الجينية BRCA1 وBRCA2، التي من المعروف أنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي المبكر وسرطان المبيض، قدمت تفسيراً جزئياً لهذه النتيجة.
أيضاً وجدت الدراسة أن النساء اللواتي ينتمين لأكثر المجتمعات فقراً كن بنسبة 35 في المئة معرضات أكثر للإصابة بسرطان آخر مقارنة باللواتي يعشن ضمن المجتمعات الأقل فقراً. كما تبين أن النساء اللواتي ينتمين لأكثر المجتمعات فقراً يواجهن أخطاراً متزايدة للإصابة بأنواع متعددة من السرطان، بما في ذلك سرطان الرئة والكلى والرأس والعنق والمثانة والمريء والمعدة.
وقدم الباحثون تفسيرهم للأمر بالقول “يمكن تفسير ذلك بارتفاع معدلات انتشار التدخين والسمنة واستهلاك الكحول بين الفئات الأكثر حرماناً، إذ إنها عوامل خطر ثابتة لهذه السرطانات”.
واعتمدت الدراسة على مجموعة بيانات من السلطة الوطنية لتسجيل السرطان لأكثر من 580 ألف امرأة وأكثر من 3500 رجل شخصوا في الفترة ما بين عامي 1995 و2019.
وقالت مديرة المعلومات الخاصة بالسرطان في “مؤسسة بحوث السرطان في المملكة المتحدة” كاترينا براون، Cancer Research UK “هذه الدراسة تظهر لنا أن مدى خطر الإصابة بسرطان آخر لدى الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان الثدي، وهذا يمكن أن يتفاوت وفقاً للخلفية الاجتماعية والاقتصادية لشخص ما”، مضيفة “ومع ذلك، يتطلب الأمر إجراء مزيد من البحوث لفهم ما يقف وراء هذا الاختلاف وكيفية التصدي لهذه التفاوتات الصحية”.
وكشفت الدراسة أيضاً عن أن المتعافين من سرطان الثدي لدى الرجال كانوا أكثر عرضة بنسبة 55 مرة مقارنة مع السكان الذكور للإصابة بسرطان في الثدي الآخر، على رغم أن الخطر العام كان متدنياً للغاية. وكان متعافو سرطان الثدي لدى الرجال أكثر عرضة بنسبة 58 في المئة مقارنة مع السكان الذكور للإصابة بسرطان البروستاتا.
من جانبه، أشار البروفيسور أنطونيس أنطونيو، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة إلى أن “هذه الدراسة هي الأكبر حتى الآن التي تنظر إلى خطر الإصابة بسرطان آخر لدى ناجي سرطان الثدي”.
وأبدى رأيه أيضاً الدكتور سايمون فنسنت، مدير قسم البحوث والدعم والتأثير في المؤسسة الخيرية “بريست كانسر ناو” Breast Cancer Now بالقول “هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لفهم أسباب الإصابة بالسرطان مرة أخرى في أجزاء أخرى من الجسم بشكل كامل، وتحديد الخطوات التالية المناسب ة لمتابعة العلاج بعد الانتهاء منه في المستشفى لسرطان الثدي الأولي”.
وأوصى الدكتور سايمون بالتواصل مع الفريق المعالج الخاص بهم، أو طبيبهم العام، أو خط المساعدة المجاني للمؤسسة الخيرية “بريست كانسر ناو”، لأي شخص يشعر بالقلق حيال أي تغيرات جديدة أو غير عادية في الثدي.