"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

متى تُبادر السعوديّة...رئاسيًّا؟

فارس خشّان
الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

متى تُبادر السعوديّة...رئاسيًّا؟

لم تعد هناك قدرة في لبنان على انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة وفق معادلة “لا غالب ولا مغلوب”، إذ إنّ القوى المعنيّة بهذا الإستحقاق الدستوري المحوري ألزمت نفسها بتوجّهات لا بدّ من التراجع عن بعضها، من أجل فتح الطريق المسدود أمام وصول العملية الإنتحابية الى قصر بعبدا.

ولم يكتفِ “الثنائي الشيعي” بفرض مرشح وحيد للرئاسة هو رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجيّة بل اشترط ، أيضًا أن يكون “الحوار الوطني” هو المفتاح الوحيد لتلك لأقفال التي يوصد بها أبواب قاعة الإنتخابات.

في المقابل، رفضت القوى المناوئة ل”الثنائي الشيعي” هذين الشرطين وأصرّت على أنّ الحلّ الوسط متوافر في الدستور اللبناني، إذ إنّ التوافق على رئيس الجمهورية يتم بنقاشات ثنائية تحصل بين دورة انتخابية وأخرى، وبموجب ما تقدّمه صناديق الإقتراع من معطيات، فتميّز بين المرشح المستحيل والمرشح الممكن.

وصمود هذه الشروط المتعارضة لأكثر من سنة، أي منذ بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يحل مكان الرئيس ميشال عون الذي انتهت ولايته في الحادي والثلاثين من تشرين الأول/ اكتوبر الأخير، رسّخها، وبات تراجع هذا الطرف أو ذاك عن “خطوطه الحمراء” يساوي الهزيمة.

ولا يوجد طرف في لبنان، في هذه المرحلة، يقبل بإلحاق هزيمة بنفسه، ف”الثنائي الشيعي” يضع نفسه في موقع استراتيجي لا يمكن التراجع عنه، لأنّه يهدف الى إبقاء لبنان في موقع “العمق الإستراتيجي” للجمهورية الإسلامية في إيران التي تواجه إسرائيل وفق استراتيجيّة “وحدة الساحات” الممتدة من غزة الى سوريا مرورًا بلبنان.

ويرفض “حزب الله” أن يكون للبنان رئيس لا يطمئن إليه، أي لا يخضع راضيًا لإملاءاته.

و”حزب الله”، وفق ما تؤكده شخصيات فرنسية عملت وتعمل على الملف اللبناني، لا يعير إنهاء الفراغ الرئاسي أيّ اهتمام، إذا لم يصب لمصلحته.

في المقابل، فإنّ القوى المناوئة ل”حزب الله” لا يمكنها أن تقبل بهزيمة جديدة أمامه، خصوصًا بعد تجربتها المرّة خلال ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ليس لأنّ “المسايرة الإستراتيجية” لهذا الحزب جرّت على البلاد والعباد الويلات فحسب، بل لأنّه، في المرحلة المقبلة على لبنان، سوف يحاول تكريس انتقاله نهائيًّا الى المحور الإيراني أيضًا، مع ما يعني ذلك من تغييرات في المعادلات الداخليّة وفي الثوابت الدستوريّة.

أمام هذا المأزق، كيف يمكن إخراج لبنان من “النفق المظلم”؟

لا يساور أحد شك في أنّ المساعي الفرنسيّة القائمة على معادلة “إرضاء الجميع” قد ولّى زمنها، حتى لو أصرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على المهمّة التي سبق أن أخذها على عاتقه، لأنّ ذهاب “مجموعة الخمسة” في الدوحة الى رفع المطلب السيادي، عقّد المهمة الفرنسيّة القائمة أساسًا على استرضاء الحزب الذي تستهدفه القرارات الدوليّة الخاصة بلبنان.

وفي هذا الوقت، يبدو أنّ الحراك القطري محفوف هو الآخر بالمخاطر، لأنّه يبدأ من حيث وصل الفرنسي: استرضاء الجميع!

و”استرضاء الجميع” لا بدّ من يأخذ مطالب “حزب الله” بالإعتبار، وهي مطالب تتناقض، أيضًا، مع ما ذهب إليه بيان “الخماسيّة” في الدوحة.

وإذا كان فريق “حزب الله” يمسك بالمجلس النيابي من خلال قدرته على منع انعقاده بأكثرية الثلثين، فإنّ الفريق المناوئ ل”حزب الله” بات يملك الأكثريّة المطلقة القادرة على انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة.

وهنا يظهر الدور السعودي المحوري في الإنتخابات الرئاسية، فاللقاء السني الذي عقده السفير السعودي في لبنان مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان وبعده الإحتفال الذي أقامه وليد البخاري في وسط بيروت، أظهر أنّ الرياض قادرة على التحكم بالأكثرية المطلقة في المجلس النيابي، بحيث يكفي أن ينضم النواب السنة الى “التحالف” الذي سبق أن انتخب جهاد أزعور، حتى يُحسم توجه الأكثرية المطلقة.

وهذا يعني أنّ كلمة الحسم الرئاسيّة تنتقل بهدوء الى عهدة المملكة العربية السعودية التي ترسّخ علاقتها الجديدة بالجمهورية الإسلامية في إيران.

الرياض لن تبادر حاليًا الى أيّ إجراء حاسم. هي تنتظر ما سوف تنتهي إليه الأوضاع في اليمن، وبعدها يمكن، كما سبق أن نقل أكثر من مصدر عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التركيز على ملف لبنان.

اللبنانيون الذين يوالون الرياض يولون ضماناتها الثقة المطلوبة، وهذه الثقة شرط لا بدّ منه لنجاح أي وسيط في إخراج لبنان من أخطر مآزقه!

نشر في “لنهار العربي”

المقال السابق
بعيد مواقف "اقتراب التطبيع".. وزير السياحة الإسرائيلي في السعودية

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

يديعوت أحرونوت: سئمت إسرائيل من "الاستنزاف"و"القفازات" وتدفع نصر الله إلى حرب شاملة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية