لم يتمكّن المشاهد بعد، وعلى الرغم من عرض تسع حلقات من مسلسل “ع أمل” من الربط بين “جينيريك” العمل الذي يُظهر راقصة الباليه يسار (ماغي أبو غصن) التي تبدو وكأنها لعبة يحرّكها كل من يحيط بها، وبين أحداث المسلسل الذي يُظهرها مذيعة واثقة من نفسها تحارب ذكوري ة المجتمع (الذي عانت ومازالت تعاني منها)، فتقرر تكريس حياتها لتبني قضية المرأة المعنّفة ورفع الظلم عنها والإضاءة على الجوانب المظلمة في المجتمع وذلك من خلال التركيز، ولو بشكل مبالغ فيه بعض الشيء على صورة “الرجل الجلّاد”، سواء كان زوجًا أو أبًا أو أخًا أو حتى ابنًا.
يعالج مسلسل “ع أمل” الذي يعرض خلال شهر رمضان على شاشة “إم تي في” ومنصّة “شاهد” مسألة العنف ضد النساء، بأسلوب جريء، ويعبّر عن الكثير من جوانب حياة المرأة الريفيّة وعاداتها وتقاليدها حيث لا تزال بعض القرى اللبنانية متمسّكة بها، كما الكثير من المجتمعات العربية.
وتجسّد ماغي، التي أصبحت جزءًا من “السباق الرمضاني الموسمي” شخصية المذيعة يسار الناجحة و الغامضة والمنبوذة ونصيرة المرأة، لكن الظروف تجبرها على مخالفة قناعاتها والكذب أحيانًا لحماية من تحبّ، وهي على الرغم من تناقضات الحالات التي تجسّدها، (الأم المتخفيّة بثوب الصديقة مع واحدة والميّتة مع الأخرى، والحبيبة المتنكرة بزي الزميلة)، لم تتمكّن ماغي لغاية الآن، من ملامسة مشاعرنا، فمشهد الدموع والبكاء مثلًا الذي أدّته على ابنتها ملاك (جوي حلاق) في المستشفى لم “يقنعنا” على الرغم من الخبرة والنضج اللتين “من المفترض” أن تتمتع بهما.
ولا بدّ من التنويه هنا إلى أهمية الدور الذي يعطيه المسلسل للإعلام وتأثيره الإيجابي في محاكاة المجتمع وإيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها، خاصة القضية الأنثوية، على الرغم من أنّ شخصية يسار بدت نسخة، قلبًا وقالبًا، عن شخصية المذيعة المصرية رضوى الشربيني، في برنامجها “هي وبس”، كما أن البرنامج الذي تقدّمه البطلة في المسلسل، لم يخرج عن الإطار الذي سبق للمسلسل المصري ” بين السطور” أن عالجه بحيث جاء اسمه على اسم البرنامج التلفزيوني الذي قدّمته بطلة العمل الرئيسية (صبا مبارك)، وهواجس ما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، لجهة الاستخفاف بالوقائع واللهاث وراء الشائعات.
مارلين نعمان (فرح)
واللافت في العمل الذي لا يخلو من القدرة على جذب المشاهد الأداء المتميّز والعفوي للفنانة ماريلين نعمان التي تجسّد دور فرح (الابنة المتخفيّة بدور الصديقة)، لما تنشره من إيجابية وفرح وحبّ للحياة، هي الموهوبة موسيقيًا في الحياة كما في المسلسل إذ سبقت وشاركت في برنامج “ذا فويس” بنسخته الفرنسية، لكنه في الوقت عينه تشوب المسلسل جملة من العيوب، فبعض الممثلات والممثلين على سبيل المثال لا الحصر، الذين يؤدون دور شخصيات ريفية لم يبرعوا، بأغلبيتهم، في إقناعك بأنّهم من أبناء الريف إذ إنّ لكناتهم “الأصلية” خانت اللكنات الريفيّة التي يجسّدونها.
“ع أمل” أن يكون الأداء في ما تبقى من حلقات أكثر إقناعًا لتجسيد قضية مهمة من قضايا المجتمع الشرقي، الذي يحاول اللحاق بركب “الأنثوية” المحلّق في كثير من المجتمعات الغربية.
وتشارك في العمل وجوه لها ثقلها في الدراما كبديع أبو شقرا ونقولا دانيال وعمار شلق وكارول عبود ونوال كامل والمثل السوري مهيار خضور وآخرون، وهو من تأليف ندين جابر وإخراج السوري رامي حنا وإنتاج جمال سنان.