"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

مساندة "حزب الله" ل"حركة حماس"أضرّت لبنان ولم تُفِد قطاع غزّة

فارس خشّان
الخميس، 16 نوفمبر 2023

مساندة "حزب الله" ل"حركة حماس"أضرّت لبنان ولم تُفِد قطاع غزّة

تأخذ الجبهة اللبنانيّة التي فتحها “حزب الله” ضد إسرائيل بهدف “مؤازرة” مقاومة “حركة حماس” والتنظيمات الحليفة لها في قطاع غزّة، حيّزًا صغيرًا جدًّا من اهتمام كبريات وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في العالم، تمامًا كالحيّز الذي تأخذه في الإهتمام السياسي والدبلوماسي الدولي، إذ إنّ أرفع موفد للبيت الأبيض إلى لبنان كان على مستوى مستشار حمل إلى “أصدقاء زمن الترسيم النفطي” معاني الكلمات القليلة التي يوجهها رئيسه جو بايدن، عبر المنابر، إلى “ملالي إيران” محذّرًا إياهم من مغبة تحويل الحرب على “حركة حماس” إلى حرب إقليميّة.

ولكنّ هذا الحيّز الضئيل نسبيًّا ينعكس سلبًا على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، إذ يتم تقديم ما يقوم به “حزب الله”، كدليل على أنّ “حركة حماس” ليست، بالمحصلة، سوى تنظيم يخدم “أجندة” الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، ولذلك تحاول أذرع إيران، أينما وجدت، أن تنصر “المقاومة الفلسطينيّة” بعدما شجعتها على القيام بالهجوم الصاعق في السابع من تشرين الأوّل( اكتوبر) ضد غلاف غزّة وسكانه.

إذن، إنّ ما سمّاه الأمين العام ل”حزب الله” في خطابه الأخير ب”جبهات المساندة” لا تخدم، إعلاميًّا ودبلوماسيًّا وسياسيًّا، أهدافها المعلنة، بل يبدو أنّ العكس صحيح!

ولكن ماذا عن المستوى الإسرائيلي، وهو بيت القصيد من “جبهات المساندة” هذه؟

إشترطت إيران وبعدها قادة “جبهات المساندة” في لبنان وسوريا والعراق واليمن لوقف هجماتها على إسرائيل أن توقف إسرائيل عملياتها البريّة في قطاع غزّة.

ومنذ قبل بدء هذه العمليات البريّة قادت الدبلوماسيّة الإيرانية حملة تحت هذا العنوان، محذرة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية من نفاد صبر “قوى المقاومة”.

تواصل القوات الإسرائيليّة عملياتها في قطاع غزّة غير آبهة إلّا بقدرات المقاومة الموجودة داخله، أي إنّها لا تخشى على نفسها لا من “حزب الله” ولا من “الحشد الشعبي” ولا من “انصار الله”

ولكنّ القيادة الإسرائيليّة، بدعم حقيقي من البيت الأبيض بدأت عمليّاتها وتستمر فيها.

ومن الواضح عملانيًّا أنّ القوات العسكريّة الإسرائيليّة التي جرى تخصيصها، منذ إطلاق إسرائيل لحرب “السيوف الحديديّة”، لقطاع غزّة لم تتأثر، بأيّ شكل من الأشكال، لا بالتصعيد على الجبهة اللبنانيّة ولا بالصواريخ الحوثيّة على إيلات ولا بالهجمات على القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق، فيما تولّت قوات إسرائيليّة اخرى هذه المهمّة “غير الضاغطة” في غالب الأوقات.

وتواصل القوات الإسرائيليّة عملياتها في قطاع غزّة غير آبهة إلّا بقدرات المقاومة الموجودة داخله، أي إنّها لا تخشى على نفسها لا من “حزب الله” ولا من “الحشد الشعبي” ولا من “انصار الله”.

الأدهى من ذلك أنّ لبنان الذي حوّل “حزب الله” منطقته الحدوديّة الى “جبهة مساندة” بات بحاجة الى مؤازرة، بحيث تعمل الدبلوماسيّة اللبنانيّة، على الرغم من سقوطها تحت رحمة “محور المقاومة”، على إقناع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر والجامعة العربية ومؤتمر القمة الإسلامي والدول المشاركة في “اليونيفيل” بالعمل لمنع إسرائيل من توسيع الحرب ضد كلّ لبنان.

وللمفارقة، فإنّه بعد أسابيع من فتح الجبهة اللبنانيّة، انقلب السؤال المحوري رأسًا على عقب، فبعدما كان يتمحور حول إمكان أن يوسّع “حزب الله” الحرب ضد إسرائيل بات يتركز على نقطة واحدة لا غير: هل توسّع إسرائيل استهدافاتها ل”حزب الله” على امتداد لبنان وصولًا الى بيروت؟

بعد أسابيع من فتح الجبهة اللبنانيّة، انقلب السؤال المحوري رأسًا على عقب، فبعدما كان يتمحور حول إمكان أن يوسّع “حزب الله” الحرب ضد إسرائيل بات يتركز على نقطة واحدة لا غير: هل توسّع إسرائيل استهدافاتها ل”حزب الله” على امتداد لبنان وصولًا الى بيروت؟

إنّ “جبهة المساندة” التي فتحها “حزب الله” من الجنوب اللبناني لم تفد “المقاومة الفلسطينيّة” بشيء ولكنّها، في المقابل، ألحقت أضرارًا كبيرة ستكون لها تداعيات كثيرة على لبنان، كما أنّ الخسائر المادية والبشريّة التي لحقت بإسرائيل، من خلال فتح الجبهة اللبنانيّة، لا تقارن بالخسائر الجسيمة التي لحقت بلبنان.

ولكنّ الخسائر على هذا المستوى لا تقارن بالخسائر المرتقبة، ف”حزب الله” أثبت أنّ الجيش اللبناني ومعه قوات “اليونيفيل” لم يقوموا بالأدوار المسندة إليهم، بموجب القرار الأممي 1701، وبالتالي عاد الجنوب اللبناني إلى واجهة الإهتمام الإسرائيلي، إذ إنّ القيادة الإسرائيلية تبحث حاليًا ضمن كوادرها ومع الحلفاء الدوليّين، بالتزامن مع محاولة رسم مستقبل قطاع غزّة بعد الحرب، في إعادة ترتيب وضع الجنوب اللبناني الذي لا يمكن الإطمئنان إليه، بعد كل ما حصل.

والأهم من ذلك أنّ “حزب الله” قدّم، بالدليل القاطع، على أنّه صاحب القرار النهائي في لبنان، في حين أنّ السلطات الدستوريّة ليست سوى “ألعوبة” بين يديه، الأمر الذي سوف ينعكس، سلبًا، وأكثر من أيّ وقت مضى، على التعاطي الإقليمي والدولي مع لبنان، إذا لم تحدث فيه تغييرات سياسيّة جذريّة.

إنّ الخسائر المادية والبشريّة التي لحقت بإسرائيل، من خلال فتح الجبهة اللبنانيّة لا تقارن بالخسائر الجسيمة التي لحقت بلبنان

يمكن إطالة الحديث عن الأضرار التي لحقت بلبنان من جرّاء تحويل جنوبه الى “جبهة مساندة” لقطاع غزّة، ولكن هذا لا يعطي لتحليل المعطيات أيّ إضافات نوعيّة، لذلك، فإنّ أصحاب “العقول الباردة” يدعون “حزب الله” الى تفعيل استراتيجية الإنسحاب من حرب تؤخّر ولا تقدّم، تؤذي ولا تنفع، ولا تسند غزّة بل تُلحق لبنان بها.

لقد أثبتت التطورات في الأسبوعين الأخيرين أنّ إسرائيل لم يؤذها حملة الصواريخ، بل هؤلاء الذين ساروا في مدن كبريات الدول منددين بحربها الإجرامية وسلوكياتها الإرهابيّة.

وثمّة من يعتقد بأنّ هؤلاء المتظاهرين كانوا أضعافًأ مضاعفة وانتشروا في أماكن أكثر فاعليّة لو أنّ “حزب الله” و”الحشد الشعبي” والحوثيين لم “يساندوا”!

أثبتت التطورات في الأسبوعين الأخيرين أنّ إسرائيل لم يؤذها حملة الصواريخ، بل هؤلاء الذين ساروا في مدن كبريات الدول منددين بحربها الإجرامية وسلوكياتها الإرهابيّة

نشر في “النّهار العربي”

المقال السابق
اقتحام 54 مركزًا في سبع ولايات.. عمليّة واسعة للشرطة الألمانية تستهدف جمعية موالية ل"حزب الله"

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

خبيران في المخابرات الإسرائيلية يشرحان "الإتفاق مع لبنان":ميزة مهمة في الطريق إلى الهدف الكبير للحرب

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية