"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

أزمة النّازحين السّوريّين في لبنان: الضيف والمضيف ضحيّتا مرتكِب واحد!

فارس خشّان
الخميس، 27 أبريل 2023

أزمة النّازحين السّوريّين في لبنان: الضيف والمضيف ضحيّتا مرتكِب واحد!

التقاعس المتمادي عن معالجة جديّة لملف النازحين السوريين في لبنان، جريمة مكتملة العناصر، بحق “الضيف” و”المضيف” معًا.

مرتكبو الجريمة الفعليون ليسوا المضيفين الذين يرفع بعض منهم شعارات عنصريّة، مهما كانت منبوذة بالمطلق، ولا الضيوف، مهما كان سلوك بعضهم مستهجنًا، بل المتاجرون بهذا الملف الإنساني - الحقوقي - السياسي - الوطني - الاقتصادي - الاجتماعي، إذ إنّ هؤلاء يقدّمون هذه المسألة إلى الواجهة، عندما تقتضي مصالحهم السياسية، ويضعونه في الأدراج، عندما تملي هذه المصالح ذلك.

حاليًا ثمّة حاجة إلى إعلاء ملف النازحين السوريين إلى الواجهة، لأنّ هناك من يظن بأنّ القواعد الشعبية للقوى المناوئة لوصول سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهوريّة، يمكن أن تتوهّم بأنّ “صديق بشّار الأسد” يمكنه أن يجد حلًّا، وكأنّ هناك من كان يعتقد بأنّ الرئيس السابق ميشال عون لم يكن “أكثر من صديق”، أو أنّ ما يفعله الملك الأردني عبد الله الثاني للنظام السوري عربيًّا وخليجيًّا وأوروبيًّا وأميركيًّا، هو أجدى من الصداقات كلّها.

إنّ مشكلة إعادة النازحين إلى بلادهم عمومًا وإلى بلداتهم ومدنهم خصوصًا، أعقد ممّا يثيره هذا أو ذاك، لأنّه ملف يتشابك مع ملفات أخرى يرفض النظام السوري حلّها، فهو، كما تبيّن التقارير الموثوق بها، يضع يده، لأسباب طائفية حينًا ونفعيّة، أحيانًا، على ممتلكات النازحين العقارية، على اعتبار أنّ هؤلاء، بمجرد أن هربوا من جحيم الحرب، خسروا حقوقهم. وهذا النظام يستعمل ملف النازحين للضغط على الدول المجاورة، حتى تروّج له في المحافل الدولية، بحيث تسقط عنه العقوبات، من دون أن يقدّم أيّ تنازلات دستورية وسياسية وسلطوية وأمنية لشعبه.

وعندما دخلت روسيا على خط حلّ مشكلة النازحين، لم تحمل إلى الغرب سوى نقطة واحدة، وهي وجوب رفع العقوبات عن النظام السوري ومدّه بما يحتاج إليه من أموال، ليتمكّن من تنظيم إعادة هؤلاء إلى سوريا.

وكما كان الجواب منذ سنوات، يبقى الجواب اليوم: على النظام السوري أن يلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي 2254 حتى ترفع عنه العقوبات.

وبما أنّ النظام السوري ليس في هذا الوارد كما أثبتت التجارب، فإنّ أيّ مساهمة مرجوّة منه للمساعدة في حلّ الأزمة التي تسبب بها، عندما تعاطى مع شعبه بالنار والحديد والكيميائي، مثلها مثل الرهان على الشيطان للولوج إلى الجنّة.

ولو كان الحاكمون في لبنان جديّين في إيجاد حلول تخفّف من عبء أزمة النازحين، لاتخذوا إجراءات عملية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أوّلًا، منع كل سوري غير مسجّل في قائمة النازحين السوريين من المكوث في لبنان، مهما كانت الاعتبارات.

ثانيًا، منع أيّ سوري، يحمل صفة نازح، من العودة إلى لبنان، إذا ذهب إلى سوريا.

ثالثًا، تقديم أي سوري لاجئ إلى لبنان الوثائق التي تثبت أنّه ينتمي إلى مناطق خطرة، أو إلى مناطق كان لـ”حزب الله” دور في تهديمها، أو أنّه فعلًا في حالة الخطر، إذا عاد إلى بلاده.

رابعًا، وجوب تنظيم اتفاق بين لبنان والمنظمات الدولية التي ترعى شؤون النازحين السوريين، للقيام بكل ما أمكن من أجل التأكد من خلو مخيمات اللاجئين من الأسلحة والممنوعات والمحظورات.

خامسًا، التعاون مع المجتمع الدولي من أجل تمويل البنية التحتية اللبنانية لتتمكن من رعاية النازحين، بدل هدر الوقت على إقناع الدول الصديقة للبنان بوجوب الانفتاح على نظام بشار الأسد، بوضعيته الراهنة، إذ أظهرت المعطيات أنّ وزارة الخارجية اللبنانية أفسدت العلاقات مع الدول الغربية عمومًا ومع فرنسا وألمانيا خصوصًا، لأنّها بدل أن تطرح مشكلات لبنان الناجمة عن مسألة النازحين، تهدر الوقت في الدفاع عن نظام بشّار الأسد.

إنّ مسألة النازحين السوريين في لبنان ستبقى تتأرجح بين غليان وبرودة، وفق مصالح المتحكمين بالسلطة اللبنانية، ولن تجد حلًّا لها إلّا في حالة من حالتين تبدوان مستحيلتين حتى تاريخه: إمّا أن يطوّر النظام السوري نفسه ليصبح نظام شعب وليس نظام عائلة مستبدة، أو أن يقتنع المتحكمون بالسلطة اللبنانية بأنّهم مسؤولون عن شعب وليسوا دمية يحرّكها “حزب الله” ومن خلفه النظام السوري.

نشر في “النّهار العربي”

المقال السابق
هكذا أصبح بعدما أنزل 152 كلغ من وزنه

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

الطريق الى 7 تشرين...شارون يقمع الانتفاضة الثانية ويزيح عرفات

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية