"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

من يمكن أن يخلف بابا الفقراء والمهمّشين؟

رئيس التحرير: فارس خشّان
الاثنين، 21 أبريل 2025

بعد أقل من أسبوعين، ينعقد مجمع الكرادلة في كنيسة “سيستين” في الفاتيكان، خلف أبواب مغلقة، ومن دون أي تواصل مع الخارج، لا تقني ولا بشري. يختلي مائتا كاردينال لم تصل أعمارهم بعد الى الثمانين، ويختارون من بينهم، بأكثرية ثلثين زاذد واحدا، حبرًا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية التي تضم حوالي مليار ونصف مليار شخص على امتداد الكرة الأرضية.

التحدي المطروح على الكرادلة لن يكون بسيطا، فمهتمهم مرهقة، إذ عليهم أن يختاروا خليفة لبابا نجح، كما قال كثيرون، في إعادة يسوع الى الكاثوليكية، بعدما أغرقها كثيرون في الشريعة وتاهوا بها في دهاليز الفلسفة اللاهوتية.

بين الكرادلة-وقد اصطفى البابا فرنسيس قسمًا كبيرًا منهم- من كانت مقاربات رئيسهم التسلسلي تزعهجم. بعضهم هالهم أن يكسّر فرنسيس هالة رجال الدين ويجعلهم مجرد خدّام عند المؤمنين. بعضهم الآخر، لم يرتاحوا كثيرا الى تحويل رجال الدين الى أشخاص خاضعين للمساءلة والمحاسبة، لمصلحة ضحايا الإستغلال بمختلف أشكاله. بعضهم ساءهم أن يضعهم البابا في مواجهة مع مؤمنيهم الذين يرون، على عكسه، أنّ المهاجرين نقمة، وأنّ المثليين لعنة، وأنّ كنيسة الله الذي يمثلونه ليست كنيسة “حكم الناس”، وأنّ البشر على أهميتهم ليسوا أهم من الشريعة والقانون والمؤسسة.

في الكونكلاف وقبله، سوف يتشاور الكرادلة القادمين الى الفاتيكان من كافة أقطاب الأرض ويتحدثون بكل لغاتها ويحملون كل سماتها، بهموم رعاياهم، وشجون شعوبهم، وتطلعات مؤمنيهم، ويحاولون أن يختاروا الرجل الأنسب للمرحلة.

عندما انتخب الكرادلة البابا فرنسيس أحدثوا مفاجأة. لم يكن من بين الكرادلة المحتملين لتبوؤ سدة البابوية. مقارباته الروحانية والانسانية لمست وجدان الجميع، فالتفوا حوله. وبالفعل، كان رجل المرحلة، فاقتربت الكنيسة من مؤمنين لم يعودوا يجدون غضاضة في الإبتعاد عن كنيستهم، ولم يعودوا، كما كانوا سابقا، يربطون خلاصهم برضى رجال الدين. جاء فرنسيس في زمن كان يشهد الكثير من الإنقلابات في نفوس البشر.

حاليًا، لا تقل المرحلة خطزرة عن المرحلة التي جرى فيها انتخاب فرنسيس، مع انتشار أوسع للإنترنت واكتساب مواقع التواصل الإجتماعي سلطة أعظم.وارتفاع منسوب استقلالية الفرد.وعليه، هل ترتأي الكنيسة العودة الى الإنضباط السابق، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر، أم أنّها تختار أن تستمر في المسار الذي رسمه البابا فرنسيس، وتذهب أكثر في اتجاه الناس، والمؤمنين، وتكرّس منطق “الزعامة” على حساب منطق “المؤسسة”؟

حاليًا، تواجه الكنيسة تحديات قوى الضغط، حيث يتقدم اليمين في كل أنحاء العالم، بدءا بالأميركيتين مرورا باوروبا، فهل يكون “الموديل الفرنسيسي” هو الحل، حيث تتتجلّى روح السيّد المسيح الإنجيلية، بقبول “الخطأة” واحتضان الفقراء، وإيواء اللاجئين والمشردين، وخدمة الآخرين، أو تعود الكنيسة الى موديلات أخرى، فتدافع عن فرادتها المسيحية، بايجاد تناغم مع أقوياء الأرض القساة؟

في الواقع، إنّ محاولات البابا فرنسيس لم تكتمل. ذهب فيما إصلاحاته بقيت في مرحلة البداية. لم يتمكن، بفعل المقاومة، من ترسيخها. ثابر في النضال من أجلها، لكنه لم يحوّلها الى حالة مكتملة. وهذا يعني أن الطريق الذي افتتحه لا يزال يحتاج الى جهد وعمل كبيرين.

في فيلم “كونكلاف” الذي أخذ حيّزا واسعا من الإهتمام في بداية العام 2025، انتصر الكرادلة للمحبة والتسامح والإنفتاح على الآخرين والمختلفين، على حساب القوة والقانون والرفض والإستعلاء.في “كونكلاف” الحقيقة الذي سوف ينعقد في الأسبوعين المقبلين، لن تختلف النقاشات كثيرة عن تلك التي حفل بها “سكريبت” الفيلم الرائع، ولكن لا أحد يضمن لمن سوف تكون الغلبة.

ما هو مؤكد أنّ البابا فرنسيس، رسم خطا بيانبا في الكنيسة، يستحيل القفز فوقه. يمكنك أن تعارضه ولكن تعجز عن إبعاده، ولو قليلا، عن إرادة يسوع، كما تجلت في محبته الإنجيلية!

المقال السابق
بشري.. ٣٠٪ من مرشحي الانتخابات البلدية من النساء
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

صراخ نعيم قاسم ضد الحل الرئاسي الحاسم!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية