"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

من يجب أن يخجل ويعيرنا صمته؟!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 14 أغسطس 2024

تجاوز عدد المقاتلين الذين خسرهم “حزب الله”، منذ قرّر الإنتقام من إسرائيل لاغتيالها القائد العسكري ل”المقاومة الإسلامية في لبنان” فؤاد شكر، العشرين، والحبل على الجرار. واضطر عشرات الآلاف من الجنوبيين والمقيمين في الضاحية الجنوبية لبيروت إلى إخلاء منازلهم واللجوء الى مناطق أكثر أمانًا، وسط ارتفاع كبير في أسعار بدلات الإيجار. وعمد لبنانيون كثر أتوا لقضاء إجازتهم في لبنان الى قطعها بسرعة حتى لا يعلقوا في لبنان وتتضرر عقودهم وأعمالهم في الخارج، وامتنع آخرون عن قضاء عطلتهم في “بلاد الأرز” وغيّر كثيرون منهم برنامجهم نحو وجهات سياحية أخرى، الأمر الذي أنهى موسم الإصطياف قبل بدء فترته الذهبية، وتسبب بخسائر مباشرة بالقطاعات السياحية تخطت الثلاثة مليارات دولار، في إحصاء أوّلي.

كل ذلك حصل، ولم ينتقم “حزب الله” بعدْ لاغتيال قائد جناحه العسكري، لأنّه، في حقيقة الأمر، ينتظر ما ستؤول إليه المفاوضات التي تجريها “الجمهورية الإسلامية في إيران” مع الولايات المتحدة الأميركية، حول “أمان” انتقامها هي من إسرائيل التي اتهمتها باغتيال زعيم “حماس” إسماعيل هنية، وهو في عقر دار “الحرس الثوري الإيراني” وبحمايته في قلب طهران.

في واقع الحال، إنّ “حزب الله” يُفسد ما كان قد بقي صالحًا من حياة اللبنانيين، خدمة لإيران، فهو لا يعرف ماذا عليه أن يفعل إن لم يأته التكليف من إيران، لأنّه، كما يقاتل بالنيابة عنها، لا يستطيع أن ينتقم لقائده العسكري، إلّا بموافقة منها. وبهذا لم يترك اللبنانيين يقفون على “إجر واحدة” فقط، بل دفعهم الى القفز حفاة على صفيح ساخن، أيضًا!

في المقابل، وفيما غزة تنزف يومًا بعد يوم، وتُمنى كل ما يسمّى ب”جبهات المساندة” بالفشل في رد الضيم عنها والتخفيف عليها، وفي ظل الخسائر المتراكمة على لبنان وإمكان انتقاله الى العصر الحجري في غضون أسابيع قليلة جدًا، وفق تنبيهات وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، تجده، ومن دون أدنى خجل، يُكلّف اللبنانيين المؤيدين له بأن يصفقوا له ويملأوا الدنيا بالخطابات الداعمة ل”حكمته” و”صبره” و”إنجازاته” فيما ينهر اللبنانيين الآخرين الذين لا يرون في ما يقدم عليه إلّا “تهوّرًا” و”استزلامًا” و”كوارث” ويأمرهم أن “يعيروه سكوتهم”، وفق ما فعل أمينه العام حسن نصرالله في آخر خطاب ألقاه، وكأنّ لبنان ليس وطنهم، والضحايا ليسوا مواطنيهم، والإقتصاد لا يعنيهم، والأعمال لا تخصهم، وحياتهم ليست ملكًا لهم!

في الدول التي تتمتع، ولو بحد أدنى من الديموقراطية، لا يمكن لأي طرف يحتكر القرار- سواء شرعًا أو غصبًا- أن يهرب من المساءلة، وأن يستخف بالمطالب، وأن يتجاوز المصلحة العليا.

من الضروري أن يعبّر الناس عن وجعهم وعن إحباطاتهم وعن استيائهم من الهوة التي تفصل بين النتائج الكارثية وبين الشعارات الرنانة، ومن الواجب، في المقابل، على محتكر القرار، أن يقدّم أجوبة مقنعًة ويتخذ خطوات عاجلة من شأنها التخفيف من وطأة الضيم، خصوصًا وأنّ الجميع يدركون أنّهم ليسوا في “حرب وجود” بل هم مجرد جبهة من جبهات عدة تتحكم بها إيران وتطلعاتها ومصالحها!

“حزب الله” يريدنا ساديين. يريدنا أن نتمتع بالمحن التي تطال الإسرائيليين، وننسى المآسي التي تنهر لحمنا وعظمنا، يومًا بعد يوم!

المقال السابق
السعودي "الأثقل وزنًا في العالم.. هكذا أصبح بعد 11 عامًا.
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

لماذا لجأ نصرالله إلى "برج الحمام"؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية