آفي يسسخروف- يديعوت أحرونوت
في نهاية تموز/يوليو 2006، وخلال حرب لبنان الثانية، هاجم الجيش الإسرائيلي أهدافاً في قرية قانا وقتل، “عن طريق الخطأ”، عشرات المدنيين، بينهم 12 طفلاً. وكانت هذه الحادثة، بمعنى ما، هي نقطة التحول في الحرب، فبعد إصابة المدنيين، قررت الإدارة الأميركية حثّ إسرائيل على إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن. لكن سقوط الصاروخ في مجدل شمس، الذي أدى إلى مقتل أولاد ويافعين، يمكن أن يؤدي إلى فعل معاكس، ومن المتوقع أن يصعّد الحرب الدائرة منذ 9 أشهر في الشمال، والتي كانت محصورة، نسبياً، وتحويلها إلى حرب واسعة النطاق. وفي الواقع، هذا الحادث القاسي يقرّبنا، أكثر من أيّ يوم آخر، بعد 7 أكتوبر، إلى مواجهة شاملة النطاق بين حزب الله وبين إسرائيل.
الصاروخ الذي أطلقه حزب الله وأصاب حديقة في مجدل شمس هو خلل عملاني ارتكبه التنظيم “الإرهابي” الشيعي. ويمكن التقدير بصورة أكيدة أن ما حدث لم يكن مقصوداً من جانب الذين أطلقوا الصاروخ. فمجدل شمس هي قرية درزية مكتظة سكانياً، ولا يزال أهلها يحتفظون بهويتهم السورية، ويعتبرون أنفسهم سوريين، وليسوا مواطنين إسرائيليين. ويوجد أقرباء في سورية ولبنان لعدد كبير من أهالي البلدة، وشبكات التواصل العربية، وبينها الفلسطينية، انتقدت حزب الله بشدة، وعبّرت بوضوح عن أن المقصود ليس بلدة إسرائيلية، أو يهوداً. علاوةً على ذلك، إن الهجوم على الملعب ومقتل 12 ولداً يزيد في حدة الانتقادات في لبنان والشرق الأوسط كله لحزب الله الذي يتعرض للانتقادات في لبنان نفسه، بحجة أنه ينفّذ ما يريده الإيرانيون، بدلاً من أن يخدم المصلحة اللبنانية.
لكن الآن، انتقلت المعضلة إلى الملعب الإسرائيلي. هل يجب الرد بعنف، حسبما يفرض المنطق، ضد أهداف مختلفة لحزب الله، وبذلك نخاطر بنشوب حرب شاملة، أو نضبط أنفسنا، في ضوء الوضع في غزة والحرب المستمرة هناك؟ من المحتمل أن كثيرين يعتبرون أن حرباً واسعة النطاق ضد حزب الله وأهداف في لبنان عملية لا بد منها، لكن يجب علينا أن ندرك ثمن هذا التصعيد الواسع وتداعياته. ثمة شك في أن الجيش الإسرائيلي، في وضعه الحالي، لديه القدرة العملانية التي تسمح له بتحقيق انتصار سريع في لبنان، والذي لا يظهر في الأفق، حتى في غزة. إن البدء بشن حرب واسعة في لبنان سيؤدي إلى حرب قاسية ستستمر شهوراً طويلة، وستنتهي بوقف إطلاق النار، على الرغم من الشعارات الفارغة بشأن “النصر المطلق”. وستكون الجبهة الداخلية الإسرائيلية عرضةً لنيران كثيفة في كل يوم وساعة. وكل هذا في وقت تكون كل الموارد البشرية والمادية مكرسة للحرب في غزة، ورئيس الحكومة يرفض إنهاءها، أو حتى التوصل إلى صفقة لتحرير المخطوفين في مقابل وقف إطلاق النار.
يوجد عدد قليل من السياسيين في إسرائيل، وفي الحكومة، الذين يعتقدون أن الحل سهل: مهاجمة الدولة اللبنانية وبناها التحتية. وثمة شك في أن هذا الكلام سيؤثر في حزب الله وصنّاع القرار في إيران الذين بالنسبة إليهم، تأتي الدولة اللبنانية دائماً في الدرجة الثانية من حيث الأهمية، بعد المصلحة الشيعية لحزب الله. وفي الواقع، سيساعد تدمير البنى التحتية، إلى حد كبير، في ازدياد اعتماد السكان على إيران وحزب الله في “اليوم التالي للحرب”.
في نهاية الأمر، وحتى بعد الحادث الأليم في مجدل شمس، يتعين على إسرائيل أن تسأل نفسها ماذا يمكن أن تحقق في حرب شاملة ضد لبنان؟ وما هو هدف مثل هذه الحرب، وهل من الممكن القيام بها، وما هي “خطة الخروج” من الحرب، وليس فقط خطة الدخول فيها. فمن دون إجابات واضحة عن هذه الأسئلة، فإن الحرب ضد لبنان لن تحقق شيئاً، بل ستُحدث دماراً فقط، وتوقع العديد من القتلى لدى الجانبين.