أعلنت الرئاسة في بنغلادش، الأربعاء، أن محمد يونس، الحائز جائزة نوبل للسلام سيرأس حكومة انتقالية، بعد حل البرلمان وفرار رئيسة الوزراء، الشيخة حسينة، إلى الخارج. واتخذ قرار “تشكيل حكومة انتقالية … برئاسة يونس” خلال لقاء بين رئيس الجمهورية، محمد شهاب الدين، وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة “طلبة ضد التمييز”، الحركة التي نظمت التظاهرات في مطلع يوليو، بحسب بيان الرئاسة. وكان شهاب الدين حل البرلمان، ما يمهد الطريق لتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات جديدة بعد يوم من استقالة حسينة وهروبها في أعقاب حملة عنيفة على انتفاضة قادها الطلاب. وأوضحت وكالة رويترز أن الحركة التي أطاحت بحسينة خرجت من قلب احتجاجات على حصص الوظائف في القطاع العام لأسر قدامى محاربي حرب الاستقلال في بنغلادش عام 1971 والتي اعتبرها منتقدون وسيلة لحجز وظائف لحلفاء الحزب الحاكم. “مصرفي الفقراء” وبحسب “أسوشيتد برس”، فإن يونس المعروف بلقب “مصرفي أفقر الفقراء” الذي كان معارضا شرسا للشيخة حسينة، سوف يتولى رئاسة حكومة مؤقتة حتى موعد إجراء انتخابات جديدة، إذ كان يتواجد في أوروبا. ويعود يونس إلى دكا، الخميس، على ما أعلن مكتبه في بيان أوردته وكالة فرانس برس. وقال مكتب إنه سيصل إلى العاصمة دكا الساعة 14,10 (08,10 بتوقيت غرينتش) الخميس. واعتبر يونس فرار واستقالة حسينة بمثابة استقلال ثان للبلاد، علما أن بنغلادش كانت استقلت عن باكستان في عام 1971. من هو محمد يونس؟
وفي تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فإن يونس الحائز على نوبل للسلام عام 2006، أبصر النور سنة 1940 بمدينة شيتاجونغ، التي تعد أكبر ميناء في بنغلادش .
وأما صحيفة “نيويورك تايمز”، الأميركية، فأشارت إلى أن يونس ذهب للولايات المتحدة في ستينات القرن الماضي ضمن منحة دراسية مقدمة من مؤسسة “فولبرايت”، حيث حصل على شهادة الدكتوراة في علوم الاقتصاد من جامعة “فاندربيلت” بولاية تينيسي الأميركية.
وفي عام 1972، عاد يونس إلى بلاده بعد عام من حصولها على الاستقلال، حيث تولى منصب رئيس قسم الاقتصاد في جامعة شيتاجونغ.
وفي سنة 1979 قام بإنشاء بنك “غرامين” في بلاده، كمؤسسة غير ربحية هدفها إقراض الفقراء بنظام القروض متناهية الصغر التي تساعدهم على القيام بأعمال بسيطة، تدر عليهم دخلا معقولا.
وجراء ذلك حصل يونس على جائزة “نوبل” للسلام مناصفة مع بنك “غرامين”، وذلك بعد أن نجحت تلك التجربة في انتشال الملايين من الفقر، من خلال منح قروض صغيرة تقل قيمتها عن 100 دولار للفقراء في الأرياف النائية.
وفي مقابلة أجريت معه عام 2004 مع وكالة أسوشيتد برس، قال يونس إنه عمد إلى تأسيس بنك “غرامين” عندما التقى بامرأة فقيرة تعمل على نسج مقاعد من الخيزران وكانت تكافح لسداد ديونها.
ويتذكر في تلك المقابلة: “لم أستطع أن أفهم كيف يمكن أن تكون فقيرة للغاية بينما هي قادرة صنع مثل تلك الأشياء الجميلة”.
“طوفان من القضايا”
وفي عام 2008 بعد أن وصلت الشيخة حسينة إلى السلطة عقب انتخابات ديمقراطية، واجه يونس الكثير من العقبات، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.
فحسينة التي جلست في الحكم لمدة 15 عاما عقب فترة من الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، استغلت سلطتها، بحسب منتقديها، لشن حملة انتقامية من أعدائها السياسيين وغيرهم ممن قد يهددون حكمها، بمن فيهم يونس.
واتهمت حسينة مقرضي التمويل المتناهي بـ “امتصاص دماء الفقراء” وأنهم يستغلون حاجات الناس لأخذ فوائد كبيرة.
وحتى سبتمبر الماضي، وفقا لموقع “نيو إيدج”، وهو منفذ إخباري محلي، فقد واجه يونس 174 قضية أمام المحكمة، بما في ذلك اتهامات بالفساد.
ومع ذلك، تقول جماعات حقوق الإنسان إن عشرات القضايا المرفوعة ضده تعتبر بمثابة تخويف وانتقام سياسي.
وفي أغسطس المنصرم، نشرت 160 شخصية دولية، بينهم الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، والأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، رسا لة مفتوحة مشتركة، تندد “بالمضايقات القضائية المتواصلة” التي يتعرض لها يونس البالغ من العمر حاليا 84 عاما، وتبدي مخاوف على سلامته.
ومع اندلاع الاحتجاجات، رأى يونس خلال مقابلة مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أن المؤسسة العسكرية في بلاده تخلت عن الشيخة حسينة، مما دفعها إلى الاستقالة والخروج من البلاد.
وشدد يونس في تلك المقابلة على ضرورة تشكيل حكومة مدنية وإجراء انتخابات في أسرع وقت.