من "بقية الله" الى "حجة الإسلام"!
بمناسبة مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووفاة الحاجة مهدية صفي الدين، تبادل مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي التعازي والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، بواسطة الرسائل التي سلطت الضوء على مسألة خطرة للغاية.
نصرالله وصف المرشد الإيراني بأنّه “بقية الله على الأرض” وخامنئي وهب زعيم حزب الله صفة “حجة الإسلام والمسلمين”!
لو أنّ الرجلين لا يتعاطيان السياسة اليومية ولا يقودان العسكر ولا يحددان مصير شعوب ولا يرسمان الإستراتيجيات ولا يمسكان بقرار الحرب والسلم والموت والقتل، لما كانت ثمة مشكلة في اللقبين اللذين تبادلهما، ففي الشؤون الدينية، كلّ حر في المدى الذي يذهب إليه. لكن خامنئي ونصرالله ليسا مجرد رجلي دين، فلا أحد ينتظر منهما أن يرشداه دينيًّا وليس بين الجماهير من ينصت الى تعاليمهما الإسلامية. الجميع يتعاطون معهما على أساس موقعهما السياسي والعسكري!
ولم يكن يهمّنا الألقاب التي تنزل على الخامنئي، لو كان نفوذه محصورًا بإيران، فحينها على الإيرانيين أن يقرروا ما إذا كان فعلًا “بقية الله على الأرض” أو غير ذلك، ولكن للخامنئي تأثيرًا حاسمًا على حياتنا ليس كلبنانيين فقط بل كعرب عمومًا.
إن يكون الخامنئي هو “بقية الله على الأرض” بنظر “حزب الله”، وهو الذي ينتصب قائدًا ساميًا له، فهذا يعني أن كلمته، بالنسبة لهذا الحزب، هي مقدسة، وتعلو الدستور والأعراف وسائر آليات اتخذا القرار وطبيعة العلاقة التي تربط المجموعات بعضها بالبعض الآخر.
وفي الوقت نفسه أن يصبح نصرالله “حجة الإسلام والمسلمين” فهذا يفيد بأنّ التعاطي معه بات من موقع الطاعة والإنصياع والموافقة، الأمر يجعله، في المسألة اللبنانية وبعد نيل الرضى من “بقية الله على الأرض”، الآمر الناهي في شؤوننا وشجوننا، وهذا ما يمكنه أن يفسّر أسباب انغلاق الأفق أمام وصول رئيس للجمهورية غير المرشح سليمان فرنجية ويجعلنا نفهم أكثر خلفية توريط لبنان، منذ الثامن من تشرين الأول، بحرب أخذت من بلاد الأرز الكثير ولم تقدّم لغزة حتى القليل!
إنّ العمل السياسي وفق إرادة “بقية الله على الأرض” التي يترجمها “حجة الإسلام والمسلمين” بات مستحيلًا، ولهذا يصيب من يعتبر أنّ النضال هو السبيل الوحيد للخلاص الوطني!
