من أحداث عين الحلوة التي حرّكها “حزب الله” بأدواته الفلسطينية تنفيذاً لأجندة ايرانية يتم استخدامها في المنطقة وتصب في خانة مفاوضاتها مع الدول العربية والغربية، الى خطف وقتل مسؤول قواتي في عين إبل في منطقة خاضعة لنفوذه، وصولاً الى حادثة شاحنة الأسلحة العائدة اليه في الكحالة، ترابط لمسار أحداث يؤشر الى أن ما جرى أشبه بحلقة مترابطة تدور في فلك حزب سطا على الدولة ويتصرف بمنطق دويلته كما يريد، فيما القوى الشرعية عاجزة عن لجم تصرفاته الآخذة بالتمدد من دون أي رادع.
يقود حزب الله “بوسطة عين الرمانة” بحلّة جديدة، ووضع نصب عينيه المناطق المسيحية، وبالتحديد في عقر دار خصومه المسيحيين، فدأب الى أن يمعن في تجاوزاته بالخطف والقتل، لايصال رسالته بالمباشر بأن لا يحتاج الى غطاء شريك أو حليف، وبأنه القادر على فعل ما يريد مهما علت الأصوات المطالبة بدولة بنى هيكله المسلح على أنقاض شرعيتها.
يلوّح الحزب بنثر الدماء وغير آبه بالنتائج لترسيخ منطق دويلته المدججة بأسحة غير شرعية مغطاة بـ”شرعية” مكبّلة ومطوّقة بحبل مشنقة حزب يكتم على أنفاسها بالتهديد.
لم يتراجع الحزب عن مسلسل نحر الدولة ملوّحاً بسيناريو الحرب، ليس مع اسرائيل التي “أعطاها غطاء الأمان” بترسيم قبض ثمنه نيابة عن الدولة الخاضعة لمشيئته، وإنما الى الداخل اللبناني حيث يسرح ويمرح بذخائره التي تتدفق من المعابر “على عينك يا دولة”، إذ يقوم بنقل العتاد غير المعروف الوجهة والغاية منه، والمرجح أن يكون استخدام ه “محصور” محلياً حيث تجلى نهج فائض القوة الذي يستخدمه الحزب لبسط مشروعه بسطوة السلاح كالعادة.
اختار الحزب التوقيت الذي يناسبه، على قاعدة “الأمر لي”، وبدأ بالتنفيذ لترهيب كل صوت يحاول التغريد خارج مسار يريد من الجميع سلوكه “كرمى” لمرجعيته، ليكون لبنان ساحة لتصفية حساباتها مع الدول، في رسالة مزدوجة للخارج لتحصيل مكاسب أكبر، وللداخل عبر استخدام رصاصه وتوجيهها الى صدور كل من يرفع الصوت بوجه ما يريد، لفرض شروطه بالقوة.
يحاول “حزب الله” بممارساته التشبيحية نشر بذور الفتنة من منطقة الى أخرى، ضارباً بعرض الحائط السلم الأهلي المهدد في كل لحظة بفعل ارتكابات متنقلة تُسفك فيها الدماء على مرأى الدولة التي باتت لا حول لها ولا قوة، فالحزب الآمر الناهي يُحرّكها كما يشاء، فعناصره تنوب بمهامها، ووجودها لا يقتصر سوى على الشكليات، وتكتفي بدور المتفرج على انتهاكات تتمدد وتساهم في فكفكة كيان الدولة.