"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

ملف لبنان ومائدة الاتفاق السعودي – الإيراني...هل دقّت الساعة؟

علي حمادة
السبت، 8 أبريل 2023

ملف لبنان ومائدة الاتفاق السعودي – الإيراني...هل دقّت الساعة؟

من الصعب جدا تصور أنّ ملف لبنان لم يناقش على طاولة التفاوض السعودية –الإيرانية، فعلى الرغم من أنّ الملف الساخن الأكثر استعجالًا للمعالجة بين القوتين الاقليميتين هو اليمن الذي بدأ يشهد تحريكًا سريعًا على أكثر من مستوى ، فإنّ الملف اللبناني ساخن أيضًا ، خصوصًا أنّ للبلدين نفوذًا حقيقيًّا فيه ، يستحيل اقلّه في الوقت الراهن شطب احدهما لمصلحة الطرف الآخر ، و يستحيل استطرادًا اختصار النفوذ في لبنان بالجهة التي تضع المسدس على الطاولة، فالجوعى لا يأكلون لا مسدسات ، ولا بنادق ، و بالتأكيد لا تسد جوعهم آلاف الصواريخ التي سرعان ما ستصبح مجرد خردة .في المقابل لا يكفي المال ، ولا القوة الناعمة وحدها لاختصار النفوذ في لبنان .

اذن نحن امام معادلة مزدوجة فيها في الوقت الحاضر مكان للقوة الخشنة بحكم الامر الواقع والاكراه، وفيها مكان للقوة الناعمة لكون لبنان واللبنانيون بمعظمهم يميلون الى نمط حياة شبيه بالدول التي تبني لنفسها مستقبلًا قائمًا على التنمية والازدهار والاستقرار. صحيح انّ بين النموذجين بونًا شاسعًا، و قد أتت مسرحية صواريخ “حماس “و “الجهاد الإسلامي ” واخواتهما في حنوب لبنان لتذكرنا بأنّ النموذج الظلامي العنيف قوي للغاية على ارض لبنان، انما للقوة الناعمة جاذبيتها بين جميع مكونات البلد. فالأكثرية في لبنان، وبينهم جزء كبير من البيئة الحاضنة ل”حزب الله ” يتوقون لأن يتمثّل لبنان بالسعودية اليوم، او بالامارات، او بقطر، او بالكويت وسائر دول مجلس التعاون. في السابق كان يضرب في لبنان المثل بالدول الحضارية في أوروبا على اعتبار انّها المثل والمثال اللذين يحتذيان، وطموح اللبناني ان يتشبّه لبنان بتلك الدول.اليوم أضيف الى أوروبا والعالم الغربي نموذج دول مجلس التعاون التي يطمح معظم اللبنانيين ان يصبح لبنان على صورتها. في المقابل ثمّة قلة في المجتمع اللبناني بمختلف تلاوينه (بمن فيهم الشيعة) تطمح في التقرّب من النموذج الذي تمثله إيران “الجمهورية الإسلامية “. هذه حقيقة يعرفها قادة “حزب الله ”، ويعرفها قادة النظام الإيراني الذي يواجه ازمة عميقة مع المجتمع الإيراني منذ ان اشتعلت موجة الاحتجاجات في اعقاب قيام “شرطة الاخلاق ” التابعة ل”الحرس الثوري ” قبل سبعة اشهر بقتل الشابة مهسا اميني. وازمة النظام ان النموذج الذي يقدمه لشعبه يواجه رفضًا واسع النطاق في مختلف المناطق. من هنا فإن جاذبية النموذج الإيراني في لبنان شبه معدومة.

لقد جرى وضع الملف اللبناني، لا سيما الاستحقاق الرئاسي على طاولة الاتفاق السعودي -الإيراني. لكن ما من شيء يدفعنا الى الاعتقاد حتى بوجود توافقات بين الطرفين، فثمة أطراف أخرى لها وزنها في المعادلة مثل الولايات المتحدة، وبدرجة أقل فرنسا. لكن إذا كانت التفاهمات بشأن اليمن تسارعت الى حد البدء بالتفاوض على الأرض في صنعاء حول خريطة طريق لانهاء الحرب اليمنية، فما من سبب يمنع الطرفين ان يضعا لبنان على طاولة التفاوض على قاعدة رئاسة الجمهورية وسطية مستقلة (آخذين في الاعتبار رفض المكون المسيحي القاطع لمرشح “حزب الله ”)، رئاسة مجلس النواب خاضعة لنفوذ طهران، ورئاسة مجلس الوزراء للنفوذ العربي الذي تمثله المملكة العربية السعودية. في النهاية سيتراجع دور الداخل اللبناني، من دون ان يعني ذلك تراجع موقف المسيحيين الرافض هيمنة “حزب الله ” على رئاسة الجمهورية، او للحظة تكوّن بدايات موقف سني لم يعد يقبل برئاسة حكومة مرتهنة ل”الثنائي الشيعي “. لقد فتحت نافذة إقليمية فليلتقط اللبنانيون هذه الفرصة.

المقال السابق
"الصواريخ اللقيطة" تذكّر اللبنانيّين بحقيقة دولتهم: مجرّد ساحة يحكمها "حزب الله"!

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

إسرائيل تعمل على حرمان صفي الدين من أدنى فرص للنجاة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية