“قبل عقود كانت فكرة تطوير لقاح للسرطان تبدو وكأنها خيال علمي” الدكتورة كلير بروملي
في المملكة المتحدة يتم حاليًا تطوير لقاح لمكافحة سرطان المبيض، قد يسهم بإنقاذ آلاف الأرواح، وربما يحقق الأمل في القضاء على هذا المرض في المستقبل، كما يشير الباحثون.
في التفاصيل، يقوم الباحثون في جامعة أكسفورد بتطوير لقاح يسمى “أوفارين فاكس”، يهدف إلى تمكين الجهاز المناعي من التعرف إلى المراحل المبكرة من سرطان المبيض ومهاجمته.
ويأمل الباحثون في أن يتاح اللقاح للنساء كإجراء وقائي عبر هيئة الخدمات الصحية البريطانية “أن أتش أس” بهدف القضاء على هذا المرض، الذي يسبب وفاة حوالى 4100 امرأة سنوياً في المملكة المتحدة.
وأشادت جمعيات السرطان بهذا البحث لقدرة اللقاح على إنقاذ آلاف الأرواح، كما أنه قد يتيح للنساء اللواتي يحملن طفرات في الجين “بي آر سي أي” تجنب استئصال المبايض.
وتأتي هذه الأخبار بعدما أعلن الباحثون في جامعة أكسفورد في وقت سابق من هذا ال عام حصولهم على تمويل لتطوير لقاح للوقاية من سرطان الرئة.
حين أشار الخبراء إلى أن التأثير المحتمل للقاح “أوفارين فاكس” قد يضاهي تأثير لقاح فيروس الورم الحليمي البشري “.
وقد أعرب البروفيسور أحمد أحمد، مدير “مختبر خلايا سرطان المبيض”، في معهد “إم آر سي ويذرال للطب الجزيئي” بجامعة أكسفورد، عن أمله في أن يتمكن المرضى في التجارب السريرية من الاستفادة من اللقاح خلال أربعة إلى خمسة أعوام، ولكنه أشار إلى أن اعتماده للاستخدام قد يستغرق “أعواماً متعددة”. وقال إنه “على رغم الجدول الزمني الكامل للموافقة على اللقاح قد يستغرق أعواماً، وإذا أثبت تأثيره الإيجابي، قد يتوفر في وقت أقرب”. مضيفاً “نأمل أن يبدأ ظهور تأثير اللقاح بعد أربعة أو خمسة أعوام من خلال التجارب السريرية على الأفراد الأصحاء”. سنوياً، تسجل المملكة المتحدة نحو 7500 حالة جديدة من سرطان المبيض، وتعزى حوالى خمسة إلى 15 في المئة من هذه الحالات إلى طفرات في جين “بي آر سي أي”. وينصح الباحثون النساء اللواتي يحملن طفرات في جين “بي آر سي أي”، مثل الممثلة أنجلينا جولي، وهن أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان المبيض، باستئصال المبايض كإجراء وقائي.
ووفق البروفيسور أحمد فإن “الأشخاص الذين يحملون طفرات في الجين “بي آر سي أي” قد يستفيدون بصورة كبيرة من اللقاح الجديد، لأنه قد يقلل من الحاجة إلى استئصال المبايض”.
هذه الدراسة تمولها “مؤسسة بحوث السرطان في المملكة المتحدة” بمبلغ يصل إلى 600 ألف جنيه إسترليني على مدى الثلاثة أعوام المقبلة.
وفي تصريحها لصحيفة “اندبندنت”، ذكرت الدكتورة كلير بروملي، مديرة قسم البيانات البحثية في مؤسسة بحوث السرطان في المملكة المتحدة، أن “اللقاح قد يستغرق أعواماً ليصبح متاحاً للجميع، لكن الدراسة تقدم بوادر للتقدم في الوقاية من السرطان. وقالت “قبل عقود كانت فكرة تطوير لقاح للسرطان من الخيال العلمي، وفي السابق كنا نشهد ظهور بعض اللقاحات في العيادات، وبين الحين والآخر تتزايد هذه اللقاحات. والآن هناك لقاح قيد التطوير لسرطان الرئة”.
وأضافت أن “الكثير من هذه اللقاحات استفادت من التكنولوجيا التي تم تطويرها خلال جائحة كوفيد-19، التي تسهم في تسريع وتيرة العمل”. واستطردت “نحن نتجه نحو مرحلة يمكن أن يصبح فيها السرطان أكثر قابلية للوقاية، وهذا أصبح واقعاً أكثر من أي وقت مضى”.
ومن جانبها، قالت ماري كلير بلات، الرئيسة المشرفة على الأبحاث في مركز “أوفاريان كانسر سنتر” لسرطان المبيض، إن “أكثر من ألف امرأة تشخص سنوياً بسرطان المبيض، وهو مرض كان من السهل تجنبه. فمنذ اكتشاف طفرة الجين “بي آر سي أي”، أصبح واضحاً أن بعض النساء معرضات لخطر أعلى للإصابة بسرطان المبيض، وقد توفر هذه الأبحاث فرصة لهن لتقليل أخطار الإصابة من دون الحاجة إلى جراحة تغير حياتهن”. وأضافت “على مدى العقد الماضي، كان المركز يدعم أبحاثاً يقودها البروفيسور أحمد لفهم كيفية وأماكن نشوء سرطان المبيض. وسيساعد هذا المشروع في تحويل هذه الاكتشافات إلى لقاح قد ينقذ آلاف الأرواح”.
في المقابل، يعمل البروفيسور أحمد وفريقه على تحديد الأهداف الخلوية [الجزيئيات التي يجب أن يستهدفها] للقاح. ويعملون أيضاً على تحديد البروتينات الموجودة على سطح خلايا سرطان المبيض في مراحله المبكرة التي يتعرف عليها الجهاز المناعي بصورة أفضل، إضافة إلى تقييم فاعلية اللقاح في القضاء على نماذج صغيرة من سرطان المبيض في المختبر.
بعد ذلك، سينتقلون إلى مرحلة التجارب السريرية مع الأشخاص الذين يحملون طفرات في جين “بي آر سي أي”، الذي يزيد بصورة كبيرة من خطر الإصابة بسرطان المبيض، كذلك مع النساء الأصحاء في المجتمع، لتقييم إمكانية الوقاية من المرض.
وأكد البروفيسور أحمد “في حال نجح اللقاح، فمن المتوقع أ ن يبدأ تأثيره خلال الأعوام الخمسة المقبلة”. وعند سؤاله عما إذا كان بالإمكان القضاء على سرطان المبيض باستخدام اللقاح الجديد، قال “بالطبع هذا هو الهدف، لكن لا يزال لدينا الكثير لننجزه، لكن هذه فترة عامرة بالحماسة، أنا متفائل جداً”.
فيما يأمل العلماء أن يساعد اللقاح الذي سيطورونه الجهاز المناعي على التعرف على أكثر من مئة بروتين موجود على سطح خلايا سرطان المبيض، والمعروفة بمستضدات الأورام. وبعد الانتهاء من تطوير اللقاح في المختبر، سينتقلون لاختباره على المرضى الذين يعانون هذا المرض.
وستتضمن المرحلة التالية النساء اللواتي يحملن طفرات في الجين “بي آر سي أي”، إلى جانب النساء من المجتمع الأوسع اللاتي لا يعانين أمراضاً معروفة، للتحقق من مدى مواءمة اللقاح لكلا المجموعتين في الوقاية من سرطان المبيض.