"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

مجزرة تدمر... ردّ إسرائيلي على "الحشد" العراقي أم رسالة لدمشق؟

نيوزاليست
الجمعة، 22 نوفمبر 2024

مجزرة تدمر... ردّ إسرائيلي على "الحشد" العراقي أم رسالة لدمشق؟

بعد أيام قليلة من استهداف مدينة سراقب الواقعة على خط التماس بين الجيش السوري و”هيئة تحرير الشام” في إدلب، شنّ الطيران الإسرائيلي، الأربعاء، من فوق قاعدة التنف الأميركية في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، واحدة من أكثر غاراته دموية على الأراضي السورية. وضربت الطائرات المغيرة مواقع مختلفة في مدينة تدمر الأثرية الموضوعة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، والتي تُعتبر حالياً مركزاً عسكرياً استراتيجياً تحتشد فيه قوات روسية وإيرانية وسورية بهدف التصدّي لتنظيم “داعش” الذي يتخذ من البادية السورية ملجأً يحاول من خلاله ترتيب صفوفه لإعادة إحياء نشاطه في ظل الفوضى العارمة التي تضرب المنطقة.

ويمكن النظر إلى استهداف تدمر على أنه خطوة إسرائيلية متقدمة على مسار إلغاء الحدود الجغرافية التي كانت تقيّد غاراتها قبل الحرب في لبنان. وإذا كانت في غارة سراقب قد لامست خط التماس بين الجيش السوري و”هيئة تحرير الشام” في ظل تصعيد بينهما على خلفية مخاوف كل طرف من قيام الآخر بعملية عسكرية ضدّه، فإنها في تدمر لامست خط التماس مع تنظيم “داعش”، ومن شأن ذلك في حال تكراره أن يهدّد استقرار خرائط السيطرة الجغرافية، وأن يكسر حالة الهدوء النسبية المستمرة منذ عام 2020، وكذلك أن يعيد خلط الأوراق في المشهد السوري، بما قد يُنذر بموجة تصعيد لا يمكن التكهن بنقطة انطلاقها.

وإلى جانب أهمية مدينة تدمر باعتبارها من مراكز القتال ضدّ “داعش”، هناك جوانب أخرى لا تقلّ أهمية عن ذلك. وتُعتبر المدينة الأثرية من المناطق الغنية بالثروات الطبيعية، لا سيما النفط والفوسفات، وثمة استثمارات روسية وإيرانية في هذه المجالات، لكن قد يكون السبب وراء الغارات هو كونها أصبحت من أهم معاقل الميليشيات الإيرانية في سوريا بعد دير الزور، وقد توازي مدينة حلب لهذه الناحية.

وقد طالت الغارات الإسرائيلية ثلاثة مواقع في المدينة، أولها المدينة الصناعية، ومطعم (استراحة ذاكر)، ومبانيَ في منطقة سكنية، ما تسبب بسقوط العديد من المدنيين، وهو ما أدانته نائبة المبعوث الأممي إلى سوريا نجاة رشدي، التي حذّرت من انزلاق سوريا إلى حرب أوسع نطاقاً.

غير أن حصيلة القتلى وفرزهم بحسب الجنسيات والانتماءات العسكرية، كشف عن تلقّي “حركة النجباء” العراقية الحصة الأكبر من عنف الضربة الإسرائيلية، إذ بلغت خسائرها أكثر من 40 قتيلاً بينهم أكثر من 15 من جنسيات غير سورية.

ولم تستبعد مصادر مقرّبة من الميليشيات الإيرانية العاملة في سوريا أن تكون إسرائيل قد قررت ضرب مراكز فصائل الحشد العراقي في سوريا بسبب عجزها عن استهداف هذه الفصائل فوق الأراضي العراقية، في إشارة، على ما يبدو، إلى تعقيدات الموقف العراقي الواقع بين النفوذين الأميركي والإيراني، وإلى أن تل أبيب، برغم تعرضها للكثير من الصواريخ والطائرات المسيّرة القادمة من العراق، لم تلجأ إلى استخدام الردّ العسكري الذي تستخدمه ضدّ سوريا وإيران واليمن.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد وجّه رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لحثّه على “اتخاذ إجراءات فورية بشأن الميليشيات الموالية لإيران في العراق التي تستخدم أراضيه لمهاجمة إسرائيل”، مشدّداً على أن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها” وفق ميثاق الأمم المتحدة. وقد اعتُبرت هذه الرسالة بمثابة تمهيد إسرائيلي للشروع في استهداف فصائل الحشد العراقي.

وترجح مصادر سورية معارضة أن تكون تل أبيب لم تحصل على ضوء أخضر أميركي لتنفيذ غارات جوية على الأراضي العراقية، بسبب خشية واشنطن على أمن قواعدها العسكرية في العراق وكذلك في سوريا، كما لعدم رغبتها في تفاقم التطورات وتوسيع الصراع ليشمل بلداً جديداً. لذلك، على ما يبدو، وفق المصادر المعارضة، قررت إسرائيل توجيه رسالة بالنار إلى فصائل الحشد العراقي عبر صندوق البريد السوري، فكانت مجزرة تدمر التي دفعت فيها “حركة النجباء” الثمن الأغلى. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن تلجأ إسرائيل إلى ضرب عمق الأراضي العراقية في الوقت المناسب الذي يقترب مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إذ من المتوقع أن تدخل المنطقة في مرحلة جديدة كلياً لها حسابات مختلفة عن مرحلة جو بايدن.

كما أن استهداف تدمر في هذا التوقيت تزامن مع سلسلة لقاءات بين دمشق وطهران، أسفرت عن تأكيد الأولى التزامها محور المقاومة على رغم كل المحاولات التي تُبذل لفصلها عنه، وفق تصريح وزير الخارجية السوري بسام الصباغ أثناء زيارته طهران أخيراً. ويُترجم ذلك عملياً بأن إيران وسوريا ستواصلان دعم “حزب الله” وإمداده بالسلاح برغم التكلفة العالية التي تدفعها سوريا بسبب ذلك. وقد تكون تل أبيب استهدفت مدينة تدمر بهذا العنف المبالغ فيه للردّ على عدم موافقة سوريا على العروض المقدمة إليها، وفق الإعلام العبري والأميركي، لفك ارتباطها بمحور المقاومة، ولإفهام دمشق بأن عليها تحمّل فاتورة ذلك.

النهار

المقال السابق
مستقبل لبنان بعهدة شيعته!
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

. سر استهدافات إسرائيل للمراكز الصناعية بسوريا؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية