اعتمد مجلس الأمن الدولي الإثنين بتأييد روسيا مشروع قرار أميركي يدعو إلى إرساء سلام في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن، لكن من دون أن يتضمّن أيّ إشارة إلى وحدة أراضي هذا البلد، رغم تحفّظات حلفاء كييف الأوروبيين.
والقرار الذي “يحضّ على إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن ويدعو إلى سلام دائم”، حصل على تأييد 10 أعضاء، بمن فيهم روسيا، وامتناع الأعضاء الخمسة الباقين عن التصويت وهم فرنسا وبريطانيا وسلوفينيا واليونان والدنمارك.
ووصفت السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة بالوكالة دوروثي شيا القرار الذي أعدّته بلادها وتبنّاه مجلس الأمن بأنّه “اتّفاق تاريخي”.
وقالت السفيرة “ندعو كل الدول الأعضاء للانضمام إلى الولايات المتحدة في الدفع نحو تحقيق سلام دائم (…) ونحن فخورون بأنّ مجلس الأمن قد فعل ذلك للتو، من خلال اعتماد اتفاق تاريخي، يمثّل إنجازاً كبيراً، هو الأول منذ ثلاث سنوات” حين بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأضافت أنّ “هذا القرار يمثّل طريقاً نحو السلام”، مندّدة بـ”تنافسات خطابية في نيويورك (…) لا تنقذ أرواحاً في ساحة المعركة”.
ومع أنّ بريطانيا وفرنسا تمتلكان حقّ الفيتو في مجلس الأمن إلا أنّها فضّلتا الامتناع عن التصويت عوضاً عن استخدام هذا الحقّ.
ولم تستخدم بريطانيا أو فرنسا حقّ النقض في مجلس الأمن منذ 1989.
بدوره، قال مندوب روسيا في المجلس فاسيلي نيبينزيا “إن موسكو تقدّر تصريحات الرئيس الأميركي ترامب بشأن الأزمة الأوكرانية”.
ينعى القرار المقتضب الأرواح التي فُقدت في “الصراع الروسي الأوكراني”، ويؤكّد أن هدف الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وحل النزاعات سلمياً، ويحث على إنهاء الصراع سريعاً وتحقيق السلام الدائم.
ودفعت جهود الوساطة التي يبذلها ترامب الحلفاء الأوروبيين وأوكرانيا إلى الحذر حيال تركيزه على روسيا والقلق من إمكانية استبعادهم من محادثات السلام.
وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المت حدة باربرا وودوارد للمجلس إن شروط السلام في أوكرانيا مهمة ويجب أن “تبعث برسالة مفادها أن العدوان لا يجدي نفعاً”.
وأضافت “لهذا السبب لا يمكن أن تكون هناك مساواة بين روسيا وأوكرانيا في كيفية إشارة هذا المجلس إلى هذه الحرب. وإذا كنّا نريد أن نجد طريقاً إلى السلام المستدام، فيتعيّن على المجلس أن يكون واضحاً بشأن أسباب نشوب الحرب”.
بدوره، شدّد نظيرها الفرنسي نيكولا دي ريفيير على ضرورة التوصّل إلى “سلام لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يكون مرادفاً لاستسلام المعتدى عليه”.
وأعلن ترامب أنه يبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إبرام صفقات اقتصادية “كبرى” في إطار مباحثات إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكتب ترامب عبر منصّته “تروث سوشال”: “أجري مناقشات جادة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء الحرب، وكذلك المعاملات الاقتصادية التنموية الكبرى التي ستتم بين الولايات المتحدة وروسيا. المحادثات تسير بشكل جيّد جدّاً!“.
إقرأ أيضاً: حرب أوكرانيا بالأرقام: خسائر بشرية ودعم خارجي ومرضى عقليون محتملون!
وحتّى الآن، لم يتمكّن المجلس المؤلف من 15 عضواً من اتخاذ أي إجراء بشأن الصراع في أوكرانيا مع تمتّع روسيا بحق النقض (الفيتو).
فبعد 3 س نوات من الدعم الأميركي والأوروبي المستمر لأوكرانيا التي تكافح لصد الغزو الروسي، دخل ترامب في محادثات مع موسكو بدأت في العاصمة السعودية الرياض بهدف التوصّل إلى تسوية تنهي الحرب، من دون أن يوضح إلى أي مدى سيسمح لأوكرانيا والدول الأوروبية بالمشاركة في صياغة شروط أي اتفاق محتمل.
وتخضع روسيا لعقوبات دولية صارمة فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ردّاً على غزوها أوكرانيا.
الجمعية العامة ترفض موقف أميركا
في وقت سابق، رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضواً مسعى أميركيا لتخفيف موقف المنظّمة الدولية الداعم لسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها والداعي إلى سلام عادل ودائم وشامل بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة التأسيسي.
واعتمدت الجمعية العامة قرارين، أحدهما صاغته أوكرانيا والأوروبيون، والآخر صاغته الولايات المتحدة وتم تعديله ليشمل صياغة داعمة لأوكرانيا. ومنح هذا أوكرانيا والدول الأوروبية انتصاراً دبلوماسياً على واشنطن.
وقالت نائبة وزير الخارجية الأوكراني ماريانا بيتسا للجمعية قبل التصويت “هذه الحرب ليست من أجل أوكرانيا فقط. إنّها تتعلّق ب حق أساسي لأي دولة في الوجود واختيار طريقها والعيش من دون التعرّض للعدوان”.
وحصل القرار المعدّل الذي صاغته الولايات المتحدة على تأييد 93 صوتاً، بينما امتنعت 73 دولة عن التصويت، وصوّتت 8 دول ضده. ولم تفلح محاولة روسيا لتعديل النص الأميركي ليشمل إشارة إلى معالجة “الأسباب الجذرية” للصراع.
فيما حظي القرار الذي صاغته كييف والدول الأوروبية بتأييد 93 صوتاً مع امتناع 65 دولة عن التصويت ومعارضة 18 دولة. وإلى جانب الولايات المتحدة، صوّتت روسيا وكوريا الشمالية وإسرائيل ضد القرار.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة “اليوم رأى زملاؤنا الأميركيون بأنفسهم أن الطريق إلى السلام في أوكرانيا لن يكون سهلاً، وسيكون هناك كثيرون يحاولون ضمان عدم إحلال السلام لأطول وقت ممكن. لكن هذا يجب ألا يوقفنا”.