"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

محمد النغيمش/ لماذا لا يكتب العرب؟

الرصد
الجمعة، 29 سبتمبر 2023

محمد النغيمش/ لماذا لا يكتب العرب؟

هل يُعقل أن عدد العرب (464 مليون نسمة) قد تجاوز عدد الناطقين باليابانية والألمانية والإيطالية لكنهم يقدمون أقل محتوى نصّي في الإنترنت من هذه الدول مجتمعة. الإحصائيات الحديثة، حتى يناير 2023، تشير إلى أن أمة الأدب والشعر و”الكلام” لا تقدم سوى 0.09 في المئة من محتوى الإنترنت فيما يقدم الناطقون بالألمانية ضعف ذلك الرقم بأربعين مرة (3.7٪)، ويقدم اليابانيون 33 ضعفاً (3٪).

وهل يعقل أن عددنا كعرب خمسة أضعاف الإيرانيين، فيما هم يقدمون 25 ضعف مادتنا عبر الإنترنت. وإذا تذكرنا أننا 22 دولة بتنوّعها وثرائها الثقافي فيما الأمة الإيرانية دولة واحدة ستصبح الصدمة مضاعفة. نفرح للإيرانيين لأنهم سبقونا لكننا على ما يبدو أمة شفهية بحق. نتكلم أكثر مما نكتب. ولولا أن الشعر لم يُحصد من صدور الرجال والنساء لضاع ديوان العرب وأبياته الخالدة.

في الأسبوع الجاري، استقطب نادي دبي للصحافة، في منتدى الشباب الإعلامي، نجم البودكاست السعودي عبد الرحمن أبو مالح الذي كان يتساءل كيف يمكن أن ينتج الألمان أضعاف ما نقدمه في الإنترنت مع أن عددهم أقل منا بكثير؟ وتساؤله الوجيه يجرّنا إلى السبب الذي يجعلنا مقلين في النشر. هل السبب في الأفراد أم المؤسسات أم الحكومات؟ شخصياً، أعتبر أن المسؤولية مشتركة. ويشاطرني الرأي أبو مالح مقدم برنامج البودكاست المعروف “فنجان” ومؤسس شركة “ثمانية”. إلا أنه يرى أن مسؤولية الفرد أكبر في صناعة محتوى هادف وهذا ما دفعه لخوض غمار البودكاست رغم أن مشاهداته كانت في حدود 50 إلى 100 مشاهدة ولم تتجاوز سقف 10 آلاف في العام الأول. شعر “بوحشة” لكنه كان يؤمن بأن “الاستمرارية” هي الحل حتى تمكن من بلوغ ملايين المشاهدات. بل إن إحدى حلقاته شاهدها نحو ربع مليار مشاهد وهو ضعف عدد سكان جمهورية مصر العربية!

وربما نجد الإجابة في الأردن، حيث إنها تستحوذ على نصف المحتوى العربي في الإنترنت. كثير منها يعود لتركيزها على منصات تحصد مليارات المشاهدات أو الزيارات مثل “مكتوب” و”موضوع” و”سوق دوت كوم”. وتدعم الحكومة الأردنية قطاع تكنولوجيا المعلومات بحوافز، وقروض ميسرة، وعدم فرض ضريبة مبيعات على بعض خدماته. وهي تجربة تستحق التأمل والدراسة. أشهرها بيع “مكتوب” لشركة “ياهو” بسعر 85 مليون دولار وهي شهادة للمحتوى العربي إن أحسن إعداده.

على الصعيد المؤسّسي، يُفترض بالجهات الحكومية أن تأخذ على عاتقها ضرورة غزارة نشر المحتوى في مواقعها لمن أراد الاستزادة، أو ربما التوجه نحو مشاريع ترجمة أفضل المواقع العالمية. ولماذا لا تفرغ المؤسسات الإعلامية كثيراً من المقابلات الوثائقية المصورة إلى نصوص كما تفعل بعض القنوات الإخبارية لتكون مصدراً غزيراً للمعلومة. فضلاً عن ترجمة الموسوعات أو إطلاق أكبر موسوعة في تاريخ الأمة العربية بشكل أنيق وموثوق وسريع البحث.

الأفراد كذلك، عليهم عبء أن ينوروا الناس بتجاربهم، كتابة. وكذلك صناع المحتوى المحترفون لا بد من وجود جهة تحتضنهم وتستفيد من قدراتهم. فبعد انكماش قطاع الصحافة “تبدد” الموهوبون في دهاليز البحث عن أعمال بديلة.

صناعة المحتوى حماية وتعزيز لإرث ومعرفة الأمة. ويصعب أن نتخيّل بقاء اللغة العربية حيّةً من دون أن نغذيها بمحتوى مستدام لا ينضب، من العلم، والمعارف، والحلول التي تسهّل حياة الناس، بلغة عصرية وتصميم أنيق.

النهار

المقال السابق
مداخيل الغاز اللبناني المحتملة في خطر
المادة التالية
أموال...رئاسيّة؟

الرصد

مقالات ذات صلة

ماذا يحصل في غزة المنسية؟!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية