"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"محكوم عليك بالإدمان": تحقيق يتعقّب مافيات إدخال المخدرات إلى سجن رومية المركزي

فاطمة العثمان
الأحد، 25 فبراير 2024

"محكوم عليك بالإدمان": تحقيق يتعقّب مافيات إدخال  المخدرات إلى سجن رومية المركزي

فاطمة العثمان- “نيوزاليست”

على مدار عام واحد بعد احتجازه في سجن “رومية” اللبناني، بتهمة الدخول خلسة، إثر محاولته الانضمام الى عائلته في لبنان، تحوّل الطبيب السوري الشاب المعروف باسم «ماهر» إلى نزيل في مصحات معالجة الإدمان على المخدرات.

ويعكس سقوط “ماهر” في جحيم تعاطي المخدرات أثناء وجوده في السجن، وجود مشكلة ضخمة تتجسّد في عمليات تهريب المخدرات لتسهيل استهلاكها بين “نزلاء” يُضعفهم لهفهم الى الهروب من واقعهم المر. وبسبب هذه العمليات الجرمية تضاعف سوء سمعة سجن المركزي.

و يقع أكبر سجن في لبنان في منطقة رومية في قضاء المتن شرق بيروت، ويأوي ما يقرب من 5500 نزيل. ويُعتبر هذا السجن من أكثر السجون اكتظاظا، إذ إنّه يأوي محتجزين على ذمة المحاكمة، ويطلق عليهم اسم “موقوفين”، كما أولئك الذين تمت إدانتهم بالفعل، ويلق عليهم إسم “محكومين”. يضم السجن أقسامًا منفصلة للشباب من المراهقين والنساء والرجال.

ونظراً للحجم الكبير للسجن وتوفر شهادات تفيد بانتشار شبكات المخدرات فيه، أصبح سجن رومية في حد ذاته، هدفًا لمعركة لبنان ضد آفة المخدرات.

موقوفون في سجن رومية المركزي

“كنتُ طبيبًا يعالج المصابين والمرضى في سوريا، وأصبحت سجينًا حيث لا مكان للأصحّاء”

النزوح الى ..الإدمان

فجر الرابع من نسيان/أبريل 2017، وعلى الطريق الواصل بين منطقة “شبعا” والعاصمة بيروت، أوقف حاجز متنقل سيارة كانت تقل الطبيب السوري “ماهر” واثنين من أصدقائه كانوا قد دخلوا الأراضي اللبنانية عبر أحد المعابر غير الشرعية في جبل الشيخ، بالتنسيق مع مهربين من الداخل السوري عزموا على نقلهم من بلدة “بيت جن” إلى منطقة “شبعا” اللبنانية، وآخرين كانوا يعزمون نقلهم منها إلى بيروت حيث تقيم عائلة “ماهر” النازحة .

ويصف ماهر تجربة اعتقاله قائلا: “دخلنا الأراضي اللبنانية عبر بلدة بيت جن ليل الرابع من نيسان، وبقينا في منزل أحد المهربين المنسقين مع المهرب السوري حتى فجر اليوم ذاته، ثم خرجنا من المنزل متجهين نحو بيروت بواسطة سيارته، وما أن تجاوزنا مدخل البلدة، حتى أوقفنا حاجز متنقل يتبع للمخابرات اللبنانية، ونقلنا جميعاً إلى مخفر شبعا للتحقيق، بعد الإفصاح عن دخولنا لبنان بطريقة غير شرعية قبل ساعات.

أمضى “ماهر” ورفاقه ساعات عدة في مخفر شبعا، حتى جاء الأمر بنقلهم إلى سجن رومية، على الرغم من عدم اكتمال التحقيق معهم بتهمة “التسلل” الى الأراضي اللبنانية. ويعتقد ماهر أن هناك الكثير من الأشخاص الذين قُبض عليهم في تلك الفترة أثناء عبورهم بالطريقة ذاتها، وأطلق سراحهم بعد أيام عدة، لكنه يرى أن سبب احتجازهم لفترة أطول يرجع إلى ” واقع العمليات العسكرية التي كانت تشهدها منطقة “بيت جن” ومحيطها آنذاك، ممّا أثار الشكوك حولنا”.

التهمة التي واجهها “ماهر” لم تقتصر على الدخول الى لبنان خلسة من سوريا بل توسعت لتنسب إليه دخوله تسللًا من لبنان من داخل إسرائيل”، كون المعبر الموجود في تلك المنطقة يقع في المثلث الحدودي بين سوريا ولبنان ومرتفعات الجولان.

وهكذا، تحوّلت حياة ماهر بشكل كبير بعد قضائه عام كامل في سجن رومية: “كنتُ طبيبًا يعالج المصابين والمرضى في سوريا، وأصبحت سجينًا حيث لا مكان للأصحّاء”، إذ يعتبر أنّه ما من سبيل في سجن رومية لتحاشي تعاطي مادة الحشيش حيث لا بدّ من مجاراة السجناء طيلة مدة المحكومية.

كثير من السيدات متورطات في عمليات توفير المخدرات لمروّجيها في سجن رومية المركزي إذ يعتمدن على “أعضائهن التناسلية”

ويقول العميد “غسان عثمان” مدير السجون اللبنانية سابقاً، ومستشار وزير الداخلية إنّ انتشار المخدرات داخل سجن رومية ليس بجديد، وإنّ القوى الأمنية المولجة حماية السجن تقوم بواجبها على أكمل وجه، مضيفاً: “على الرغم من نجاح بعض المحاولات لإدخال المخدرات، إلا أن القوى الأمنية تضبط معظمها”.

ولكن، وعلى الرغم من هذا التأكيد، فإنّ الأحداث الأخيرة كما إفادات السجناء وضباط السجن، تفيد بأنّ مشكلة المخدرات التي يعاني منها سجن رومية لا تزال خارج السيطرة، ففي آذار/ مارس 2023، حاول مجهولون تهريب 74 حبة مخدرة ومادة بيضاء اللون وهاتف خلوي وحافظة بيانات” USB “بواسطة طائرة مسيرة. وقبل ذلك بيومين، ضبطت مجموعة التفتيشات التابعة لسرية السّجون المركزية في وحدة الدرك الإقليمي، سيدة كانت تحاول تهريب كميّة من مادة الحشيش مغلّفة ومخبّأة بطريقة محترفة داخل جسدها، أثناء قدومها لزيارة ابنها نزيل سجن الموقوفين بجرم مخدرات في سجن رومية. وفى أواخر آب/ أغسطس 2022، قُتل السجين “سيرج الملوش“ بطريقة وحشية على مرأى من السجناء الآخرين على يد أحد السجناء المهووسين بالمخدرات ويدعى حنا عبد الأحد. وغالبا ما تدفع تلك الأحداث الصادمة الكثيرين لطرح الأسئلة نفسها التي طرحها أقارب الملوش: كيف وصلت المخدرات والسكاكين إلى الزنازين؟ أين كان الحراس أثناء ارتكاب الجريمة؟

الأسئلة كثيرة، ولكن الحصول على إجابات عنها …صعبة!

تجارة المخدرات واستهلاكها أسلوب حياة في سجن رومية

ثقافة تعاطي المخدرات في سجن رومية

ادرك ماهر في وقت مبكر من سجنه أن تجارة المخدرات واستهلاكها كان أسلوب حياة في سجن رومية. ويتذكر: “قد نجد صعوبة في تأمين الأدوية اللازمة لعلاج أحد السجناء المرضى، بينما العثور على الحشيش وحبوب الكبتاغون وغيرها من المواد المخدرة ليس بالأمر الصعب، والأكثر سهولة من ذلك هو تعلّم التعاطي ومن ثم الإدمان”.

ولاحظ ماهر أن هناك عامل حماية اجتماعي يقف وراء ممارسة تعاطي المخدرات بين النزلاء، ويقول: “لا مكان للصحيح هناك، ولا فائدة للنصيحة بين السجناء، فإما أن تكون واحدًا منهم وتعايشهم، أو أن تكون رافضاً لتصرفاتهم وهو ما يعتبرونه معاداة لهم “.

والدة السجين “علي” أيّدت ما قاله ماهر حول انتشار استخدام المخدرات في سجن رومية ، واصفة حال ولدها الذي تغير خلال عشرة أشهر قضاها داخل سجن رومية بتهمة لا علاقة لها بالإدمان أو التعاطي، موضحة: “دخل ولدي إلى السجن بتهمة تتعلق بقضية “سرقة”، وكان من المفترض أن يتم إخلاء سبيله بعد ثلاثة أشهر مقابل كفالة مالية، إلا أن وضعي المادي لم يسمح لي بدفع هذه الكفالة، فاستمرت مدّة حبسه عشرة أشهر، تحوّل خلالها إلى مدمن للمخدرات رغم أنه لم يكن يعرف عن هذه المواد شيئاً قبل دخوله السجن بتهمة السرقة ، إلا أن آثار الإدمان أثرت على حالته الجسدية والعقلية بشكل كبير”.

وأوضحت والدة علي: “لقد كان هادئًا جدًا، والآن أصبح سريع الغضب وعدائيًا للغاية”.

“أم حسين” وهي والدة أحد السجناء بتهمة “التعاطي” قالت إنها باتت تخاف إرسال الأموال إلى نجلها السجين في “رومية”، على الرغم من إلحاحه دائماً في طلب الأموال، لأنّها تعتقد بأنّ أي أموال سترسل لابنها ستذهب لشراء المخدرات. وأوضحت أم حسين قائلة: “دخل حسين ورفاقه إلى السجن بجرم “التعاطي”، لكنهم أصبحوا مدمنين بشكل أكبر داخل رومية. لا يمكننا منعه من التعاطي، لكن يمكنني قطع الأموال عنه لمنعه من الشراء”.

drugd in roumieh1

“قد نجد صعوبة في تأمين الأدوية اللازمة لعلاج أحد السجناء المرضى، بينما العثور على الحشيش وحبوب الكبتاغون وغيرها من المواد المخدرة متيسّر

هناك وسيلة “رائجة” لإدخال المخدرات الى السجن وتتم من خلال السجناء الذين يتاح لهم الوصول إلى المشافي الخارجية، إذ يُعتبر السجناء المرضى الذين لديهم مراجعات دورية إلى المشافي خارج السجن، من أبرز المتورطين في عمليات التهريب، حيث يستلم هؤلاء المواد المخدرة داخل المشفى أثناء المراجعة، ويدخلونها إلى السجن عندما يعودون إليه.

وقد حصلنا، في أثناء إعداد هذا التحقيق، على صور حصرية لسجين تعرض إلى بتر بقدمه، توضح إقدامه على إخفاء كميات من المواد المخدرة داخل بنطاله من جهة قدمه المبتورة أثناء مراجعته للمستشفى، ومن ثم إخراجها داخل السجن كونه لا يخضع للتفتيش. وفي حالات أكثر خطورة، كان السجناء الذين يراجعون المشفى الخارجي يقومون بابتلاع المخدرات، وبعد وصولهم السجن يقومون بالتغوط ويتم سحب المخدرات من فضلاتهم.

drugs in roumieh

وبحسب الشهادات فإن هناك طريقة ثانية لإدخال المخدرات الى السجن، إذ يتم خارجه طحن الحبوب المخدرة وتشبيعها في المناشف. وحين يتم إدخال المناشف الى السجن تتم معالجتها واستخراج المواد المخدرة التي فيها.

ولا تقتصر عمليات التهريب عل الرجال فقط، فهناك كثير من السيدات المتورطات في تلك العمليات خلال الزيارات، حيث يعتمدن على “أعضائهن التناسلية” لإدخال المواد المخدرة إلى السجن، بحيث يتم وضع المخدرات في “واقٍ ذكري”، وتقوم المتورطات بوضعه داخل “العضو التناسلي” لحين وصولهن الى باحة السجن، وتضعه في زاوية محددة متفق عليها مع السجناء العاملين في الترويج.

تتبع شبكات توزيع المخدرات

تشير شهادات من مصادر عدة داخل سجن رومية المركزي إلى وجود سجناء يشكلون عناصر فاعلة في شبكات تهريب المخدرات، بما في ذلك أولئك الذين ينحدرون من عائلات لها تاريخ طويل في تجارة المخدرات. وأشار أحد المسؤولين الأمنيين في سجن رومية إلى أن التنافس بين عصابات تجار المخدرات المختلفة في السجن أصبح له طابع خاص، حيث تتجوّل عصابات ترويج المخدرات بأريحية تامة داخل السجن وتفرض خوّات على السجناء خلال فترة سجنهم، تبدأ بتقاضي مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على أسرّة للنوم وطعام وسجائر وغيرها تحت ستار “الحماية”، إلى جانب “الكارت” الخلوي الذي يستخدمه السجناء للاتصال بعائلاتهم، بحيث يباع بسعر أغلى بسبعة أضعاف على الأقل من سعر “الكارت” في السوق. غالبا ما يتعرض أولئك الذين يرفضون الامتثال لأنظمة العصابات للضرب. وفي الواقع، صرح أحد المسؤولين أن معظم المعارك التي تحدث بين “عصابات السجون” والسجناء الآخرين تأتى نتيجة خلافات مالية متعلقة بالمخدرات أو بسبب رفض الانصياع لقرارات هذه العصابات.

مساعدة حراس الأمن

يرى الأشخاص الذين أجرينا معهم مقابلات أن هذه الديناميات تتم بعلم ودراية – وفي كثير من الأحيان لمصلحة– ضباط وموظفي السجن الرئيسيين. وأشار ماهر إلى أن أفراد هذه العصابات يتمتعون بحماية الضباط والدرك الذين يتقاسمون معهم الأموال التي يجمعونها من السجناء.

ووفقا لشهادة ماهر: “ليس هناك من يلاحق هذه القضايا، ولا مساءلة للمتعاطين، بل على العكس تماماً، بسهولة كبيرة يمكنك العثور على المروجين والمسؤولين عن إدخال تلك المواد إلى داخل الزنازين، وغالباً ما يقف عناصر الحراسة في صف المروجين حال وجود أي خلاف حول تصريف المواد مع باقي السجناء، فهم أولاً وأخيراً المسؤولون والمستفيدون”.

ويضيف ماهر أن مهمة مروجي المخدرات داخل السجن تبدأ بعد وصول المواد المخدرة إلى داخل الزنازين، امّا أصحاب المهمة الأولى هم الضباط والعناصر المتورطون في عمليات إدخال المواد المخدرة، سواء كان بطريقة مباشرة من قبلهم، أو من خلال تقديم تسهيلات لأقارب وأصدقاء المروجين القادمين في زيارات غير منقطعة.

تتم عمليات إدخال المواد النخدرة وترويجها بعلم ودراية – وفي كثير من الأحيان لمصلحة– ضباط وموظفي السجن الرئيسيين

وتقول أم حسين: “لا شك في أنّ هناك من يساعد على وصول تلك السموم إلى داخل السجن، ولا يخفى علينا تورط ضباط وعناصر في تلك العمليات”، متسائلة: “لماذا عرضت السكاكين التي صادرتها عناصر القوى الأمنية خلال مداهمة غرف المساجين في رومية على الإعلام، ولم يتم عرض المخدرات التي تعتبر أكثر خطورة؟ هل تجرؤ القوى الأمنية على عرض المخدرات الموجودة داخل السجن؟ أم أن “الرؤوس الكبيرة” تمنعهم؟“.

السكة

تطرق السؤال الذى طرحته أم حسين إلى جانب أساسي من مشكلة المخدرات المنتشرة في سجن رومية. على الرغم من أن شبكات تزويد المخدرات داخل السجن تعتمد على طرق عدة لوصول المواد المخدرة إلى الداخل، إلا أن السجناء الحاليين والسابقين إلى جانب مسؤولي الأمن أشاروا، على وجه التحديد، إلى ما يعرف بـ “سكة المخدرات”، يعمل من خلالها ضباط السجن بتسهيل إدخال المواد المخدرة للسجن. ولم ينفِ العميد “غسان عثمان” مدير السجون اللبنانية سابقاً، تورط بعض العناصر في عملية تسهيل إدخال الممنوعات إلى السجن، إلا أنه تتم محاسبتهم ضمن المؤسسة، معتبراً وجودهم “أمر طبيعي”.

إنّ استخدام الضباط لسياراتهم التي لا تخضع للتفتيش، قد سهل عليهم نقل المواد المخدرة إلى السجن

وهناك مصادر من داخل السجن تفيد بأن استخدام الضباط لسياراتهم التي لا تخضع للتفتيش، قد سهل لهم نقل المواد المخدرة إلى السجن. كما يتم في حالات أخرى وضع أسماء بعض الأشخاص على بوابة السجن بالتنسيق مع بعض الضباط، بهدف تسهيل عبورهم كزوار للسجناء، وإخضاعهم لتفتيش “شكلي” ليتمكنوا من إدخال المخدرات.

وتشير هذه المصادر أيضاً إلى وجود آليات مختلفة للتنسيق بين الضباط وغيرهم من الأفراد المتورطين في تسهيل عمليات التهريب. وتشمل تلك الأليات اتفاقات داخل السجن بشكل مباشر، وأخرى مع مشغلي الشبكات الرئيسيين من الخارج.

وتظهر المعلومات التي حصلنا عليها إلى وجود مجموعة أساسية من الضباط وغيرهم من العملاء المتورطين في عمليات تهريب المخدرات في رومية، بما في ذلك أشخاص تسمح لهم مناصبهم بتسهيل تلك العمليات.

أضطر عدد من العاملين في السجن على التعاون مع شبكات التهريب تحت التهديد من قبل مروجين مرتبطين بشخصيات سياسية لها أذرع أمنية تعمل على تغطيتهم أمنياً

وبطبيعة الحال، إن مدى حرية اختيار بعض مسؤولي وحراس السجن في المشاركة في عمليات التهريب هو أمر مطروح للنقاش، فوفقا لمصادر عدة، أضطر العديد من العاملين بالسجن على التعاون مع شبكات التهريب تحت التهديد من قبل مروجين مرتبطين بشخصيات سياسية لها أذرع أمنية تعمل على تغطيتهم أمنياً داخل السجن. وبحسب أحد العناصر فإن المسؤولين عن عصابات الترويج داخل سجن رومية، يفتعلون مشاكل مع عناصر الدرك والأمن الداخلي الذين يرفضون التعاون معهم، كما تعرض العديد من العناصر للتهديد والاختطاف والضرب بعد محاولتهم عرقلة عمل تلك الشبكات. في هذا السياق، يقول الطبيب السوري ماهر، إن ضباط الأمن وموظفي السجون الذين يتقاضون ما لا يزيد عن 50 دولارًا شهريًا، قد لا يجدون وسيلة أخرى غير المشاركة في تهريب المخدرات داخل السجن. ومع ذلك، فإن المشاركة المتشابكة لمسؤولي الأمن وموظفي السجن تشير إلى الحجم الهائل لمشكلة المخدرات في سجن رومية والمخاطر العديدة المصاحبة لها.

تعرض العديد من أفراد القوى الأمنية العاملة في سجن رومية للتهديد والاختطاف والضرب بعد محاولتهم عرقلة عمل شبكات ترويج المخدرات

قيادة قوى الأمن الداخلي

فساد على مستوى القيادة

في ظل الصراعات المستمرة التي يواجهها لبنان مع قيادة وحدات مكافحة المخدرات فإن تورط الضباط في تسهيل تجارة المخدرات في سجن رومية لا ينبغي أن يكون مفاجئاً. وفى هذا الصدد، يمتد الفساد في لبنان ليشمل القيادات العليا أيضا، ففي مطلع شباط/فبراير 2022 تم توقيف رئيس مكتب مكافحة المخدرات العقيد ” هنري منصور” على خلفية قضيتين تتعلقان باختفاء كميات كبيرة من مادة الكوكايين من مستودع المضبوطات لدى مكتب مكافحة المخدرات، وباتت تلك القضية تعرف باسم “فضيحة مخزن التلف في مكتب حبيش”.

علاوة على ذلك، أشار تقرير صدر في أواخر يوليو/تموز 2020 إلى أن الكوكايين الذي ضبطه مكتب مكافحة المخدرات سابقًا قد تم بيعه بعد ذلك إلى علي منذر المعروف بـ “أبو سلة”، - الذي اشتهر باختطاف مواطن سعودي وتم القبض عليه في عام 2019 بتهمة تهريب المخدرات بالتنسيق مع شبكة المخدرات في سجن رومية، كما تمت إدانة أربعة شخصيات عسكرية أخرى في القضية ذاتها.

وحُكم على “منصور” في منتصف نيسان/ أبريل 2021 بالسجن لمدة شهرين ودفع غرامة قيمتها مليون ليرة لبنانية، بعد إدانته من قبل المحكمة العسكرية بجرم مخالفة التعليمات في قضية اختفاء الكوكايين، وإساءة استعمال سلطته والإهمال الوظيفي، كما تمت محاكمة أربعة عسكريين من رتب مختلفة في القضية ذاتها.

وسبق قضية رئيس مكافحة المخدرات قضية مشابهة عام 2015، أصدر فيها قاضي التحقيق العسكري الأول حينها “رياض أبو غيدا” حكمه بإيقاف اثنين من ضباط قوى الأمن الداخلي، بينهما واحد برتبة عقيد وآخر برتبة “مقدم” عن الخدمة بشكل نهائي، بتهمة الإشراف على عملية إدخال كمية كبيرة من المخدرات إلى سجن رومية بعد “إغرائهما” من قبل “شاويش” مبنى الأحداث الذي “يعاونه” سجناء آخرون. وتم الكشف عن عصابة المخدرات بعد إيقاف أحد الضباط ثم اعتقاله لرفضه مواصلة المشاركة بسبب حفل زفافه القادم.

من الواضح أن شبكات المخدرات في سجن رومية لا تزال تشكل تحديًا مستمرًا وواسع النطاق لضباط مكافحة تهريب المخدرات في لبنان. ولكن إلى أن يتم تطهير تلك المؤسسات ووضع حد لمشاركاتها في علميات التهريب، سيستمر سجن رومية في العمل كمصنع للإدمان عوضاً عن أن يكون وسيلة للتخفيف من أزمة إدمان المخدرات المتزايدة في لبنان.

المقال السابق
زيلينسكي يكشف عن عدد قتلى الجيش الأوكراني
فاطمة العثمان

فاطمة العثمان

صحافية

مقالات ذات صلة

إسرائيل "واثقة" من مقتل محمد حيدر وتهدد بإرسال نعيم قاسم "الى الجنة"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية