أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا في 9 أغسطس/آب أن 731.146 لاجئاً سوري الجنسية لا يمكن العثور عليهم في العناوين التي تم تسجيلهم فيها. ويمثل الرقم حوالي 23 بالمائة من مجموع اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا والذي يبلغ عددهم حوالي 3.1 مليون لاجئ ولاجئة.
ومؤخراً، أصدرت السلطات تحذيرات باللغات العربية والتركية والإنكليزية للاجئين المخالفين بضرورة تحديث عناوينهم خلال 90 يوماً. وينتهي الموعد النهائي في نهاية أغسطس/آب، وبعدها سيكون لدى المخالفين فترة شهرين إضافيين لتصحيح أوضاعهم وتسجيل عناوينهم الجديدة. وفي حال عدم القيام بذلك ستقوم الدولة التركية بإلغاء تسجيلهم بشكل تلقائي. وهذا يعني أنهم سيفقدون وضع الحماية الخاص بهم وسيُنظر إليهم على أنهم “مهاجرون غير شرعيين”.
وعنوان التسجيل بغاية الأهمية بالنسبة للاجئين؛ إذ لا يمكنهم الحصول على الخدمات المجانية مثل التعليم أو الصحة إلا في حال عيشهم في عناوينهم المسجلة لدى السلطات. ويجب على الراغبين في الانتقال إلى شقة أو مدينة أخرى التقدم بطلب إلى سلطة الهجرة المختصة. وفي حال عدم قياهم بذلك، فسيتم اعتبارهم هاربين تلقائياً، وسيتم إلغاء تسجيلاتهم ولن يتمكنوا بعد ذلك من التمتع بحقوق اللاجئين.
مزاج عام ضد السوريين
تبحث الدولة فيما إذا كان اللاجئ قد استفاد من إحدى الخدمات في السنوات الأخيرة، كزيارة المستشفى أو تلقي مساعدات من الهلال الأحمر أو تسجيل الأطفال في المدارس. في حال عدم وجود أي شيء من هذا القبيل، فإنها تنطلق من فرضية أن اللاجئ غادر البلاد بشكل غير معلن وغير قانوني.
وبحسب المعلومات الرسمية، قام 203.978 لاجئاً بتحديث عناوينهم حتى الآن. وقد قام 130.430 شخصاً آخر بحجز موعد للقيام بذلك. ولكن، لم يعثر على آثر للمتبقين البالغ عددهم 396.000 لاجئ ولاجئة.
وفي ظل الضغط الاجتماعي قيما يتعلّق بسياسة الهجرة، بدأت الحكومة في التحقق من عناوين اللاجئين المسجلة في سبتمبر/أيلول 2023. وقامت قوات الأمن بقصد عدد من المنازل للتأكد أنهم يعيشون في العناوين المسجلة.
وفي يونيو/حزيران، أعلن وزير الداخلية أن 658.463 سوري الجنسية قد عادوا إلى ديارهم. هذا وتتخذ تركيا إجراءات أكثر صرامة ضد مهربي البشر منذ عام 2015 من أجل تقليل عدد اللاجئين في البلاد، على ضوء ذلك تم بحلول أغسطس/آب 2024 القبض على 7176 من مهربي البشر، وجرى اعتقال 10482 آخرين في عام 2023.
وحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كانت تركيا الدولة التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين في العالم لعدة سنوات. وانخفض العدد الرسمي للاجئين في تركيا بمقدار 634.000 في السنوات الثلاث الماضية: في عام 2021، بلغ العدد 3.73 مليون لاجئ ولاجئة. وبتاريخ الأول من أغسطس/آب 2024 بلغ عددهم 3.1 مليون إنسان. وبحسب البيانات الرسمية الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2023، حصل حوالي 238 ألف لاجئ سوري على الجنسية التركية.
تفترض وزارة الداخلية التركية أن العديد من اللاجئين المفقودين هاجروا إلى أؤروبا بشكل غير قانوني. وبعد الانتهاء من المراجعة، ستعلن تركيا بشكل رسمي عن الأرقام النهائية وسترسلها إلى وكالة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتكس). ومع ذلك، لا يمكن توقع أن تعلن تركيا الرقم الحقيقي لعدد اللاجئين المغادرين. ويعود السبب في ذلك إلى أن الحكومة لا تريد أن تخسر الأموال التي تتلقاها من الاتحاد الأوروبي لمساعدة اللاجئين.
“بيانات بيومترية”
تثير هذه القضية مخاوف بشأن الأمن الداخلي للبلاد، بمعنى أن الأمر يعطي الانطباع بأن الدولة ليس لديها السيطرة على أراضيها ولا تعرف الداخل إليها والخارج منها.
واتهم السياسي المعارض، مراد باكان، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، الحكومة ـ “الضعف الخطير”. وقال: “لا يوجد دولة أخرى في العالم، لا يعيش هذا العدد الكبير من المهاجرين في الأماكن التي يتعين عليهم العيش فيها بشكل قانوني”. ويردف: “تحديث العناوين لا يحل المشكلة. ولا يعني أن هؤلاء الأشخاص يعيشون فعلياً في العنوان الذي يقدمونه”.
ويدعو مراد باكان إلى إجراء إحصاء “عاجل” للاجئين وجمع “بياناتهم البيومترية”. ويردف نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري أن اللاجئين القادمين من مناطق الصراع يشكلون “تهديداً جسيماً” للأمن الداخلي لتركيا وقد يكون بينهم “إرهابيون”. ويختم بالقول: “في بلد معروف بمحاربته للإرهاب منذ سنوات، يجب التعامل مع قضية الهجرة من منظور أمني”.