"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

مأزق "حزب الله" الكبير!

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 30 مارس 2024

رفضت إسرائيل عرضًا قدّمه “حزب الله” لها، قبل يومين، عبر القنوات المعتمدة بينهما.

عرضُ “حزب الله” لإسرائيل يقضي بالعودة الى “قواعد الإشتباك” السابقة، أي إبقاء المواجهات الصاروخية محصورة بالمساحات الملاصقة للحدود اللبنانيّة- الإسرائيلية.

لقد حاول “حزب الله” الإستفادة من توجيه صاروخ “بركان” الشديد الإنفجار نحو مساحة مفتوحة في إحدى المستوطنات الإسرائيلية، من أجل حثّ أصحاب القرار في إسرائيل على الموافقة.

ولكن الحكومة العبرية رفضت العرض، وردّت عليه بتوسيع استهدافاتها وتزخيم التصعيد الذي دخل، في الثالث والعشرين من آذار الجاري، واحدة من أخطر مراحله!

ولا يمكن تكذيب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بعدما وضع شاهدين على كلامه، وهما نظيره الأميركي لويد أوستن والوسيط الأميركي عاموس هوكتشاين، عندما كشف، أمس، عن أنّه أبلغ الإدارة الأميركية بعزم بلاده على تزخيم المواجهة مع “حزب الله”، لجهة توسيع نطاقها ورفع حدّتها!

وقدّم “حزب الله” عرضه لإسرائيل بالعودة الى “قواعد الإشتباك”، بعدما وصلت إليه، عبر “صندوق البريد” الذي يعتمده هوكشتاين، أجواء التفاهم الجديد بين وزارتي الدفاع الأميركية والإسرائيلية، بخصوص الجبهة اللبنانية.

تفاهم يقضي برفع إسرائيل وتيرة استهدافاتها ل”حزب الله”، ولكن من دون تنفيذ أيّ عملية اقتحام بريّة للبنان، في حال بقيت “الجمهورية الإسلامية في إيران” عند تكليفها الشرعي للحزب بوجوب الإلتزام بقواعد” الصبر الإستراتجي”!

وبات “حزب الله” يخشى، في حال جنحت حساباته عن الدقة الواجبة، من أن يتحوّل إرجاء العملية البريّة الإسرائيلية، لأسباب دبلوماسية وسياسية ولوجستية، ضد مدينة رفح في قطاع غزة، إلى مناسبة تتيح للجيش الإسرائيلي بتحويل “المعركة الحدودية” مع لبنان الى حرب حقيقية، في ظل تمتع هذا الجيش بتفوّق نوعي عليه، بدليل أنّه، على الرغم من كل التدابير التي اتخذتها “المقاومة الإسلامية في لبنان”، فشلت في سد الثغرات التي ينفذ منها الجيش الإسرائيلي لاستهداف “نخبة” مقاتليها أينما كانوا في لبنان أو في سوريا، بحيث أصبح عدد شهدائها أكبر من عدد قتلى هذا الجيش قطاع غزة.

ويواجه “حزب الله” مأزقًا غير مسبوق، فهو، دخل في “حرب طوفان الأقصى” على أساس “وحدة الساحات”، ولكنّ إسرائيل بدعم من حلفائها الغربيّين فتّتت هذه الوحدة، فجبهة لبنان لم تفلح في ردع إسرائيل في قطاع غزة، وجبهة غزة لم تعد قادرة على إلهاء إسرائيل عن جبهة لبنان، والضفة الغربية تعاني من مصاعب كبيرة وبدت، على الرغم من النداءات المتكررة، عاجزة عن تنظيم ولو شبه انتفاضة، والمقدسيون، على الرغم من عشرات الآلاف الذين يحتشدون كل جمعة للصلاة خلال شهر رمضان، لا يُحدثون ضررًا لإسرائيل يوازي حتى تلك الأضرار التي يتسبب بها المتظاهرون الإسرائيليون ضد بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية، و”حوثيو اليمن” باتوا في مشكلة مع ائتلاف دولي يعسكر البحر الأحمر، وصواريخ “المقاومة الإسلامية في العراق” التي تنطلق نحو إسرائيل لا يزال حبرها أكثر تأثيرًا من بارودها، وسمعة الجمهورية الإسلامية في إيران “تبهدلت”، بحيث اتضح أنّ “المقايضة” هي هدف شعاراتها “القدسية”!

وحتى لو كانت إسرائيل في هذه المرحلة غير معنية بتوسيع الحرب بل بتوسيع الإستهدافات فقط، فإنّ قدرة “حزب الله” على التحمّل وصلت الى أسوأ وضعية، فهو يعاني، على سبيل المثال لا الحصر، من شبه عزلة وطنية، في ظل رفض غالبية المكوّنات الوطنية ل”حرب المشاغلة”، كما يعاني من أنين بيئته الحاضنة التي اتشحت معظم نسائها بالسواد.

ولا يوجد إنجاز واحد يمكن أن يتباهى به “حزب الله”، على الرغم من تفعيل ماكينته الدعائية التي، بفعل الحاجة الى تضخيم أي حدث، تظهر تافهة، مثل تفاخرها بصورة صاروخ، أو ظهورها منتشية بحريق في أحد أحراج شمال إسرائيل، أو في اعتبارها رفع صوت شماليّي إسرائيل ضد حكومتهم بمثابة انتصار لها.

وإذا كان “حزب الله” قد دفع بالحكومة الإسرائيلية، ومن أجل إدارة معركة الجبهة مع لبنان، وفق ما يلائمها، الى إجلاء سكان 42 بلدة وقرية إسرائيلية، فإنّ ذلك لم يحصل من دون ثمن باهظ على الجانب اللبناني، بحيث اضطر أكثر من مائة ألف لبناني على النزوح من بلداتهم ومنازلهم وأعمالهم!

يتمتع “حزب الله” بنقطتي قوة في كل مواجهة مع إسرائيل. الأولى قدرته على تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، في حال دخل لبنان، والثانية، قدراته الصاروخية الهائلة القادرة على إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل.

ولكنّ “حزب الله” لا يمارس أفعال المقاومة، وبالتالي فميزته الميدانية غير قابلة للإستعمال، كما أنّ هذا الحزب يمتنع عن استعمال طاقته الصاروخية الكبيرة لأنّه يخشى من رد إسرائيلي تدميري لا يمكنه أن يتحمّل تداعياته، إذ إنّ وضعية لبنان المالية والإقتصادية بالإضافة الى علاقاته العربية والخليجية والدولية، ليست في وضعية العام 2006، وبالتالي، فإنّ وقف النار، في حال اندلعت الحرب، سيكون له ثمن ميداني مرتفع، وإعادة الإعمار لن تكون من دون مقابل سياسي، ابدًا!

المقال السابق
فضيحة حرب يقترفها الجيش الإسرائيلي بحق المرأة الفلسطينية في غزة
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

ثرثرات فوق الضفة الأخرى من النهر!!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية