"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ماذا تفعل السعوديّة في بلادنا؟

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 30 مارس 2025

ليس حدثًا عاديًا ان ترعى المملكة العربية السعودية، بمبادرة منها، المفاوضات الشائكة جدًا بين لبنان وسوريا، فهذا يُعتبر، بكل المقاييس، التكريس العملي للتغيير الجيو-سياسي في الشرق الأوسط عمومًا، وفي بلاد الشام خصوصا.

قبل أشهر قليلة، كانت الرياض تتعاطى بنوع من “الحيادية الحذرة” مع كل من سوريا ولبنان، فهي كانت تعتبر هاتين الدولتين ساقطتين تحت هيمنة المحور الإيراني، بواسطة تنظيمات تضعها في قائمة الإرهاب، كما هي الحال بالنسبة ل”حزب الله”، ولم تكن السعودية تتوخى من التواصل معهما سوى الحد من إصرارهما على امنها القومي.

وعلى الرغم من تواصلها، في ذاك الزمن، مع قيادتي الدولتين، إلا انها لم تتدخل لحل المشاكل العالقة بينهما ولا حتى في المشاكل التي تعاني منها كل دولة منهما على حدة.

ولكنّ التغييرات الكبرى في الدولتين أخرجتهما من “المحور الإيراني”، من دون ان تدخلهما في بوتقة استراتيجية واضحة، فلبنان وسوريا، وعلى خلفية تركيبة نظاميهما الجديدين، تعترضهما خلافات حادة تبدأ بالحدود المتداخلة، وبالقوى المهيمنة عليها، وبالاشكالات الناجمة عنها، ولا تنتهي بملف النازحين الذي ازدادت أعباؤه بسبب خلق نوع جديد من المجموعات الساعية إلى الهرب من سوريا.

وقد عانى لبنان وسوريا من اضطرابات دموية في الأشهر القليلة الماضية. ولم تتمكن الاتصالات “الطارئة” بين مسؤولي البلدين من حل الإشكالات، وإن كانت تتوصل إلى احتواء التداعيات الخطرة ومنع تطورها إلى مواجهات مفتوحة.

وقد لاحظ المراقبون دخول أطراف متضررة من التغييرات الحاصلة في لبنان وسوريا لتغذية المواجهات بينهما، على اعتبار ان ذلك يسمح بإيجاد ثغرة للمحور الإيراني يمكن ان يستفيد منها، راهنا ومستقبلا، كما يقدم ذريعة ل”حزب الله” من اجل الدفاع عن بقاء سلاحه معه، على الرغم من القرارات الدولية المانعة لذلك.

وقد كان لافتا للانتباه ان مسؤولي “حزب الله” الذين دافعوا عن الاحتفاظ بالسلاح، شمال نهر الليطاني، إنما ركزوا على المخاطر المحدقة بلبنان من حدوده الشرقية.

ولم تكن هناك توقعات بأن يتمكن التواصل اللبناني- السوري من حل الإشكالات العالقة بين البلدين، اذ سوف يتحجج كل طرف بنقص في القدرات وفي الأجهزة وفي التمويل وبعدم نضوج الظروف السياسية والإقليمية لترسيم الحدود، سواء على مستوى المناطق المتداخلة او على مستوى النقاط الاستراتيجية.

وكان لهذه الإرباكات ان تبقي الثغرات قائمة لمصلحة القوى المتضررة من التغيير الجيو-سياسي الحاصل، الأمر الذي يُنشِط، في وقت لاحق، طرق التهريب بدءا من المخدرات وصولا إلى السلاح.

وعليه، فان الدخول السعودي على الخط، بدا، بكل معاييره، حدثًا غير عادي، لأنّ الرهان المعقود على موقع المملكة العربية السعودية ومصالحها الاستراتجية وقدراتها الهائلة، كبير.

وتدرك بيروت ودمشق أنّ الخطط الدولية الموضوعة دوليا لإحياء لبنان وسوريا، تراهن على دور كبير للملكة العربية السعودية. وفي لبنان، كان واضحا ان باريس ترجئ الإعلان النهائي عن موعد انعقاد مؤتمر دعم لبنان وإعادة إعماره إلى حين التوافق على مندرجاته وشروطه وجدول أعماله مع المملكة العربية السعودية.

ان دخول الرياض على خط حل المشكلات العالقة بين لبنان وسوريا، والحالة هذه، يعني الكثير، اذ انه يكرس انتقالهما، بشكل كامل من “كوريدور الصواريخ” إلى “كوريدور الإنماء”، ومن زمن صناعة الاضطراب الإقليمي إلى زمن المساهمة في تثبيت الاستقرار الإقليمي.

وفي حال نجحت هذه المساعي السعودية، المدعومة بطبيعة الحال إقليميا ودوليا، فهذا يمكن ان ينقل الحدود اللبنانية-السورية من وضعية مصنع المصائب إلى وضعية صانعة الإنماء، الأمر الذي يجعلها مختبرا للسلام الإقليمي المنشود على قاعدة الرخاء والاقتصاد والإنماء والحقوق!

ويفترض ان الأسباب التي كانت تُفشل في السابق المساعي الحميدة التي تبذلها السعودية قد تلاشت، مع خروج الهيمنة الإيرانية من سوريا وسقوط نظام البعث التوسعي فيها، وانحسار وضعية “حزب الله” في لبنان، بعد هزيمته المدوية امام إسرائيل من جهة وخروجه القسري من سوريا، من جهة أخرى.

المقال السابق
غداة خسارة التصويت في الحكومة..السعودية ترفع معنويات نواف سلام!
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

"الإستشهاديون" يؤرقون "عقلانيّي" حزب الله!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية