أطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من المنتدي العالمي للاجئين في سويسرا نداء الى العالم “أن نتشارك واياكم تحدي معالجة النزوح السوري، وأن تضعوا هذا الامر في سلم الاولويات، لاننا بتنا على شفير الانهيار الكلي”، معلنا “لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع أوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة”.
ميقاتي: ألقى ميقاتي كلمة لبنان في المنتدى العالمي للاجئين في سويسرا، وقال: “ينعقد لقاؤنا اليوم في ظروف بالغة الحزن والقهر، ونحن نشهد الأزمة الإنسانية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والتهديد بتهجيرهم، مما ي ضعنا أمام تحد مزدوج يتمثل في البحث العملي في معالجة موضوع النزوح السوري، المفتوح منذ العام 2011، والبحث في الملف المستجد المرتبط بالوضع في غزة.
أضاف: “إن الواجب يفرض علينا العمل لوقف ما يجري هناك من قتل وتدمير ممنهج لم يشهد له التاريخ مثيلا. وهنا اتوجه بالتحية الى الدول ال153 التي أيدت بالامس القرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة بحماية المدنيين ووقف العمليات الحربية في غزة.
إننا، إذ نكرر دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، نطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وضمان حماية المدنيين والعمل على التوصل إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفق القانون الدولي”.
وتابع: “إن لبنان، الذي يستضيف الاف الاخوة الفلسطينيين منذ بداية محنة تهجيرهم قبل 75 عاما ، ودفع اثمانا باهظة دفاعا عن القضية الفلسطينية، ويتشاطر مع الاخوة الفلسطينيين الامكانات القليلة المتاحة لديه، ينادي بأولوية العمل على حل هذا الصراع لكونه مفتاح الحل لكل أزمات المنطقة. أما استمرار الصراع، من دون حل، فمن شأنه أن يدخل المنطقة في أزمات متتالية لا يمكن توقع نتائجها وانعكاساتها”.
وفي هذا السياق، أيضا فاننا نجدد المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان، والذي ادى الى سقوط مئات الشهداء والجرحى، والى خسائر مباشرة وغير مباشرة تركت انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني الرازح اصلا تحت اعباء هائلة من بينها ضغط وجود ملايين النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، بما يفوق قدرة اي بلد على التحمل”.
واردف ميقاتي: “لقد مرت ثلاثة عشر عاما على بدء الازمة السورية ، وما تركته من انعكاسات مباشرة على لبنان، ابرزها وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على ارضنا، وارتفاع هائل في اعداد الولادات.
إن التحديات التي نواجهها جراء هذا النزوح، تتجاوز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لتطال الأمن المجتمعي، واهتزاز التركيبة الديمغرافية الحساسة لجهة تجاوز عدد الولادات السورية الولادات اللبنانية وارتفاع نسبة الجريمة واكتظاظ السجون، بما يفوق قدرات السلطات اللبنانية على التحمل. كذلك أدى التنافس على فرص العمل المحدودة الى زيادة التوترات والحوادث الأمنية.
إن ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية لدواع اقتصادية بغالبيتها . وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد هم من فئة الشباب، فيما الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللا حادا ويضرب عن قصد او بغير قصد التركيبة اللبنانية.
ليست المرة الاولى التي نعرض فيها هذا الواقع أمامكم، فمنذ سنوات ونحن نحذر من التداعيات السلبية لهذا النزوح، ليس على لبنان فقط، بل على كل الدول ولا سيما الاوروبية ونحن نشهد موجات الهجرة غير الشرعية الى الدول الاوروبية، رغم الاجراءات المتخذة، وهذه الموجات ستزداد حتما وستشكل قنابل موقوتة في اوروبا اذا لم تعالج اسبابها الفعلية”.
واستطرد: “يختلف اللبنانيون على الكثير من الملفات ولكنهم متحدون صوتا واحدا على مطالبة المجتمع الدولي بحل قضية النازحين وعدم الضغط على لبنان لابقائهم على أرضه.
لقد اظهر التقرير السنوي الذي اعده البنك الدولي وسينشر في غضون ايام ان كلفة النزوح السوري على لبنان منذ بداية الحرب السورية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. فهل من المقبول أن يبقى العالم متفرجا على وطن ينوء تحت اعباء فرضت عليه فرضا ولا قدرة له على تحملها، وعلينا جميعا أن نتشارك مع المجتمع الدولي من اجل حل مستدام لهذا التحدي.
اللبنانيون برفضون أن يبقى هذا الجرح نازفا في خاصرتهم ومن حقهم أن يتخذوا الاجراءات التي يرونها مناسبة لحماية وطنهم وأنفسهم، وهذه الخطوات تبدأ بعودة النازحين السوريين الى بلادهم وتوقف المنظمات الدولية عن اغرائهم للبقاء في وطننا. فليتوجه الاهتمام الدولي بالنازحين نحو اعادتهم الى المناطق المستقرة في سوريا، ولتقدم لهم المساعدات في وطنهم”.
وتابع ميقاتي: “بالتوازي، فالمطلوب العمل على وضع خطة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للأزمة السورية وتضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى وطنهم. ويجب أن تعطي هذه الخطة أيضا الأولوية لدعم وإعادة إدماج اللاجئين السوريين في سوريا.
في هذا الاطار، ولان الهجرة الجديدة التي يشهدها لبنان اقتصادية الابعاد، مما يضيف اعباء جديدة على لبنان، فاننا نقترح اعتماد تصنيف علمي يميز بين العمال السوريين والمهجرين كلاجئين، ووضع آلية وطنية لتحديد الوضعية القانونية لكل نازح سوري في لبنان، إلزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بالالتزام بشروط توظيف العمال السوريين بطريقة تقلل من المنافسة مع الكفاءات اللبنانية.
كما نقترح تحديد فئات السوريين المهجرين التي يمكن تسهيل عودتهم، ووضع جدولة زمنية لعودتهم، مع ضمان تطبيق الضمانات القانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ان هذه الخطوات تنبع من الرؤية الوطنية للحكومة ومعظم القوى السياسية اللبنانية، بالإضافة إلى المتطلبات المستندة الى مصالح الشعبين اللبنان ي والسوري، وإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الذي نحرص على الالتزام به.وهنا لا بد من ان نحيي ونثمن الجهد الكبير الذي يقوم به مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد فيليبو غراندي ، فله منا اطيب تحية وكل احترام”.
وقال: “لم يعد باستطاعة لبنان أن يتحمل هذا العبء بمفرده، وعلى الجميع تحمل مسؤوليتهم في هذا الملف ، وهم في الاصل شركاء في المسؤولية عن وصوله الى هذا الوضع الذي نرزح تحته. وكل الكلام عن الاعتبارات الانسانية وحقوق الانسان للتهرب من المسؤولية والقائها على عاتق اللبنانيين حصرا بات ممجوجا. والسؤال الذي من حقنا المجاهرة له، هل تعيبون علينا اننا نطالب بعودة شعب الى ارضه ليعيش بكرامته، فيما يتم التغاضي عن جريمة موصوفة تهدف الى اقتلاع شعب من ارضه وقتله وتهجيره؟أين المعايير الانسانية المتوازنة في تعاطي المجتمع الدولي مع القضيتين؟
وختم: “تبقى كلمة أخيرة اتوجه بها اليكم. قدرنا أن نتشارك واياكم تحدي معالجة النزوح، وندائي لكم أن تضعوا هذا الامر في سلم الاولويات، لاننا بتنا على شفير الانهيار الكلي.
لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع اوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصّن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة”.