إنضمّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميًّا، مساء الخميس إلى نادي الرؤساء الأوروبيّين الذين يصفون “حزب الله” ب”الجماعة الإرهابيّة”.
لم يسبق أن ذهب ماكرون في هذا الإتجاه. كان هناك، بشكل دائم، نوع من الحرص على معاملة “حزب الله” بشيء من “الليونة الدبلوماسيّة” التي قاربت، في بعض الأحيان، شبهة الصفقة بين الإدارة الفرنسيّة والحزب الذي تقف خلفه الجمهورية الإسلامية في إيران.
كان ماكرون بحاجة الى استرضاء “حزب الله”، في محاولة منه لإنجاح مبادرته تجاه لبنان، من جهة ولتجنيب الوحدة الفرنسيّة العاملة في اليونيفيل تبعات المواجهة مع حزب يُمسك، فعليًّا، بالأرض، مباشرة عبر مقاتليه المتستّرين، وبصورة غير مباش رة، عبر ميليشيا أطلق عليها تسمية “الأهالي”، من جهة أخرى.
لكنّ ظنّ ماكرون ب”حزب الله” خاب، فهو المسؤول الأوّل عن تعطيل مبادرته اللبنانيّة، ولا سيّما محاولة موفده الشخصي الى لبنان جان إيف لودريان إخراج الرئاسة اللبنانيّة من مأزق التحدي وفتح آفاقها على “مرشح ثالث”، كما أنّ هذا الحزب يضرب المساعي الفرنسيّة الهادفة الى تجنيب لبنان كلفة قد لا يقوى عليها بأخذه “بلاد الأرز”، رغمًا عن أبنائه، إلى حرب تدميريّة كبرى مع إسرائيل، والأدهى من ذلك أنّ التقارير التي تصله من لبنان، من خلال سفارته فيه، تظهر له أنّ وسائل إعلام “حزب الله” تشن عليه هجومًا تحقيريًّا غير مسبوق، ألطف ما فيه وصفها إيّاه ب” الغبي”!
ومن يعيد مشاهدة المقابلة التي أجراها ماكرون على القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي، مع مجموعة صحافية لم يظهر على أيّ من مكوّناتها اهتمامه بالشأن اللبناني، يُدرك أنّ تصنيفه ل”حزب الله” ب”الجماعة الإرهابيّة” لم يكن زلّة لسان ولا تشبيه “بلاغي”، بل جاء بمثابة “الإعلان المتعمّد”، إذ ضمّه الى مجموعة تحاول “عولمة الإرهاب”، وهي تضم الى “حماس”، حركة “أنصار الله” في اليمن التي دخل الجيش الفرنسي، رسميًّا، في حرب التصدّي لصواريخها ومسيّراتها الهادفة الى ضرب حرية الإبحار في البحر الأحمر، ح تى قبل انضمام باريس الى التحالف الدولي الذي أطلق عليه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إسم “حارس الإزدهار”.
قد لا يكون تصنيف ماكرون ل”حزب الله” ب”الجماعة الإرهابيّة” أكثر من “إنذار” وتلويح ب” العصا”، بعدما جرت الإستهانة باليد الممدودة والتهام “الجزرة”، حتى يرتدع هذا الحزب عن خطة التصعيد في الجنوب وضرب القرار 1701 وجر لبنان الى حرب تدميريّة، ولكن، في حال تمّ القفز فوق هذه “الرسالة”، فإنّ فرنسا قد تذهب الى أبعد من ذلك بكثير، بحيث لا تكتفي بإدراج الحزب في لوائح الإرهاب الوطنيّة بالتوازي مع إسقاط الفيتو الذي تضعه في “الإتحاد الاوروبي” ويحول دون إدراج جناحَي الحزب في قائمة الجماعات الإرهابيّة، فحسب بل أن تكون جزءًا أساسيًّا في المنطقة من حلف عربي- خليجي يعادي هذا الحزب، في ظل “دم جديد” جرى ضخّه على رأس جهاز المخابرات الفرنسيّة الخارجيّة، أيضًا.
لقد ألحقت مسايرة فرنسا ل”حزب الله” خسائر كبيرة بصورتها داخل لبنان وخارجه، من دون أن تقدّم لها في المقابل أيّ مكسب، لأنّ الخطأ المنهجي الذي ارتكبته باريس انطلق من عدم اقتناعها بأنّ أجندة هذا الحزب ليست لبنانيّة ولن تكون يومًا كذلك، لأنّ انهيار “بلاد الأرز” في عقيدته لا قيمة له إذا كان يمكن أن يخدم المصالح التي تحددها “الجمهوريّة الإ سلاميّة في إيران”.
إقرأ أيضًا: للمرة الأولى منذ وصوله إلى الرئاسة.. ماكرون يصنّف “حزب الله” ب”الجماعة الإرهابيّة”