نشر “معهد ألما” الإسرائيلي مقالة خصصها لتحليل ردود الفعل اللبنانية على تحقيق على سيطرة “حزب الله” على مناطق مسيحية في منطقة جبيل، وقال إنّ إقدام “البعض” على إعادة نشر هذا التحقيق بعدما تمّ إخراجه من سياقه الفعلي، حول تقرير سبق أن أصدره في حزيران الماضي ، خدم “حزب الله” وخصومه في آن.
وجاء في المقالة التي حملت عنوان:” كيف خدم ما نشرناه في حزيران 2023 حزب الله وخصومه؟
في حزيران 2023، أي قبل حوالي تسعة أشهر، نشرنا مقالاً بعنوان “عمشيت: مدنيّون تابعون لحزب الله يتخصنون في منطقة مسيحية تمهيداً للهيمنة عسكرياً” . ونشرنا في الوقت نفسه فيديو وهو نتاج مكمل للمقالة يعرض بصريا منطقة محمية جبل موسى في جبيل وكسروان التي تعبر الجبل من سهل البقاع شرقا إلى الساحل غربا . يُظهر الفيديو تقييمًا بأنه يمكن استخدام الموقع كموقع لتخزين الأسلحة وكموقع إطلاق محتمل.
قدم المقال والفيديو الحقائق والتقديرات:
الحقائق المعروضة: حزب الله يعمل في مناطق خارجة عن سيطرته الطبيعية ليحصل على موطئ قدم داخل الطائفة المسيحية المارونية. ويسعى حزب الله إلى السيطرة على المنطقة الواقعة بين بعلبك شرقا وعمشيت غربا. وهكذا، يهدف حزب الله إلى بناء استمرارية إقليمية شيعية من وادي البقاع شرقاً إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً.
التقييمات المقدمة: الاستمرارية الإقليمية ستسمح لحزب الله بحشد الأسلحة والقوات من ظهيره اللوجستي في وادي البقاع، إلى الغرب، ومن ثم إلى بيروت. يمكن أن يكون هذا الشريط الجغرافي بمثابة موقع تخزين وإطلاق محتمل لمجموعة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى التابعة لحزب الله، وما إلى ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن الفيلم المرفق بالمقال يركز على عرض نتائج الفحص الطبوغرافي والعملياتي للمنطقة، والذي يتضمن تحديد مواقع الأنفاق التي تم إنشاؤها لمشروع مياه مدني مهجور.
انتشر مقطع الفيديو مؤخرًا على شبكات التواصل الاجتماعي اللبنانية، مما أحدث ضجة كبيرة. لاحظنا أنه خلال الصدى الواسع النطاق للنشر، تم تداول بعض تقييماتنا المقدمة على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان على أنها حقائق. بل إن البعض ذكر أن هناك بالفعل صواريخ متمركزة في الموقع جاهزة للإطلاق .
في 21 شباط 2024، أعلنت منظمة ذات توجه مسيحي تدعى “التنظيم الثوري اللبناني” عبر وسائل التواصل الاجتماعي نتائج جولة محدثة أجراها ممثلوها في منطقة جبل موسى بشكل عام، ومنطقة النفق بشكل خاص. وتضمنت النتائج صوراً من الجولة، وورد أنهم رأوا داخل الأنفاق أشخاصاً عرفوا أنهم من رجال الأمن الذين يحرسون الموقع.
وبحسب المنشور المذكور، فهذه أنفاق يستخدمها حزب الله لإخفاء الأسلحة. والسؤال المطروح أيضاً هو ما إذا كانت مستودعات الأسلحة هذه موجودة تحديداً في المناطق المسيحية، وما إذا كان نصر الله وحزب الله يستعدان لحرب دينية في لبنان.
في تقييمنا المهني، ليس هناك شك في أنه في حالة التصعيد واندلاع حرب شاملة في المستقبل، كان حزب الله ينوي استخدام هذه المنطقة كمنطقة عسكرية لنقل القوات وتخزين الأسلحة وإطلاق الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار ضد إسرائيل. لكن من المحتمل الآن، وفي ضوء كل التقارير حول هذا الموضوع، أن تكون خطط حزب الله قد تغيّرت…
تجدر الإشارة إلى أن العشرات من صفحات التواصل الاجتماعي قامت مؤخرًا بتحميل فيلمنا الذي يبلغ عمره تسعة أشهر، والذي تلقى العديد من التعليقات. وفي 21 شباط، أصدرت وزارة الطاقة اللبنانية نفيًا رسميًا ردًا على المنشورات العديدة على وسائل التواصل الاجتماعي والتغطية الإعلامية: “المرافق التي شوهدت في الفيديو الذي نشره مركز علما وتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يدعي أنه يظهر وجود مواقع صواريخ في جبل وكسروان، هي مرافق محطات مياه بيروت وجبل لبنان، ومن بينها النفق الذي تم حفره بنيت لتحويل مياه نهر إبراهيم لصالح إنشاء سد جينا، والوادي المحيط بالسد، نتيجة أعمال الحفر التي تمت هنا ك، مؤكداً أن هذه المنشآت لا علاقة لها بالمطالبات المتعلقة بالبنية التحتية.
وختمت الوزارة ملاحظاتها التوضيحية بالقول إن نشرها “يهدف إلى منع العدو من الاستمرار في ادعاءاته وتبرير الاعتداءات على المنشآت التابعة للمؤسسات الرسمية ذات النفع العام”.
ونشر موقع الميادين (الناطق الرئيسي لحزب الله) مقالاً كبيراً تضمن نفي وزارة الطاقة، وجاء فيه أيضاً أن “اليوم التالي للاحتلال هاجم مصانع ومستودعات في بلدة الغازية (20 شباط قرب صيدا) بدعوى أنها كانت مخازن أسلحة للمقاومة، موقع بحثي إسرائيلي ينشر صورا لنفق تحويلي تابع لشركة مياه بيروت وجبل لبنان ويدعي أنه تابع للمقاومة أيضا، وزارة الطاقة تدحض هذا الادعاء”.
وفي الختام، وكما أشرنا، فإن نشرتنا التي صدرت قبل تسعة أشهر تناولت عرض الحقائق المتعلقة بسيطرة حزب الله على شريط جغرافي يقع في منطقة مسيحية. يبدأ هذا الاستيلاء بالتحصن المدني – في القرى المسيحية والشيعية – الذي يسبق البنية التحتية للتحصن العسكري.
ومن ناحية أخرى، فإن تقديرنا هو أن الإمكانات العسكرية في هذا القطاع الجغرافي كبيرة ويمكن أن تخدم حزب الله، من بين أمور أخرى، كمنطقة لتخزين الأسلحة ولإطلاق الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار.
استخدمت الأطراف المتنافسة داخل لبنان منشوراتنا لتعزيز وتضخيم الروايات الرئيسية في جهود وحملات التلاعب المعرفي: استخدم حزب الله ومؤيدوه المنشور لتضخيم الرواية القائلة بأن “إسرائيل مهتمة بتبرير الهجمات على المنشآت المدنية من خلال الادعاء الكاذب بأنها تحتوي على أسلحة”، وبالتالي يحاولون في الواقع إخفاء تكتيكاتهم كدروع بشرية ومدنية.
وتجدر الإشارة إلى أنه حتى عندما تكون هناك أدلة قاطعة على العثور على أسلحة في الأماكن التي تعرضت للهجوم (انظر التفجيرات التي وقعت في غازية اعتباراً من 20 شباط)، فإن حزب الله والمتعاطفين معه يردون في الحملة بأن هذه “مباني مدنية وبريئة تماماً…”
ويبدو من الأحداث الماضية أنه كلما زاد إنكار حزب الله والمتعاطفين معه، كلما زادت الشكوك حوله… من ناحية أخرى، سلط معارضو حزب الله الضوء على المنشور خلال فترة التوترات الأمنية المشددة، واستخدموه لإثبات التهديد الكبير والفوري والحقيقي للبنان الذي يشكله وجود حزب الله ونشاطه.