"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ماضي حزب الله عبئا على حاضره وحاضره على...مستقبله!

ريتا الياس
السبت، 18 يناير 2025

ماضي حزب الله عبئا على حاضره وحاضره على...مستقبله!

حزب الله اليوم عنوانًا لفرص الأمس الضّائعة.

الحزب الذي كان يومًا في موقع القوّة، بيده زمام المبادرة والقرار، أضاع فرص ذهبيّة لحفظ ماء الوجه ولإعادة صياغة دوره في الداخل اللّبناني بشكل يجمع ولا يفرّق، يبني ولا يهدم.

في اللحظة التي كان بإمكانه فيها أن يختار التّنازل الطّوعي لصالح الدولة، وأن يُظهر شجاعة القويّ في الانحناء للرياح الوطنيّة، اختار العناد. كان بوسعه أن يسلّم السّلاح في لحظة انتصار، أن يثبت وطنيّته بالفعل لا بالشعار، وأن يعيد تشكيل نفسه لاعبًا سياسيًّا داخليًّا يحظى بالاحترام، بدلًا من أن يتحول إلى عبء يثقل كاهل الوطن.

اليوم، وبعد سلسلة من الأخطاء السياسيّة لا بل الخطايا السياسيّة والحسابات الخاطئة، يجد الحزب نفسه مجبرًا على اتخاذ قرارات لم يكن ليقبل بها في الماضي. العماد جوزيف عون، الذي كان طرحه ممكنًا قبل انتهاء ولاية ميشال عون، أصبح خيارًا يُفرَض على الحزب بعدما استنزفته السّياسات الخاطئة والرهانات الخاسرة.

أما الآن، وبمنطق التّجارب البشريّة البسيطة، كما يتعثّر الطّفل مرارًا حتى يتعلّم المشي، يبدو أن حزب الله، رغم ثقله السياسيّ، لم يتعلّم بعد من عثراته. بعد انتخاب القاضي نوّاف سلام رئيسًا للوزراء، يقرّر الحزب مقاطعة الاستشارات النيابيّة لتشكيل حكومة بذريعة عدم الالتزام بالميثاق الوطني. المفارقة العجيبة أن الحزب، الذي طالما كان اللّاعب الأكبر والمنتهك الأول لهذا الميثاق، يختبئ خلف حجج واهية لتبرير موقفه. لكن الأفعال لا تمر بلا عواقب. غدًا، سيدفع الحزب ثمن قراراته اليوم، والطّائفة الشيعيّة، التي أُرغمت على إنتاج هذه النّخبة السياسيّة تحت وطأة الضّغوط والشّعارات الرنّانة، ستجد نفسها مرة أخرى في مواجهة نتائج خيارات لا تمثّل إرادتها الحقيقيّة.

في السّياسة، كما في الحياة، القوّة الحقيقية لا تُقاس بالعناد الأعمى أو التمسّك بالمواقف حتّى آخر رمق، بل بحكمة التّراجع حين يكون التّنازل سبيلًا لحماية الأولويّات الكبرى. غير أن حزب الله، في رهاناته المتكرّرة، يبدو وكأنّه اختار مرّةً أخرى أن يُبقي السّلاح ومنطق الدّويلة فوق أي اعتبار، حتّى وإن كان الثّمن هو تقويض فكرة الوطن نفسها.

اليوم، يدفع حزب الله أثمان قرارات الأمس، وغدًا لن يكون بمنأى عن دفع أثمان قرارات اليوم. إنها معادلة صارخة، حيث يصبح الماضي عبئًا على الحاضر، والحاضر لعنةً على المستقبل، في دوّامة من الخيارات التي تستهلك الوطن وتتركه عالقًا بين طموحات ضيّقة وأثمان باهظة يدفعها الجميع.

المقال السابق
يسبب تشوّهًا في بشرة بطلة الفيلم"The Substance"

ريتا الياس

مقالات ذات صلة

فردية أم ممنهجة؟.. جولات وملصقات "تبشيرية" في دمشق تدعو لاعتناق الإسلام

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية