"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

ليس "بالرئيس" وحده يحيا لبنان!

منى خويص
الأربعاء، 12 أبريل 2023

ليس "بالرئيس" وحده يحيا لبنان!

هل أن فعلاً ملء الشغور الرئاسي، وكل “فراغات البلد” بامكانها ان تنهض بلبنان وتضعه على سكة التعافي؟ الجواب على هذا السؤال المحير” لن يكون بـ “نعم”، لأن المشكلة الحقيقية في البلد ليست الفراغ بحد ذاته، إنما بل المسؤول عنه و عن التعطيل فيه.

وهنا، يفرض الحديث عن السلاح نفسه، فمن يظن ان ربط النزاع في موضوع السلاح ووضعه جانباً، كون الظروف المحلية والاقليمية والدولية غير مؤاتية للبحث فيه، قد يكون محقا في توصيف الواقع، لكنه ليس ذلك يتعارض مع الحديث عن امكان قيامة الدولة، واسترداد سيادتها في ظل وجود سلاح يتفوق على سلاحها الشرعي. فطالما هناك سلاحين يعني ان هناك دولتين، وان السلاح سيبقى بسطوته يتحكم بالحياة السياسية في البلد “شاء من شاء وأبى من أبى”.

في الأمن، لم يخرج لبنان بعد، من تداعيات اطلاق الصواريخ من حقول الجنوب اللبناني باتجاه اسرائيل، الامر الذي لم يكن ليحدث، لولا تحكم السلاح بالساحة اللبنانية، وتحويل البلد الى منصة للصواريخ وساحة لتبادل الرسائل، وخرق لسيادة الدولة وللقرارات الدولية.

اما في السياسة، فمخطئ كذلك من يظن ان التوافق في بلد فيه سلاحين، يمكن ان تكون الكلمة فيه للفريق الاعزل، الوقائع كلها تدلل على غير ذلك، كلنا يتذكر انتخابات ٢٠٠٩ النيابية التي حصدت فيها قوى ١٤ آذار الاكثرية، وكيف حولتها “القمصان السود” آنذاك الى أقلية، الكل يتذكر كيف عُطل البلد سنتين ونصف، حتى استوى خيار ايصال ميشال عون ب”بندقية المقاومة” الى قصر بعبدا، كما قيل يومها.

كيف لنا ان نحلم بالتغيير في ظل وجود السلاح، كل الاستحقاقات في البلد، الصغيرة والكبيرة منها محكومة بسطوته، فعلى سبيل المثال وبما اننا اليوم امام استحقاق الانتخابات البلدية “هل يمكن ان يذهب لبنان الى انتخابات بلدية حرة ونزيهة بوجود السلاح واربابه، او بالأحرى، هل يمكن لهذا الاستحقاق ان يتم اذا لم يوافق على اجرائه “الثنائي الشيعي”، الذي تنقل الاوساط عدم حماسته لإجرائها، بالطبع لا. فبعد ان كان الحديث منذ اسبوع عن انعقاد جلسة في البرلمان لتأمين الاموال اللازمة لإجرائها، بات الحديث اليوم يدور حول البحث عن مخرج لتأجيلها. ولنعود بالذاكرة ايضا الى الانتخابات النيابية الاخيرة، ولنأخذ مناطق نفوذ “الثنائي الشيعي”، هل يمكن لأي شخصية ان تشكل خرقا للوائحهما ، وهل يمكن لمرشح ان يحدث خرقا في مناطق نفوذهما، وهل يسلم هذا المرشح من الضغوط، التي تصل احيانا الى الاعتداء عليه.

الامثلة عن سطوة السلاح واستعماله، اذا دعت الحاجة، في الحياة السياسية كثيرة، وهي تبدأ بالضغط وتنتهي بالشطب، كما كان الحال في السلسلة الطويلة من الاغتيالات التي شهدها لبنان، ولا مجال لتعدادها، فالمقصود هو الضآلة والعجز عن التغيير، في ظل عدم معالجة موضوع السلاح الغير شرعي.

لن تتمكن القوى السياسية، من انجاز اي استحقاق سياسي بشكل ديمقراطي، بوجود السلاح غير الشرعي، و لن يعرف البرلمان الانتخاب ولا حتى التشريع، بظل قوى تفرض رأيها، مستندة الى “ترسانة” هائلة من الصواريخ، ومثلها الحكومات والمؤسسات كلها.

للخروج من “عنق الزجاجة”، على جميع القوى السياسية التي تصف نفسها ب”التغييرية والسيادية” بداية، ان تتوحد لكي تصبح قوة وازنة، وتاليا ان تطرح موضوع السلاح على طاولة النقاش قبل الاستحقاق الرئاسي، كي ينجز البلد استحقاقا ديمقراطيا خارج سطوته، والا فإن الهزائم ستبقى تنزل بهذا اللبنان، ويتراكم فيه الفشل فوق الفشل، واوضاعه ستزداد سوءا، ولن تكون ساعة الارتطام الكبير بعيدة جدا.

هناك قرارات دولية كالقراراين ١٥٥٩ وال ١٧٠١ ينبغي على القوى السياسية ان تعيدها الى الضوء, وان تحشد المجتمع الدولي لتطبيقها، قبل الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية، وإلا فإن كل ما يقومون به من تسويات، ستكون تجديدا للأزمة وليس طريقا للخروج منها، وسيبقى السلاح حاكم لبنان، بوجود رئيس على رأس الجمهورية.. أو عدمه.

المقال السابق
السوريون والفلسطينينون محور بيان "المطارنة الموارنة"

منى خويص

كاتبة سياسيّة

مقالات ذات صلة

بهدف احتواء "تهاوي" حزب الله.. إيران تجهد لاستخدام لبنان وتفعّل أُمرتها على "المقاومة الإسلامية"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية