في الأسابيع التي تلت السابع من تشرين الأول قام الجيش الإسرائيلي بقصف جنوب لبنان باستخدام قنابل الفسفور الأبيض. كان أحد الأهداف هو إشعال الغابات الصنوبرية لكشف مخارج الأنفاق السفلية
منذ الثمانينيات، يقوم حزب الميليشيا الشيعية، بمساعدة كوريا الشمالية، ببناء نظام دفاعي تحت الأرض
أنشأ “حزب الله” شركات مدنية تدعي العمل على مشاريع زراعية وإعادة الإعمار، لصالح المجتمع الشيعي، بإشراف شركة تُدعى “جهاد البناء”، التي كانت في الواقع تهتم بحفر الأنفاق
في كانون الأول 2018، أعلنت إسرائيل اكتشاف ستة “أنفاق هجومية” حُفرت على عمق يصل إلى حوالي أربعين مترًا تحت الخط الأزرق. كانت هذه الممرات تخترق مئات الأمتار داخل الأراضي الإسرائيلية ولم تصل بعد إلى السطح.
حتى وإن كانت السلطات اللبنانية تنفي وجودها، يُزعم أن مداخل الأنفاق الأكثر أهمية تكون مخبأة داخل ممتلكات خاصة، مثل المزارع الكبيرة أو المصانع، مما يسمح بجلب الآلات وإزالة التربة دون جذب الانتباه.
كشفت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية في تقرير عن أن “حزب الله” اللبناني يمتلك شبكة أنفاق سرّية أكثر تطوّراً من تلك التي لدى حركة “حماس” في غزة.
ووفق الصحيفة، يمتلك الحزب أنفاقاً يبلغ طولها مئات الكيلومترات ولها تشعّبات تصل إلى إسرائيل وربما أبعد من ذلك وصولاً إلى سوريا.
ونقلت عن باحثين ومواقع إسرائيلية قولهم إن الحزب أنشأ خطّة دفاعية مع عشرات من مراكز العمليات المجهّزة بشبكات محلّية تحت الأرض تربط ما بين بيروت والبقاع والجنوب اللبناني.
“ضجيج حفر”
وفي ظلّ التصاعد المستمر بين “حزب الله” وإسرائيل والتهديدات المتبادلة، ارتفعت الخشية في تل أبيب من وجود أنفاقٍ لـ”حزب الله” عند الحدود الشمالية وصلت إلى مستشفى الجليل في مدينة نهاريا الواقعة على الساحل الشمالي الإسرائيلي. وقبل أشهر، وبعد شكاوى استلمتها إدارة المركز الطبي في نهاريا عن ضجيج حفر، قرّر الجيش الإسرائيلي القيام بسلسلة اختبارات أرضية لاستبعاد الخشية من وجود نفق يصل من لبنان إلى المستشفى المذكور.
وذكرت صحيفة “إس رائيل هيوم” أن السلطات الإسرائيلية أجرت قبل أكثر من شهر أكثر من 40 عملية حفر بغرض الاختبار، لكن هذه الاختبارات لم تسفر عن أيّ شيء،وفقًا للصحيفة.
وبموجب ذلك، فقد استبعدت شبهة وجود أنفاق في منطقة المستشفى، ومن أجل السلامة تقرّر ترك أعمال الحفر بعدما بدأ العمل فيها.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ مستشفى الجليل في نهاريا يُعدّ المستشفى الأقرب من الناحية الجغرافية إلى الحدود الشمالية مع لبنان، أي نحو 10 كلم فقط، مشيرة إلى أنّ التقارير الأولية عن موضوع شبهة الأنفاق وردت في شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.
وأوضحت أن “الحديث يدور عن منشأة موجودة حتى قبل حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006) وكانت الأولى في إسرائيل بهذا المخطط. إضافة لذلك، سيُعزز التحصين في أجزاء أخرى من المستشفى وفي مهبط المروحيات. وهذا جزء من الاستعداد، حيث يعمل المستشفى في مناطق محصّنة، ولذلك تبلغ نسبة الإشغال فيه نحو 30% فقط”.
قبل 5 سنوات، أعلن الجيش الإسرائيلي اكتشاف خمسة أنفاق حفرها “حزب الله” داخل الحدود الإسرائيلية.
ومع اندلاع الحرب على غزة، لفتت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إلى أن هناك مخاوف بشأن تهديد أنفاق “حزب الله” مرّة أخرى.
وأفادت بأن “حزب الله يتمتّع بخبر ة واسعة في حفر الأنفاق تحت الأرض”، مشيرة إلى أنه “تم اكتشاف أن أنفاق (حماس) أكبر بكثير وأكثر اتّساعاً مما كان يعتقد سابقاً. فهل من الممكن أن يكون تهديد أنفاق حزب الله أكبر مما كان يعتقد سابقاً؟“.
بدوره، أشار مركز “ألما” للأبحاث والتعليم، الذي يركّز على التهديدات الشمالية، إلى أّنه “بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، أنشأ حزب الله، بمساعدة الكوريين الشماليين والإيرانيين، مشروعاً لتشكيل شبكة من الأنفاق الإقليمية في لبنان، وهي شبكة أكبر بكثير من مترو حماس”.
وجنوب لبنان ليس مثل غزة، حيث لديه نوع مختلف من التضاريس، بما في ذلك التلال الصخرية والوديان وبالتالي التقديرات الإسرائيلية لا تتقبّل مجرّد فكرة أن “حزب الله” نجح في حفر أنفاق حتى 10 كيلومترات في العمق الإسرائيلي، إذ إن مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهود خارقة. فالحديث هنا عن أرض صخرية صلبة وجبال والنجاح في حفرها سيكون “فضيحة” عسكرية وليس إخفاقاً عادياً، وفق المركز.