"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

لو كنتُ...إسرائيليًّا!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 17 ديسمبر 2023

لم يقتل الجيش الإسرائيلي الرهائن الثلاثة الذين هرعوا إليه، في الشجاعيّة في شمال غزّة، عن طريق الخطأ بل عن سابق تصوّر وتصميم.

لم تشعر قيادة هذا الجيش بفداحة ما ارتكبته قوتها المقاتلة في الشجاعيّة، إلّا عندما أدركت أنّ ضحايا هذه الجريمة هم إسرائيليّون كانوا من ضمن الرهائن لدى “حركة حماس”. وهذا يعني عمليًّا، لو أنّ هؤلاء الذين تقيّدوا بكل الإجراءات التي تظهر استسلامهم( رفع راية بيضاء) وتبيّن سلامتهم( خلع ثيابهم التي تُظهرهم من دون أيّ زنّار متفجر أو أي أسلحة مستترة) كانوا فلسطينيّين، لكان الأمر طبيعيًّا!

وحدها هويّة هؤلاء القتلى الثلاثة دفعت بقيادة الجيش الإسرائيلي الى إبداء الأسف، مع أنّها قدمت دليلًا ساطعًا على أنّ جرائم الحرب التي ترتكبها تتخطى مجرّد القتل المجاني للمدنيين والتدمير المنهجي للمتلكات والتهجير العمدي للسكان، لتصل الى حدود تصفية كل من يستسلم.

وهذا سلوك يشي بأنّ الجيش الإسرائيلي غير مؤهل لتحقيق الأهداف التي يتم تحديدها له، فمن يقاتله يستحيل أن يفكر بالإستسلام، حتى لو أعيته المواجهة، لأنّ لا مجال للنجاة مع قاتلي الأسرى، ومن ذهب الى تحريرهم يستحيل أن ينجوا لأنّهم تحوّلوا، في الواقع، إلى أهداف له.

لو كنتُ إسرائيليًّا، لما ترددتُ لحظة في الوقوف ضد هذه الحرب والضغط من أجل إحالة “أبطالها” إلى المحاكم الوطنية والدولية، فنسبة الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، بغطاء مباشر من قياداته السياسية، أفقدتها كل شرعية ومشروعيّة، وحوّلتها الى جريمة موصوفة، وباتت تهدد مستقبل إسرائيل وكل من يؤيّدها وحتى كل من يقف على الحياد بعد تراكم الأدلة على أنّه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة تفيض منها.

لستَ بحاجة إلى أن تكون معاديًا عقائديًّا أو قوميًّا لإسرائيل حتى تتخذ هذا الموقف. يمكنك أن تفعل ذلك، بعد كل ما حصل، وتقف في هذا الموقع، حتى لو كنتً حفيد تيودور هيرتزل نفسه.

لم يعد الهجوم على غلاف غزة في السابع من تشرين الأول الماضي، مهما حصل فيه، قادرًا على تغطية جرائم إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، إذ إنّ نسبتها فاقت كل تصوّر، فالحروب حتى تكتسب شرعيّتها عليها أن تبقى في حدود القوانين والأعراف والحد الأدنى من المبادئ الإنسانيّة.

حرب إسرائيل ضد قطاع غزّة أصبحت مجرد جريمة متمادية، ولا بد من تتوقف، لأنّها، حتى لو تكلّلت بشيء من الإنتصار الميداني، فهي ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانيّة!

المقال السابق
ماذا طلب وزير الخارجية الإسرائيلي من نظيرته الفرنسية أن تفعل حتى لا تندلع الحرب في لبنان ضد "حزب الله"؟
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

حماقة "حزب الله" الإستراتيجية!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية