لو كان “التيّار الوطني الحر” ديموقراطيًّا، لكان استقال رئيسه جبران باسيل أو أقيل، لأنّه خاض معركة بلا ضوابط ضد قائد الجيش العماد جوزف عون وخسرها خسارة فادحة.
في لبنان خسارة المعارك السياسيّة لا تنتج مساءلات لا وطنية ولا حزبيّة، ولكنّ طبيعة المعركة التي خاضها باسيل ضد قائد الجيش ليست طبيعيّة، حتى في دولة مثل لبنان، فهو قدّم الشخصي على السياسي والأنانيّة على المبدئيّة، وذهب الى مستوى تحريض “حزب الله” على قائد الجيش متهمًا إيّاه بأنّه جزء من “مؤامرة كونية” على “المقاومة”، حتى بدا أنّ جهاز معلومات جبران باسيل متفوّق على جهازالمعلومات في “حزب الله”!
ردة فعل “حزب الله” على تحريض باسيل كانت بأن “ضحك” بدوره عليه، عندما ترك الحزب لحلفائه برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري التمديد لعون وسائر قادة الأجهزة الأمنية وانسحب نوابه تضامنًا مع “الحليف الحريص على سلامة المقاومة”.
ليس هناك في لبنان شخص واحد يمكن أن يصدّق، وفق مجريات التحضير لجلسة مجلس النواب، بأنّ “حزب الله” قد خسر مع “التيّار الوطني الحر” معركة التصدّي لهذا التمديد. جل ما في الأمر أنّ “حزب الله” اكتفى بتسجيل تضامنه مع باسيل وأرسل الى قائد الجيش مع باقة التهنئة بالتمديد رسالة تحذير، حتى يبقى عند “حسن الظن به”.
إنّ إدارة جبران باسيل لمعركته ضد قائد الجيش فيها فائض من الأنانيّة ونقص فادح بالذكاء، وألحقت ضررًا فادحًا بحزبه السياسي، في الداخل والخارج.
إنّ مقولة “ضميري مرتاح” التي تضمّنتها تغريدة باسيل الغارقة في “الأنا” تصلح لمن يذهب الى منزله ويستقيل من العمل السياسي، لأنّ مستوى الضرر الذي ألحقه باسيل بحزبه من جهة وبوطنه من جهة أخرى، يستدعي إمّا مساءلة ذاتية أو محاسبة سياسيّة.