"لَتْلَتة" في ...الديمان!
لم أقرأ كلامًا منمّقًا خاليًا من المعاني الوطنية والقيمية والثقافية أكثر من البيان الذي انتهى إليه اللقاء الوزاري التشاوري مع البطريرك الماروني الكادرينال بشارة الراعي في الديمان.
فهذه المرّة الأولى التي يظهر فيها أنّ للهوية الوطنية “آداب وأخلاقيات”، حتى بدت هذه الهوية الوطنية كأنّها واحدة من المهن الحرّة.
في الواقع، إنّ الهوية الوطنية هي كل شيء سوى ما تكلّم عنه “بيان الديمان”، فهي ليست شيئًا إن لم تكن مبنية على المساواة والعدالة والتقيّد بالدستور واحترام الديموقراطية.
وهؤلاء الذين اجتمعوا في الديمان وصاغوا هذا البيان ينتمي معظمهم إلى ميليشيات لا تزال تحتفظ بسلاحها، وإلى أحزاب تستقو ي على الدستور بقدراتها التعطيلية وعلى العدالة بخلفياتها الإجرامية، وخلاف ذلك من الإنحرافات والشواذات التي يعرفها اللبنانيون والمعنيون بالشأن اللبناني.
أمثال هؤلاء هم الخطر الحقيقي على الهوية الوطنية وعلى الوحدة الوطنية وعلى التقاليد اللبنانية وعلى طبيعة اللبنانيين المتأهّبة دائمًا للحاق بركب العلم والتطور والتفهّم والإنفتاح.
“اللتلتة” في البيان كان يمكن أن تمر لو أنّ الواقفين ورءاها ليسوا هم علّة ما تعاني منه الهوية اللبنانية والوحدة الوطنية والأخلاق الوطنية من مآسي وكوارث.
أليس هؤلاء ومن جعلهم وزراء من يحولون دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلى أن يفرضوا فرضًا من اختارونه عن سابق تصوّر وتصميم لخدمة “أجندتهم” الإيرانية ؟
أليس هؤلاء ومن جعلهم وزراء من يمنعون العدالة من العبور الى الواقع اللبناني، من خلال حماية عتاة المجرمين والمطلوبين والمتهمين والملاحقين والمدعي عليهم؟
أليس هؤلاء من يحمون التهرّب الضريبي والتهريب والهدر والفساد والإفساد والزبائنية واللصوصيّة؟
أليس هؤلاء من يأخذون لبنان، حين يشاؤون إلى حروب وصراعات لا تعنيه وتلحق به أفظع الأضرار؟
أليس هؤلاء من يفترض أن تكون عظات البطريرك الراعي تؤنّبهم فينال جزاءها بيانات معدّة سلفًا للمفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان؟
أليس هؤلاء هم المتورطون في الشذوذ الكبير والإنحراف الخطير والخطايا المميتة؟
بلى، هم، فيا ليتهم يكفّون عن التصدق علينا من “مال الزنى” بعظاتهم الوطنية !
