"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"لصوص" الطبقة الحاكمة يتصارعون مجدّدًا على "أبوّة" الغاز المحتمل.. فهل يُستخرَخ الرئيس اللبناني من البلوك رقم 9؟

فارس خشّان
الخميس، 24 أغسطس 2023

"لصوص" الطبقة الحاكمة يتصارعون مجدّدًا على "أبوّة" الغاز المحتمل.. فهل يُستخرَخ الرئيس اللبناني من البلوك رقم 9؟

قبل أن تبدأ، اليوم سفينة “توتال أنيرجي” في الحفر لاستكشاف ما إذا كانت هناك كميّات تجاريّة من الغاز في البلوك البحري رقم 9 ، سارعت الطبقة الحاكمة الى استغلال “النفط المحتمل” سياسيًّا، في سلوك سبق أن اعتمدته في كل مكان وزمان، متسبّبة بأكبر انهيار اقتصادي ومالي حصل في العالم منذ قرن ونصف القرن!

ومن يدقق بأدبيات الطبقة الحاكمة في لبنان، يرى أنّ هناك سباقًا غريبًا في تبنّي الحدث، ف”حزب الله” يعتبر أنّ سلاحه هو “المبتدأ والخبر”، و”حركة أمل” تواظب على أنّ “الحلم ما كان ليُفسّر لولا رئيس مجلس الواب نبيه برّي الذي حفرت بصماته على كنز لبنان الكامن”، وفق تعبير قناته التلفزيونية (أن.بي.أن)، والرئيس السابق ميشال عون يتنافس مع صهره النائب جبران باسيل في التربّع على الشجرة العائلية لأبوّة غاز البلوك 9 وفق ما يسعى الى رسمها “التيّار الوطني الحر”!

لا جديد تحت الشمس، فهذا السلوك يبقى نسبيًّا خجولًا، بالمقارنة مع ما حصل بين تاريخ وضع مراسيم التنقيب عن النفط في كانون الأول/ ديسمبر 2017 ونيسان/ أبريل 2020 تاريخ ظهور الأدلّة على أنّ البلوك رقم 4 الذي حفرته “توتال أنيرجي” خال من “الغاز التجاري”!

في تلك الفترة، إمتلأت طرق لبنان صورًا ضخمة لجبران باسيل وهو يعلن أنّ “لبنان دولة نفطية” وأعلن الريس عون، وهو يطلق أعمال الحفر من غرفة القيادة في سفينة الحفر التابعة للشركة الفرنسية، يوم 27 شباط/ فبراير 2020 يومًأ تاريخيًّا وهو محاط برئيس حكومة ذاك الزمان حسّان دياب ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر.

ولم تتأخّر المنظومة الحاكمة بكل مكوّناتها من ملء الفضاء الإعلامي والإلكتروني والمِنبري، بشعارات تبنّي الحدث الذي سرعان ما عادت وغابت عن ذكره إلى حلول هذه الأيّام!

لا يتمنّى أحد أن يكون مصير البلوك رقم 9 مثل مصير البلوك رقم 4، ولكنّ الجميع يخشون من أن يكون مصير الغاز في حال وُجد في كميّات تجاريّة مثل مصير الثروات اللبنانيّة التي جرى تبديدها، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، 129 مليار دولار أميركي كانت في احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية وأصبحت اليوم بأفضل تقدير نحو 7 مليارات و 300 مليون دولار أميركي، فقط لا غير!

وليس سرًّا أنّ الغاز المحتمل في البلوك رقم 9 ، حتى لو كان وفيرًا، لن يؤمّن، بدءًا من سنوات عدة بعد الإكتشاف، إلّا قسطًا غير وفير من الأرقام الخيالية التي بددتها الطبقة الحاكمة في لبنان.

ولهذا، فإنّ كثيرين في الداخل والخارج يعتبرون أنّه في حال وجدت أعمال الحفر كمية غاز تجارية لا بدّ من إحداث تغييرات جذرية ليس على مستوى الطبقة الحاكمة فحسب بل على مستوى نهج إدارة الدولة أيضًا!

وبالنسبة لهؤلاء، فإنّه في حال ظهر الغاز فإنّ خطة جديدة سوف توضع للبنان، فاللصوص لا يمكن اختصارهم برياض سلامة، فهو، ومهما كانت الأفعال المنسوبة إليه استفاد من نذر بسيط فيما أفاد الطبقة الحاكمة بالقسط العظيم. هو أخذ حصة الواوي والطبقة الحاكمة حصة الأسد!

ويعتقد كثيرون بأنّ هناك اتجاهًا إلى كسب الوقت في التعاطي مع الموضوع الرئاسي حتى استشراف ماذا يمكن اكتشافه في البلوك رقم 9، فإذا أظهرت عمليات الحفر وجود كميات تجاريّة، فإنّ التعاطي مع هذا الإستحقاق سوف تختلف عمّا كانت عليه سابقًا، ليستطيع لبنان، ليس الإستفادة من أحدث ثروة طبيعية يستخرجها، فحسب بل الإنضمام الى الأسرة الإقليمية المنتجة للغاز، أيضًا!

بطبيعة الحال، سوف يقاوم “حزب الله” هذا المسار التغييري الكبير، في حالة وجود غاز في البلوك رقم 9، ويقدّم نفسه ضامنًا لسلامة الآبار اللبنانيّة وضمنًا لسلامة الآبار الإسرائيليّة، ولكن أيّ نجاح ممكن له في هذا المضمار، سوف يكون جزئيًّا، لأنّ الغرب عمومًأ والإتحاد الأوروبي خصوصًا، لن يضع هذه الثروة الحيويّة، في زمن إعادة تشكيل النفوذ العالمي، تحت سيطرة “حزب الله”.

ووفق المراقبين فإنّ نموذج التعامل المستقبلي مع “حزب الله” سوف يكون على غرار القرار المرتقب صدوره عن مجلس الأمن الدولي في آخر الشهر الجاري بخصوص التمديد سنة جديدة للقوات الدولية العاملة في لبنان، “يونيفيل”، بحيث يمنع عليه أن يربح على الورق في مقابل التأكيد على وجوب أن يربح الجيش اللبناني في الميدان. بكلام آخر، لن يتم حرمان اليونيفيل من استقلالية الحركة في منطقة عملياتها، كما يطالب “حزب الله” وجنّد وراءه الدبلوماسية اللبنانية، ولكن في المقابل لن تتصرّف اليونيفيل ميدانيًا، إلّا بأخذ دور الجيش اللبناني في الإعتبار.

من هنا، فإنّ الأولوية الآن، لدى جميع المهتمين بالشأن اللبناني هو لمعرفة محتويات البلوك رقم 9 الذي تحرّر العمل فيه مع ترسيم لبنان الحدود البحرية مع إسرائيل، بوساطة أميركية، وفي ضوء ذلك، ستعود الأولوية للإستحقاق الرئاسي، فإذا كان هناك غاز قابل للإستخراج، فإنّ “حزب الله” سوف يكون في صلب معادلة ” لا منتصر ولا مهزوم”!

وثمّة من يعتبر أنّ رسالة الإستبيان التي أرسلها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى 38 نائبًا ناخبًا في لبنان، لا تخرج عن سياق تشريع تأخير الإستحقاق الرئاسي الى ما بعد ظهور معطيات الإستحقاق النفطي!

نشر في “النهار العربي”

المقال السابق
هذا ما كان يفعله بوتين لحظة إعلان تحطم طائرة بريغوجين

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

"إسرائيل لديها قدرات أكثر دراماتيكية من تفجيرات الأجهزة اللاسلكية"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية