"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

لماذا يخاطب الغرب إيران ب"وقاحة" ويحرمها من حق "الهجوم الدفاعي" على إسرائيل؟

فارس خشّان
الأربعاء، 14 أغسطس 2024

لماذا يخاطب الغرب إيران ب"وقاحة" ويحرمها من حق "الهجوم الدفاعي" على إسرائيل؟

تتهم “الجمهورية الإسلامية في إيران” الغرب بالتعامل معها بـ “وقاحة”، من خلال دعوتها الى الامتناع عن شنّ أي هجوم ضد إسرائيل مما يتسبب ” بزيادة التوترات” وبالتالي تحميلها وحلفاءها ” مسؤولية الأعمال التي تُعرّض السلام والاستقرار للخطر”، كما ورد في البيان المشترك الذي أصدره قادة “الترويكا الأوروبية” المؤلفة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

ولكن، لماذا هذه “الوقاحة” الغربية في التعاطي مع إيران؟

من وجهة نظر طهران، فهي مضطرة إلى أن تنفّذ انتقامًا من إسرائيل، لأنّها، بإقدامها على اغتيال رئيس “حركة حماس” إسماعيل هنية في طهران، وهو في ضيافتها وتحت حمايتها، لم تلحق بها الإهانة السيادية والأمنية فحسب، بل خلخلت قواعد الردع، أيضَا. وعليه، فإنّ ترك اغتيال هنية يمر كأنّ شيئًا لم يكن، من شأنه أن يسمح باستباحة إيران وإخضاعها للإرادة الإسرائيلية.

من وجهة النظر هذه، تبدو إيران محقة، فعلى الغرب، بدل أن يلوم “الجمهورية الإسلامية” على “هجوم دفاعي” تخطط له أن يلوم إسرائيل على عمل عدائي أقدمت عليه، ويحمّلها تبعات ذلك.

ولكن المسألة ليست بهذا الوضوح مطلقًا، فإسرائيل لم تتبنّ اغتيال هنية، فيما إيران قدمت روايات متناقضة حول طريقة اغتياله في عقر دار “الحرس الثوري الإيراني”. بداية تحدثت الأوساط الإيرانية عن صاروخ مصدره غواصة في البحر، ثم قدمت رواية عن صاروخ مصدره طائرة، قبل أن تتراجع، وهذه المرة بصورة رسمية، الى مستوى نشر رواية مختلفة تمامًا، تفيد بأنّ الإغتيال حصل بواسطة صاروخ قصير المدى، أي من مسافة قريبة جدًا من مقر استضافة هنية، وذلك في ضوء نفي إسرائيل أن تكون واحدة من طائراتها قد نفذت أي عملية في أجواء إيران أو الأجواء القريبة منها، وفي ظل نشر معلومات عن أن الاغتيال تمّ بزرع عبوة ناسفة تحت سرير زعيم “حماس”.

وفي التواصل الغربي مع إسرائيل، من أجل ترتيب مرحلة ما بعد الهجوم الإيراني العقابي المهدّد به، رفض المسؤولون الإسرائيليون ذلك. اعتبروا أنّ اغتيال هنية قد تكون وراءه مجموعة تعمل لإسرائيل، فهذا منطقي، ولكن قد لا تكون الأمور كذلك، وهذا منطقي أيضًا. كما أنّ طهران التي تحرك سبع جبهات ضد إسرائيل، أي إنها في وضعية المعتدي الدائم، لم تنتظر، ولو لثوان قليلة، قبل توجيه الإتهام الى الدولة العبرية، وعليه، فإنّ القبول بهجوم انتقامي إيراني، وعدم الرد عليه نوعيًّا، وفق سيناريو 13 نيسان ( أبريل) حين وافقت إسرائيل على رد رمزي على الهجوم الإنتقامي عليها، بعد اغتيال قيادة “فيلق القدس” في القنصلية الإيرانية في دمشق، من شأنه أن يجعلها دائمًا تحت رحمة إيران، لا بل يمكن أن يحوّلها إلى حارسة لأمنها، حتى لا يرتد أي حدث ضدها.

وعليه، أصرّت إسرائيل على أنّها لن تسكت على أي هجوم يستهدفها، وهي مستعدة ” أن تغامر” بالذهاب الى حرب شاملة، للحيلولة دون إعطاء إيران هذا الحق.

وبالفعل، لم تقدم إيران أيّ أدلة، في تواصلها مع المجتمع الدولي، تثبت تورط إسرائيل القاطع باغتيال هنية، وبالتالي لا يحق الإنتقام من دولة، باسم القانون الدولي، على قاعدة “الإحتمال”.

وقد أضعفت هذه الحجة الإسرائيلية المنطق الإيراني، ودفعت بطهران، في ظل نجاح إسرائيل في “خلق مشروعية” للحرب وبالتالي في تحريك اتفاقيات الدفاع المشترك مع حلفائها الغربيين لمصلحتها، الى البحث عن مخارج معقولة، سواء على مستوى نوعية الهجوم، في حال قامت به، بحيث يكون من نوعية العملية الأمنية المنسوبة الى إسرائيل، أي من خلال خلية جواسيس، أو من خلال الإمتناع عنه، لمصلحة تحقيق هدف وقف النار في قطاع غزة.

تأسيسًا على كل ذلك، يبني الغرب أدبياته في مخاطبة إيران ب”وقاحة”!

نشر في “النهار العربي”

المقال السابق
ما الذي يمكن أن يعرض حياة ولي العهد السعودي للخطر؟

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

"المرأة الغامضة" وراء الشركة المرخصة لأجهزة "البيجر" المتفجرة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية