وجدت دراسة جديدة أنه بالنسبة لبعض مرضى القلب والأوعية الدموية المعرضين للخطر والذين يستخدمون الدعامات، فإن الممارسة الموصى بها في كثير من الأحيان لتناول الأسبرين لفترات طويلة قد تكون غير فعالة، وفي بعض الحالات، ضارة.
قد راجع التقرير الذي نُشر في المجلة العلمية “سيركولايشن” بيانات أكثر من 7500 مريض يعانون من متلازمة الشريان التاجي الحادة، وهو مصطلح يصف مجموعة متنوعة من أمراض القلب، ضمنًا النوبات القلبية، الناجمة عن انخفاض مفاجئ في تدفق الدم إلى القلب.
ولعلاج هذه الحالة، خضع كل مريض لإجراء شائع يسمى التدخل التاجي عن طريق الجلد، حيث يقوم الأطباء بإدخال بالون صغير داخل الجسم لفتح الشريان المسدود. كما يقومون أيضًا بإدخال أنبوب شبكي معدني يسمى الدعامة في الشريان التاجي الذي يدعم الأوعية الدموية ويحافظ على تدفق الدم فيها. لمنع تكون جلطات الدم بعد وضع الدعامة، يوصي غالبية الأطباء بتناول مزيج من الأدوية المضادة للصفيحات والأسبرين لمدة عام تقريبًا.
ولكن الدراسة وجدت أنّ التخلص من الأسبرين بعد ثلاثة أشهر يوازي الفعالية بتجنب مضاعفات التخثّر، مع تقليل خطر النزيف الشديد الذي يمكن أن يسبّبه الأسبرين بشكل كبير.
وقالت الدكتورة روكسانا مهران، الباحثة الرئيسية في الدراسة وطبيبة القلب بكلية إيكان للطب في “ماونت سيناي” إنه “غالبًا ما نفكر: ما الذي يفعله الأسبرين حقًا سوى زيادة خطر النزيف بشكل كبير”؟
إمكانية وضع معايير جديدة للرعاية
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، إذ أنها مسؤولة عن نحو 18 مليون حالة وفاة سنويًا.
لسنوات، أوصى الاختصاصيون الطبيون على نطاق واسع بتناول الأسبرين بانتظام لمنع مشاكل القلب، لأنّ الأسبرين قد يُقلّل من تخثر الدم لمنع حدوث مضاعفات مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
ومع ذلك، يمكن أن يزيد هذا الدواء أيضًا من خطر حدوث نزيف حاد، خصوًصا مع تقدم الأشخاص في السن.
ونتيجة ذلك، غيرت الكلية الأمريكية لأمراض القلب وجمعية القلب الأمريكية في عام 2019، مسارها. ولم تعد توصي بتناول الأسبرين اليومي كوسيلة وقائية لكبار السن الذين لا يعانون من مخاطر عالية أو أمراض القلب الحالية. وفي عام 2022، أوصت فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية في الولايات المتحدة بعدم تناول الأسبرين يوميًا للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.
بالنسبة للبالغين الأصحاء والأصغر سنا الذين يعانون من زيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، يمكن أن يكون للأسبرين اليومي فائدة متواضعة.
لكن، لا بزال هناك العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية والذين يعتبرون الأسبرين مفيدًا للعديد من المرضى الذين يعانون من مشاكل في القلب أو لديهم دع امة. لكن نتائج الدراسة الجديدة قد تتحدى هذا الافتراض.
وباستخدام بيانات المرضى المجمّعة من تجربتين سريريتين كبيرتين، واحدة ساعدت مهران بإجرائها في الولايات المتحدة وأخرى منفصلة من المتعاونين في كوريا الجنوبية، نظر الباحثون إلى المرضى الذين يعانون من متلازمة الشريان التاجي الحادة، والذين كانوا يتلقون علاجًا مستمرًا لمنع التجلّط بعد وضع الدعامات.
عادة، يتناول المرضى مزيجًا من الأسبرين وأدوية قوية مضادة للتخثر تُسمى تيكاغريلور، مدة عام بعد تركيب الدعامة. ومع ذلك، وجد التقرير أنّ المرضى الذين توقفوا عن تناول الأسبرين بعد ثلاثة أشهر كانوا بحالة جيدة إسوة بمن تناولوا العلاج المركّب من الأسبرين وتيكاغريلور: وسجلت معدلات الوفاة، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، ذاتها في المجموعتين.
وقالت مهران إن حذف الأسبرين يقلّل أيضًا من خطر النزيف الحاد بنسبة 50٪ تقريبًا مقارنة بالمرضى الذين يتلقون العلاج المركب، من دون زيادة خطر حدوث مضاعفات في القلب.
هذه نتيجة يعتقد الخبراء أنها قد تؤدي إلى معيار جديد لرعاية مرضى القلب المعرضين للخطر. ونظرًا لنتائج تجربتها السريرية والكم المتزايد من الأدلة التي تشير إلى أن الأسبرين على المدى الطويل قد لا يكون مفيدًا لمتلازمة الشريان التاجي الحادة، تصف مهران خطة علاجية من دون الأسبرين على المدى الطويل لمرضاها.
وتعتقد أيضًا أنه يمكن إزالة الأسبرين من النظام العلاجي حتى قبل ذلك، ربما بعد شهر. وأضافت أن هذا الإطار الزمني القصير قيد التحقيق من خلال العديد من الدراسات الجارية.
وتابعت مهران: “إذا كان لدينا دليل جيد على أن الأسبرين لا يفعل أي شيء سوى زيادة النزيف في تلك الفترة الضعيفة، فلماذا لا نسحب الأسبرين بعد فترة معينة من الوقت؟“.
الأسبرين يبقى “علاجا أساسيا”
ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن الأسبرين يظل دواءً مفيدًا لأمراض القلب.
وبحسب الدكتور هارلان كرومهولز، طبيب القلب والأستاذ بكلية ييل لطب القلب، “يجب أن يعلم الجمهور أنّ الأسبرين يظل علاجًا مهمًا للأزمة القلبية، وفي هذه الدراسات، كان علاجًا أساسيًا في الأشهر الثلاثة بعد تركيب الدعامة”.
ولا تنطبق النتائج على المرضى الذين يعانون من مشاكل أخرى بالقلب، مثل الرجفان الأذيني، وهي حالة تتطلب علاج مخففات الدم.
وأشارت مهران إلى “أننا لا نقول إن الأسبرين مضر ويجب إيقافه عند جميع المرضى، هذه ليست الرسالة على الإطلاق”.
ركز التقرير على مجموعة مختارة من المرضى المعرضين لمخاطر عالية والذ ين يتعافون من متلازمة الشريان التاجي الحادة، ووضع الدعامات، ويتوقف استبعاد الأسبرين من الخطط العلاجية للمرضى الذين يتناولون تيكاغريلور مرتين يوميًا لمدة عام في الحد الأدنى.
ويعتقد كرومهولز أن إجراء المزيد من الأبحاث التي تهدف إلى تبسيط خطط الدواء يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تحسين صحة المرضى.