في وسائل الإعلام الفرنسيّة يظهر ستيفان سيجورنيه كأنّه يُكثر من الكلام، وفي إسرائيل تحدث وزير الخارجية الفرنسي كثيرًا، ولكنّه في زيارته التي استغرقت ساعات عدة للبنان، قال جملة واحدة لم تتم ترجمتها:” سوف أتحدث لاحقًا”.
سيجورنيه غادر لبنان، من دون أن يقل كلمة واحدة. ترك ما جاء من أجله الى بيروت حيث التقى برئيسي مجلسي النواب والوزراء ووزير الخارجية وقائد الجيش اللبناني للتسريبات.
الكلام الذي نسبته دوائر القصر الحكومي وقصر بسترس إلى سيجورنيه قد يبرر صمته العلني، فوزير الخارجية الفرنسي لن يسجل على نفسه أنّ أولى إطلالاته في البلد الذي يوليه رئيسه إيمانويل ماكرون أهمية خاصة، مهدد بحرب تدميريّة إن لم يوافق على الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن وباريس من أجل احتواء التصعيد.
ما لمسه سيجورنيه في بيروت أنّ جميع من التقاهم لا يتحدثون باسمهم، بل يعبرون عن إرادة “حزب الله” .
والمفارقة التي لم تقو زيارة الوزير الفرنسي على حجبها تمثلت في عودة التناقض الصارخ في موقف الحكومة اللبنانية الذي ظهر أولا مع الضجة الواسعة التي اثارها ما اعتبر تماهيا لموقف رئيسها نجيب ميقاتي مع موقف “حزب الله” من ربط التهدئة في الجنوب بوقف الحرب في غزة، ومن ثم تجددت الإشكالية امس بأقوى من المرة الأولى في ظل الموقف الذي نقل عن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وذهب فيه ابعد اذ اعلن “الرفض لانسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني” باعتباره حلاً مجتزأً، سيعيد تكرار وقوع الحرب وفق قوله. وكلامه عن حاجة لبنان الى تطويع سبعة الاف جندي لكي يتمكن الجيش من الانتشار جنوبا.
هذا الموقف اثار انتقادات لدى أوساط معارضة رأت فيه “تجاوزا واسعا لموقف رئيس الحكومة نفسه أولا بالذهاب ابعد من ربط الجنوب بغزة الى ما هو اشد خطورة، اذ يعني ان لبنان رغم تمسكه بالقرار 1701 ظاهرا الا انه يؤكد عدم جهوزيته لتطبيقه كاملا.