خطا لبنان أولى خطواته في مرحلة ما بعد رياض سلامة، وتسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري مهامه رسمياً مع نواب الحاكم والمجلس المركزي، بعد أن تمكّن “الثنائي” من فرض السيناريو الذي يريده في تلك المرحلة، فرمى عن كاهله المسؤولية بعد أن وضع الحكومة في واجهة المساءلة من ناحية تشريع الانفاق من الاحتياطي الالزامي للاشهر الثلاثة المقبلة.
برأ منصوري نفسه وزملائه النواب الثلاثة من كل تجاوزات الحاكم المنتهية ولايته، وتجنبّ الغوص في تفاصيل خطته الإصلاحية التي حاول التمايز بها عن سلفه، بإصراره على رفض أي صرف لتمويل الحكومة خارج القانون، ورفض المس بالتوظيفات الإلزامية تحت أي مسمى أو ذريعة، بالإضافة إلى مسألة تحرير سعر الصرف ومنصة “صيرفة”، مشدداً على ضرورة تحرير سعر الصرف بشكل تدريجي وبالتوافق مع الحكومة، وبعد التحضير لإطلاق منصة جديدة تعتمد وقف بيع الدولارات للشركات والتجار، والاكتفاء مؤقتاً ببيع الدولارات لموظفي القطاع العام فقط، مع استثناء استيراد بعض الأدوية.
خرج سلامة شكلياً على وقع نهج “ذر الرماد في العيون” بالتنصل من ارتكابات كانت تحصل بتنسيق مع المنظومة، وهو ما يحصل اليوم إذ يتم التواصل بين الطرفين خلف الكواليس لتسيير أعمال القائمين بالأعمال الذين تم وضعهم في الواجهة لتنفيذ المخطط المعدود مسبقاً، ووسط ترقب لما ستحمله المرحلة المقبلة على مستوى السحوبات ومصير أموال المودعين وتنفيذ الوعود التي تم اطلاقها، تم ايجاد مخرج لأزمة الحاكمية، على عكس تلك الرئاسية التي تم قذفها الى أيلول، على الرغم من فتح باب الحوارات الثنائية التي ستعيد خلط الأوراق وتقلب طاولة التحالفات رأساً على عقب.
طغى الهدوء على مستوى سعر الصرف الذي استقر على عكس التوقعات، وأكدت مصادر متابعة أن المطلوب الواقعية في التعامل مع مصالح الناس بانتظار الحلول السياسية، وأن لا خوف تقنياً على المستولى المالي، وإنما من حق اللبناني الغاضب أن يعترض على كيفية التعاطي مع مطالبه منذ الأزمة وحتى اليوم، بالتوازي، نفت جمعية المصارف خبراً عن توجيه كتاب إلى منصوري بخصوص السحوبات بالعملات الأجنبية، فيما يعقد اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان اجتماعاً لمناقشة مستقبل مفاوضات تجديد عقد العمل الجماعي ومطالب الاتحاد لمعالجة الضائقة المعيشية، معاودة التهجّم على فروع المصارف وموقف الاتحاد من موضوع إعادة الودائع إلى أصحابها، وأمور أخرى.
سيكون منصوري والنواب البقية أمام امتحان، ستتبلور نتائجه تباعاً منذ الأسبوع المقبل في طريقة التعاطي مع تعهدات رفع خلالها مبدأ الشفافية في المضي نحو بر الخلاص وتنفيذ الاصلاحات للخروج من الأزمة، فهل سيتمكن من تحقيق ذلك؟!.