"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

وفاة مؤسس وناشر جريدة 'السفير' طلال سلمان

نيوزاليست
الجمعة، 25 أغسطس 2023

وفاة مؤسس وناشر جريدة 'السفير' طلال سلمان

توفي ظهر اليوم في العاصمة بيروت، الصحفي اللبناني ناشر وصاحب صحيفة السفير اللبنانية طلال سلمان.

يعد طلال سلمان أحد أبرز الصحافيين العرب، ومؤسس صحيفة السفير التي تُعد إحدى ألمع التجارب الصحافية التي عرفها العالم العربي في تاريخه المعاصر.

يعد طلال سلمان من بين الصحافيين العرب القلائل الذين انحازوا منذ بداياتهم المهنية،للقضايا الوطنية والقومية والاجتماعية. وحين تمكّن من تحويل حلمه بتأسيس صحيفة مستقلة إلى حقيقة بعد 18 سنة من عمله الصحفي، عمد إلى جعل صحيفته منبرًا حقيقيًا لقضايا العرب

وطلال سلمان صحافي لبناني أصدر في 26 آذار/مارس 1974 جريدة “السفير” في بيروت، وهي يومية سياسية مستقلة – حملت شعار “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، وشعاراً مواكباً برسم الكثرة الغالبة “صوت الذين لا صوت لهم”، فشكّل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.

ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار (غربي مدينة بعلبك في البقاع اللبناني) عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان. ووالدته فهدة الأتات. تزوّج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهما: هنادي، ربيعة، أحمد، وعلي.

في أحدث مؤلفاته كتابة على جدار الصحافة (دار الفارابي، 2012) وهو أقرب إلى الجزء الأول من سيرة حياة (Semi-autobiography)، يصف طلال سلمان خطواته على الطريق إلى الصحافة بمقدار ما يصف حال الصحافة اللبنانية وتطوّر مسيرتها لتصير “صحافة العرب الحديثة.

أما مسيرته فمسيرة شاقة، بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ”واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة”، كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مُصحّحاً في جريدة “النضال”، فمخبراً صحافياً في جريدة “الشرق”، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة “الحوادث”، فمديراً للتحرير في مجلة “الأحد”.

وفي خريف العام 1962 ذهب إلى الكويت ليصدر مجلة “دنيا العروبة” عن “دار الرأي العام” لصاحبها عبد العزيز المساعيد. لكن الرحلة لم تطل لأكثر من ستة أشهر عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلة “الصياد” ومحرراً في مجلة “الحرية” حتى تفرّغ لإصدار “السفير” في 26 آذار/مارس 1974، وكان عضواً في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976 حتى العام 2015. اشتهر أيضاً بحواراته مع غالبية الرؤساء والقادة والمسؤولين العرب.

تتميّز شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرّضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 تموز/يوليو 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره.. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع “السفير” في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1980.

حاز جائزة الدبلوماسي والمستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لأفضل نقل صحافي روسي وأجنبي للأحداث في الشرق الأوسط. وتسلم الجائزة في 7/11/2000. وفي سنة 2004 وفي الذكرى الثلاثين لإصدار “السفير” كرّمته المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان كله.

اختاره منتدى دبي الإعلامي “شخصية العام الإعلامية” لسنة 2009.

وفي 7 أيار/مايو 2010 منحته كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره المتفرّد في الصحافة والإعلام والأدب الصحافي.

في الرابع من كانون الثاني/يناير 2017، إختار طلال سلمان بملء إرادته إطفاء شمعة “السفير”، وأراد أن تكون إفتتاحية العدد العشرون قبل 43 سنة، هي إفتتاحية العدد الأخير “لعلّها تكون أطيب تحية وداع”، وجاء فيها “يحق لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكراً”.

منذ كانون الثاني/يناير 2017، حتى العام 2022، ظلّ طلال سلمان مواظباً على كتابة “على الطريق” في الموقع الذي حمل وما يزال إسمه: طلال سلمان (https://talalsalman.com). هذا الموقع كان أيضاً منبراً أطل من خلاله عدد كبير من أصدقاء “السفير” وطلال سلمان، من لبنان والعالم العربي. مؤلفات طلال سلمان: • مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969). • ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984). • إلى أميرة اسمها بيروت (1985). • حجر يثقب ليل الهزيمة (1992). • الهزيمة ليست قدراً (1995). • على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000). • هوامش في الثقافة والأدب (2001). • سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004). • هوامش في الثقافة والأدب والحب (2009). • لبنان العرب والعروبة (2009). • كتابة على جدار الصحافة (2012). • مع الشروق (2012). • هوامش في الثقافة والأدب والحب (2014). • مع الشروق (2014).

بعد شيوع خبر وفاة الكاتب الصحافي ناشر جريدة “السفير” طلال سلمان، توالت التعليقات والتغريدات لإعلاميين وشخصيات سياسية وأمنية ودينية عاكسةً البصمة الكبيرة التي تركها في لبنان.

وزير الإعلام زياد المكاري

فقال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري عبر منصة “إكس”: “‏في لقائنا الأخير كان الحديث من القلب وعن ذكريات الصحافة. ‏الكبير طلال سلمان العابر بقلمه للمناطق، ستبقى ذكراه خالدة، وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية. ‏وداعاً صوت الذين لا صوت لهم”.

نقابة الصحافة اللبنانية

ونعى مجلس نقابة الصحافة اللبنانية سلمان في بيان جاء فيه: “دمعة حبر متشحة بالسواد ندرفها على خد الكلمات. يرتعش القلم وهو يكتب نعياً لفارس من فرسانه يترجل عن صهوة الكتابة والورق ويرثي “صوت الذين لا صوت لهم” وهو يرحل من دون استئذان قبل ان ينهي السير “على الطريق” نحو قضايا الوطن والامة والأرض والإنسان. خانه العمر ولم يخنه القلم والسير نحو الحق والحقيقة. ستون عاما ونيف، حر مدافع عن الحرية والتحرير. هو باختصار حتى آخر نبض من نبض حبره وقلبه نقول وداعا طلال سلمان. ننعيه الى اللبنانيين والى العالم العربي ونتقدم من اسرته الصغيرة آل سلمان وأسرته الكبيرة الصحافة اللبنانية والعربية ومن سائر الذين عملوا معه وتتلمذوا في مدرسته الإعلامية “السفير”، ننعيه عضوا لسنوات في مجلس النقابة سائلين المولى العزيز القدير أن يتغمده بواسع برحمته ويلهمنا وذويه ومحبيه وسائر من عرفه عظيم الصبر والسلوان متمنين على الزملاء في كافة الصحف ان تبادل الراحل الكبير بالتزام شارة حداد على الراحل الكبير في صدر صفحتها الاولى، وانا لله وانا اليه راجعون”.

نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي

كما نعاه نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، باسم مجلس النقابة وباسمه الشخصي، وقال في بيان: “غاب صوت الذي لا صوت لهم، صاحب القلم الماضي والحضور الطاغي في دنيا الصحافة والاعلام الذي شق طريقه إلى التألق بالحبر الذي اختلط بالعرق والدم، وبعصامية تتجاوز المغامرة التي خاض غمارها بإمكانات متواضعة، ولكن بإيمان كبير وتصميم عنيد على أن يفرد لنفسه مكانة متقدمة، لا في الصحافة اللبنانية، بل في صحافة العرب، فكانت سفيره جواز مرور النخبة المتقدمة إلى الرأي العام، ونبض الرأي العام الذي يقتحم القصور والسرايات ويقض مضاجع الحكام”. أضاف: “لقد نجح طلال سلمان في إنشاء مدرسة صحافية تميزت بالريادة وحشدت في مبناها ومكاتبها الأقلام المبدعة وأصحاب الاختصاص وجمهرة من المندوبين والمراسلين الذين تميزوا بالخبرة والاحتراف والقدرة على اختراق الأسوار المستغلقة وتقديم المعلومات الدقيقة، حتى باتت جريدته من المراجع التي يركن إليها لدى البحث عن الخبر الدقيق”. تابع: “من مدرسته تخرج عشرات الزميلات والزملاء الذين شدته إليهم علاقات وثيقة تتجاوز ثنائية العلاقة بين رب العامل والعامل، فحدب عليهم وحرص على توفير كل أسباب الحياة اللائقة بهم. وعندما حملته الظروف على إغلاق “السفير”، لم يقدم إلا بعد أن سدد للعاملين في مؤسسته تعويضاتهم حتى آخر بارة. كان أليما قراره، بل مفجعا، لكنه كان صادقا مع نفسه ورافضا السير في كل ما يناقض التزاماته”. وأردف: “طلال سلمان قامة صحافية وإعلامية عملاقة بلغت من النجاح خير مكان، لكن نشوة الغرور لم تستبد به، فظل على تواضعه كالسنبلة المليئة، مشرعا باب مكتبه ومنزله أمام الأصدقاء والزميلات والزملاء، وهو الذي كان لديه متسع من الوقت للتجوال في ملكوت الكلمة الحلوة، والوتر الحاني. ذواقة شعر وموسيقى كان، ومحب للحياة. أحبه اصدقاؤه والعاملون معه واحترمه الملوك والأمراء والرؤساء، ولو باعدت بينه وبينهم آلاراء. شجاعته وصلابة مواقفه عرضته لمحاولة اغتيال ظلت آثارها بادية عليه”. وختم: “اشتدت وطأة المرض عليه وانشب الداء مخالبه فيه بعد إغلاق ثمرة عمره “السفير” وبقي يقاوم بما استبقت لديه الحياة من قوة، ولم يسقط اليراع من يده، إلا بعد أن فقد القدرة على حمله. فباسم مجلس نقابة المحررين وباسمي الشخصي، كل التعازي لعائلة طلال سلمان الكبير الذي غادرنا ولكل الزميلات والزملاء الذي عملوا في “السفير” وظلوا على عهد الوفاء لها، وليقر عينا في شمسطار، في التربة التي أحب، وعشق ربوعها، وأنس إلى اهلها، وليكن مثواه في صحبة الأبرار الصالحين من عباد الله”.

اللواء عباس إبراهي

وفي بيان، نعى اللواء عباس إبراهيم سلمان وقال: “ببالغ الأسى تلقّينا نبأ وفاة الصحافي الكبير والقدير ناشر جريدة السفير الغرّاء، الأستاذ طلال سلمان، بعد أعوام قليلة من تلقّينا خبر احتجاب جريدة السفير عن الصدور. لقد كان الراحل عن حق “سفير” لبنان الى العالم. لم يترك جهداً خلال مسيرته في الثقافة والسياسة في سبيل خير المجتمع والوطن. حمل من دون كلل قضايا الأمة من محيطها إلى خليجها. لقد كان مجبولاً بحبرٍ هو أقرب إلى الأحمر القاني منه إلى سواد يحيق بنا من الاتجاهات كلها. كان طلال سلمان قلماً وبوصلةً لتحرير الأرض والإنسان. وداعاً أستاذ طلال، إلى جنان الخلد، وإلى حيث يمضي الأحرار والصادقون، أهل الأرض والحبر والفكر والكلام والوطن”.

المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان

ونعى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان، ناشر جريدة “السفير” وقال في بيان: “طلال سلمان اسم بحجم وطن تذابح أهله وتفرق عربه، وما زالت أصداء قلمه تاريخا لوطن تقاسمته النار، ووجعا لشعب مزقته الحرب الأهلية، ودعوة لانتشال لبنان من إعلام الفتنة وألغام المتاريس ولعبة العالم، واليوم طلال سلمان يطل على ساحة الحق الأبدي ليدلي بشهادته الثقيلة عن وطن ما زال مصلوبا فوق خشبة الإنقسام”.

الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري

وكتب الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري عبر منصة “إكس”: “يرحل طلال سلمان الرمز الصعب في الصحافة في الزمن الأصعب. أسهمت “السفير” في تشكيل وعينا الوطني العروبي والقومي، وكان الراحل الكبير رائدا في الصحافة، وصاحب القلم الأنيق والموقف الثابت والغني بالحكمة والرؤية الثاقبة. مخزون ذاكرة لا ينسى، لي شخصيا كشاب نشأ على قراءة “السفير” صوتا للوطن والعروبة ومنارة في عالم الصحافة”. أضاف: “طوى الأستاذ طلال صفحة مشرقة ومشرفة في تاريخ الصحافة اللبنانية والعربية. ويبقى صوت الذين لا صوت لهم… رحمه الله، واسكنه فسيح جنانه”.

المقال السابق
بالصراخ والبصق والتهديد.. "جنود الرب" يوقفون عرضا ترفيهيا لمجتمع الميم في لبنان
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

"حزب الله" لم يشك لحظة واحدة بسلامة أجهزة "بايجر" وهذا هو الدليل

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية