ما يُقدم عليه “حزب الله” في جنوب لبنان، منذ ثلاثة أيّام على الأقل، ليس سوى استدعاء صريح لإسرائيل الى الحرب، فهو، في واقع الحال، أسقط “هدنة الخط الأزرق” وخرق، بشكل لا لبس فيه، البنود المنفّذة من القرار 1701، وأشعل الحدود مباشرة وبواسطة حليفيه الرسميّين اللذين عهد إليهما بجزء من المجهود الحربي: الجهاد الإسلامي و”حركة حماس”!
ولكنّ الحرب لم تتوسّع بعد، ليس لأنّ “حزب الله” يتحكّم بقواعد الحرب، بل لأنّ إسرائيل “تضبط نفسها” ولأنّها لا تزال تُعطي الأولويّة لحربها ضد قطاع غزّة، من جهة ولأنّ حلفاءها الأميركيّين والفرنسيّين يريدون منها ذلك، من جهة أخرى.
في زمن سابق، كانت عمليات أقل نوعيّة وكميّة من تلك التي تستهدف إسرائيل حاليًا تؤدي الى نشوب حرب.
حتى تاريخه ما يُعفي سائر المناطق اللبنانية من الحرب المندلعة على الحدود الجنوبيّة هو تركيز إسرائيل على غزّة، وتاليًا قبولها بحصر المعارك بالحدود ومحيطها الضيّق.
ولكنّ “ضبط النفس” ليس ضمانة لأحد، فالعمليات العسكريّة بدأت تحصد الكثير من الأرواح وتلحق الكثير من الخسائر، وما من أحد قادر على التكهّن بما يمكن أن تكون عليه قرارات اليوم التالي، لأنّ ما هو صالح لليوم قد لا يكون كذلك للغد، وما هو ممنوع اليوم قد يصبح متاحًا غدًا!
والخوف الكبير من الآتي، ليس حكرًا على بعض المحللين المحليّين، بدليل مسارعة دول معروفة بسعة اطلاعها الى منع مواطنيها من السفر الى لبنان والطلب ممّن هم فيه إلى مغادرته بأسرع وقت والإيعاز الى شركات طيرانها بوقف رحلاتها الى مطار رفيق الحريري الدولي.
والخطر الذي كان كبيرًا أصبح مع “مجزرة المستشفى” في غزة التي أوقعت مئات الضحايا، خطرًا حقيقيًّا، لأنّ “حزب الله” أخذ “مشروعيّة عاطفية” لتوسيع استهدافاته في وقت حظيت إسرائيل بفرصة لمزيد من الجنون، فمن يمكن أن يستوعب، بحملة مدروسة “بلعها” الغرب مجزرة بحجم هذه المجزرة يمكنه أن يذهب بعيدًا!
وهذا يعني أنّ سياسة “ضبط النفس” قد تكون في مرحلة لفظ آخر أنفاسها!