نعت “أفواج المقاومة اللبنانية” اليوم الأحد شهيدها السابع في الجنوب اللبناني.
ويظهر واضحًا أنّ غالبية شهداء “أمل” يتم استهدافهم في المنازل، في وقت لا تكشف فيه “الحركة” عن النشاطات العسكريّة التي تقوم بها، وعمّا إذا كانت مستقلة أو منخرطة في سياق واحد مع “حزب الله”.
لكنّ المسألة الأهم ليست هنا، إذ إنّ كثيرًا اللبنانيّين، وقبل أن تدخل “حركة أمل” في تقديم الشهداء، لم يكونوا يجدون ذكرًا لوطنهم في ما يحصل في الجنوب، إذ إنّ “حزب الله” ينعي شهداءه باسم “المقاومة الإسلامية في لبنان”، أي باسم تنظيم انطلق من إيران ونسخ نفسه في العراق واليمن وسوريا ولبنان. ويقود “المقاومة الإسلاميّة” مرشد الجمهوريّة الإسل امية في إيران السيد علي خامنئي وينسق نهجها وأعمالها وأجندتها قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”.
وتقدم “المقاومة الإسلامية في لبنان” مثلها مثل “المقاومة الإسلامية”، في أي بلد آخر جرى إلحاقه ب “محور المقاومة”، شهداءها على أنّهم سقطوا “في الطريق الى القدس”.
مع “حركة أمل” إختلف الحال، إذ تبدو متمسكة بلبنانيّتها، فهي ليست ” أفواج المقاومة في لبنان” بل هي “أفواج المقاومة اللبنانية”. الفارق بين “المكانية” والصفة كبير. المكانية لا تعطي هوية. ف”المقاومة الإسلامية في لبنان” يعني أنّها تعمل فيه، وليس بالضرورة أن تكون منتمية اليه. أمّا الصفة فتعطي الهويّة. “أفواج المقاومة اللبنانية” يعني أنّها تقدّم هويتها اللبنانية على ما عداها.
ولا يقتصر التمايز الجوهري على “المكانية” و”الصفة” فحسب بل على وظيفة الإستشهاد، أيضًا.
في نعي “حزب الله” لشهدائه تغيب المصلحة اللبنانيّة نهائيًّا، إذ يرد في متن النعوة الآتي: “بمزيد من الفخر والإعتزاز، تزف المقاومة الإسلامية في لبنان الشهيد المجاهد(…)، والذي ارتقى شهيدًا على طريق القدس”.
“حزب الله” في أدبيات نعوته يغيّب المصلحة اللبنانية عن التضحيات التي يقدمها.
نعاوي “حركة أمل” تختلف أدبياتها جوهريًا، فهي تتضمن في متنها الآتي: ” بمزيد من الفخر والإعتزاز تزف أفواح المقاومة اللبنانية “أمل” الى قائدها سماحة الإمام موسى الصدر وجماهيرها المؤمنة، الشهيد(…). استشهد أثناء قيامه بواجبه الوطني والجهادي دفاعًا عن لبنان والجنوب. إنّ أفواج المقاومة اللبنانيّة “أمل” تعاهدالشهيد وجماهيرها بأن تبقى على العهد والقسم للقائد المؤسس وللشهداء بأن نكون فدائيي أرضنا المقدسة مهما غلت التضحيات”.
في هذه النعاوي التي تصدرها أمل تبدو المرتكزات لبنانية: القائد هو الإمام موسى الصدر، “الواجب وطني”، المدافع عنه “لبنان والجنوب”، والمقدس هو “أرضنا”.
ومهما كان الإختلاف في النظرة الى لبنان بين “حركة أمل” وغيرها من القوى السياسية اللبنانية، إلّا أن لبنان يبدو قاسمًا مشتركًا. هذا اللبنان الذي يغيب عن أدبيات “حزب الله” لتحلّ مكانها أدبيات الجمهورية الإسلامية في إيران، كما يصدّرها “فيلق القدس”.