فيما كان تحشيديّو “حزب الله”، يتقدمهم سياسيون ورجال دين وإعلاميّون وصحف، “يقدون المراجل” على إسرائيل ويرفعون لافتات ” يا هلا ومرحب” بإمكان تحويل المواجهات الحدوديّة الى حرب مفتوحة، أطلق رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهو وفق بيانات “حركة أمل” – وإن كانت قليلة جدًا- يشارك في المواجهة الحدوديّة، (أطلق) تحذيرًا علنيًّا ينبّه فيه إلى مخاطر الإنجرار الى حرب تعمل إسرائيل، في هذا التوقيت الملائم لها، على استدراج لبنان إليها!
من يجب علينا أن نصدّق من هذا “الثنائي الشيعي”: المرجلجي أو التهدوي؟
لا أحد.. فالمرجلجي لا يريد توسيع الحرب، ولكنّه مربك أمام الخسائر البشريّة التي يراكمها، سواء على مستوى مقاتليه أو ا لنازحين عن الجنوب الى حيث يحاولون بالتي هي أحسن تدبير أمورهم ب”أفواه مقفلة” ممنوعة من “النق”، فيما أمثالهم من النازحين من الشمال الإسرائيلي، وعلى الرغم من أنّ دولتهم خصصت لهم فنادق للإقامة فيها، لا يتوقفون عن الشكوى والمعارضة والمطالبة بحل سريع وحاسم.
وهذا الإرباك الذي يُعاني منه “المرجلجي” سمح للتهدوي نبيه برّي أن يُطلق تحذيره علنًا، فهو، في الواقع لا يوجّه كلامه الى “حزب الله” بل الى أبناء الجنوب، أوّلًا وإلى كل من يُمكن أن يُربك “حزب الله”، ثانيًا!
وبهذا المعنى، فإنّ الفريق الممانع الواحد، يوزع وظيفتين متكاملتين على “الثنائي الشيعي” ، كما هي عليه الحال في كل الأمور الأساسيّة في لبنان.
ولكنّ “بيت القصيد” ليس هنا، إذ المطلوب من التهدوي والمرجلجي في آن، أن يحدثانا عن حل واقعي يمكنه أن يُعفي لبنان من حرب طاحنة وتدميريّة، إذ إنّ الإتكال حصرًا على الولايات المتحدة الأميركية وخلفها فرنسا، لا يجدي نفعًا، لأنّه، في حال ازدادت الضغوط الداخليّة على الحكومة الإسرائيليّة من أجل إيجاد حل سريع للأمن الذي افتقده شمال إسرائيل، فإنّ هذه الحرب واقعة لا محالة، وبالتوقيت الإسرائيلي بامتياز.
ويعرف جميع من يراقب السلوك الإسرائيلي في لبنان وسوريا أنّ تل ابيب تجهّ ز الأرضية للحرب، فهي بعد أن تفكك ما أمكن من المنظومة القيادية الميدانية، بالإغتيالات، وتوجد مساحات مكشوفة في الأحراج والأودية الحدوديّة، وتُكمل الإنتقال الى مرحلة أقل عنفًا في غزّة، وتطمئن الى الجهوزية الأميركية في البحر الأحمر والعراق، وتنتهي من تلقي الذخائر التي بدأت تصلها من واشنطن وغيرها من عواصم الحلفاء، وتعطي الفرصة الأخيرة للمحاولات الدبلوماسيّة، سوف تكون جاهزة لحرب مطلوبة من أكثرية شعبية في الشمال الإسرائيلي ومرغوبة من أكثرية ساحقة في حكومة قد تحتاج الى حرب على جبهة “حزب الله”- إيران لتطيل عمرها!
في لبنان، ليس المطلوب أن يوزع “الثنائي الشيعي” الأدوار، بل أن يُبلغ من منعوا توسعة الحرب حتى الآن، ما يحتاجون إليه من معطيات تفيدهم في منع إسرائيل من الضغط على زر تدمير لبنان وحرث جنوبه!