عندما تُسقط إسرائيل كلّ “قواعد الإشتباك”، فهي من دون شك تكون في وضعيّة استدراج “حزب الله” الى حرب طاحنة!
وحتى تاريخه، أسقطت إسرائيل كل الضوابط، فهاجمت أهدافًا ل”حزب الله” على مسافات تبعد بين أربعين كيلومترًا عن الحدود وعشرين كيلومترًا مستهدفة، في كل حالة مسؤولين في “قوة الرضوان”، وكان أبرزهم، أمس وسام حسن طويل الذي تتلمذ على يدَي الراحلين قاسم سليماني وعماد مغنية وعاد وتعاون مع الراحل مصطفى بدر الدين وأصبح قائدًا مهمًّا في “قوة الرضوان”.
وذهبت إسرائيل أبعد من ذلك، عندما اغتالت في المربع الأمني في الضاحية الجنوبية القائد في “حماس” صالح العاروري، مسقطة الحماية عمّن تريده ولو كان في حضن قائد “حزب الله” وزعيمه الذي لم ينجُ هو الآخر من التهديد والوعيد!
ولكنّ “حزب الله” عملًا بالتوصية الإيرانية وعنوانها “الصبر الإستراتيجي” يكتفي بالرد عسكريًّا، في حين أنّ نقطة قوّته الحقيقيّة تكمن في الذهاب بالرد الى “ما بعد بعد حيفا”، الأمر الذي من شأنه أن يوجع إسرائيل حقًا، وربّما يضع حدًّا لقدراتها الظاهرة على استهداف “شبه سلس” لمن تريد استهدافه من قادة “حزب الله” الميدانيّين، في دليل على مدى اختراقها لأسرار هذا الحزب العسكريّة!
ويدرك “حزب الله” أنّ خرقه للخطوط الحمراء واستهداف حيفا وما بعد حيفا قد يكون مطلبًا إسرائيليًّا، بحيث تُسقط الفيتو الأميركي الذي يمنعها، منذ الثامن من تشرين الأوّل الماضي، تاريخ دخول “حزب الله” في حرب “طوفان الأقصى” من توسيع الحرب على لبنان، بهدف فرض معادلات جديدة.
خطباء “حزب الله”، بعدما كانوا يهددون إسرائيل بتوسيع الحرب ضدها إذ لم توقف الحرب على قطاع غزة، انتقلوا، عمليًّا، الى موقع الدفاع، بحيث باتوا يهددونها بحرب بلا ضوابط، إن هي قررت توسيع الحرب ضدّ حزبهم، مسقطين غزّة من المعادلة.
وهذا يعني أنّ المبادرة انتقلت من يد “حزب الله” الى يد إسرائيل!
وفي ظل هذه الوقائع التي تضع “حزب الله” في موقع “الإرتباك الإسترا تيجي”، يقاوم لبنان الضغوط الأميركية والأوروبيّة، فهو، وفق توجيهات علنيّة أصدرها الأمين العام ل”حزب الله” يوم الجمعة الماضي، يريد أن يفرض على إسرائيل انسحابًا حتى من مزارع شبعا، قبل أي حديث عن انسحاب “حزب الله” الى ما وراء شمال نهر الليطاني.
وفي ذلك يلعب لبنان لعبة خطرة، فهو يدرك أنّ إسرائيل تتطلّع فعلًا الى توسيع الحرب عليه، لتفرض الوقائع التي تناسبها، ولكنّه عاجز عن إقناع “حزب الله” بأنّ إصراره على تطبيق الأجندة الإيرانيّة التي حوّلت الجنوب الى عمق استراتيجي لإيران، سوف يأكل الأخضر واليابس في لبنان.