ينقل عن مرجع لبناني كبير قوله ان المناوشات بين “حزب الله” والجيش الإسر ائيلي سوف تتصعّد الى حد كبير في المرحلة المقبلة، ولكنّ المرجع يعتقد بأنّ التصعيد لن يصل الى حد نشوب حرب مفتوحة على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.
ومع ذلك كل المؤشرات تدل على أنّ الخط البياني الصاعد للمناوشات، بدأ يشبه المواجهات، ولن يمر وقت طويل قبل ان يتحوّل الى “ميني” حرب على الحدود. فإذا كانت حسابات “حزب الله” تقضي بأن يلتزم بالقرار الإيراني الذي يفرض عليه الاّ يتورط في حرب مفتوحة مع إسرائيل، فإن الحسابات الإسرائيلية قد لا تتطابق مع الحسابات الإيرانية التي يلتزم بها الحزب المذكور؟
وبالأمس أصدرت قوات الطوارئ الدولية المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” بيانًا قالت فيه: “ان تزايد احتمالات حدوث خطأ بالتقدير قد يؤدي لنزاع أوسع على حدود لبنان وإسرائيل”. بدورها نقلت القناة ١٤ الإسرائيلية تقديرات للجيش مفادها انه:” من الممكن ان تتحوّل اسرائيل من القتال في الجنوب الى القتال في الشمال ضد “حزب الله”. اما رئيس الأركان الإسرائيلي هرتستي هاليفي فيقول:” ان الامر على حدود لبنان يجب ان ينتهي بتغيير واضح جدا في الوضع”!
إن الحسابات الإسرائيلية قد لا تتطابق مع الحسابات الإيرانية التي يلتزم بها “حزب الله”
ما تقدم يؤشر الى مدى خطورة الوضع في هذه المرحلة من الحرب في غزة. فقيام “حزب الله” برفع درجة سخونة المناوشات التي صارت تشبه المواجهات العسكرية من خلف المواقع، يفتح الباب امام إسرائيل لكي ترفع من وتيرة الضغط العسكري الى حد قد يستدرج “حزب الله” او حتى إسرائيل نفسها الى ارتكاب الخطأ القاتل، الذي يفتح ابواب الحرب الشاملة. هذا الاحتمال اكثر من وارد لاسيما اننا نعرف ان داخل المستوى العسكري والأمني الاسرائيلي قيادات ترى ان الظرف ملائم لتوسيع رقعة الحرب لتشمل “حزب الله” في الشمال، حيث الالتزام الأميركي بالتدخل ضد اي طرف ثالث يواجه إسرائيل. وتعتبر القيادات المذكورة ان الفرصة سانحة لحرب تغيّر قواعد اللعبة مع “حزب الله”، وتنتهي بفرض ترتيبات امنية تقام بموجبها منطقة عازلة بمواصفات مختلفة عن منطقة القرار ١٧٠١ الحالية، وتبعد “حزب الله” الى مسافة ٤٠ كيلومترا من الحدود. وقد ترفق الترتيبات الأمنية التي ستلي حربا مصغرة او واسعة بإطلاق عملية تفاوضية حول النزاعات الحدودية في النقاط ال ١٣ بين لبنان وإسرائيل، إضافة الى قرية الغجر. اما تلال كفرشوبا ومزارع شبعا فستظل معلقة. ويحتاج الطرفان الى تركها معلقة. “حزب الله” يحتاج الى شعار ” استكمال التحرير” لتبرير وجود سلاحه غير الشرعي.
السؤال المطروح وسط كل هذه الفوضى العسكرية والأمنية في المنطقة: هل تجازف إسرائيل بتوسيع رقعة المواجهات في الجنوب بهدف تغيير الواقع على الحدود الشمالية مع لبنان؟
نحن اذا امام واقع محفوف بالمخاطر الكبيرة. فمن خلال تأكيدات المرجع اللبناني الكبير ان الأمور ذاهبة الى تصعيد كبير لكنه لن يصل الى حرب واسعة، يمكن تلمس مناخ على صلة بحسابات “حزب الله” في ما يتعلق بالمواجهات الحالية في جنوب لبنان. لكن المعطى المجهول حتى الآن يتعلق بالطرف الإسرائيلي الذي يتلقى ضربات موجعة في الميدان، ومع ذلك يواصل تقدمه. والسؤال المطروح وسط كل هذه الفوضى العسكرية والأمنية في المنطقة، هل تجازف إسرائيل بتوسيع رقعة المواجهات في الجنوب بهدف تغيير الواقع على الحدود الشمالية مع لبنان؟ ثمة جهات دبلوماسية عربية تعتقد ذلك. إذا صح ذلك الاعتقاد يمكن القول ان لبنان بات اقرب من أي وقت مضى الى الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل.