"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

لبنان المغضوب عليه..من الاميركيين

ساطع نور الدين
الأربعاء، 15 يناير 2025

لبنان المغضوب عليه..من الاميركيين

عمليات التدمير الإسرائيلية المروعة لقرى الشريط الحدودي، هذه الأيام، تثير الانطباع بأن العدو هو في سباق محموم مع الزمن، لكي ينجز مهمة إزالة تلك القرى من الوجود، وتصنيفها كمنطقة خالية من السكان نهائياً، وحرمان أهاليها من حق العودة الى منازلهم.. قبل حلول موعد انتهاء مهلة الستين يوماً المحددة في اتفاق وقف اطلاق النار، الذي يبدو أن إسرائيل ستضطر الى الالتزام به بعد السابع والعشرين من الشهر الحالي، لإعتبارات دولية أهمها الاعتقاد السائد في واشنطن وفي غيرها من العواصم الغربية، “أن حزب الله أصبح من الماضي”، حسب تعبير وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن. وبناء على هذا السباق، يتكثف الضغط الأميركي-الإسرائيلي على السلطات اللبنانية لكي تبدي المزيد من التجاوب مع طلب تجريد حزب الله، من السلاح الثقيل، جنوبي الليطاني وشماله أيضاً، كشرط لتحويل وقف النار المؤقت الى وقف دائم، يحظر الانتهاكات الإسرائيلية، ويوقف عملية تحويل القرى الحدودية الى أرض غير صالحة للعيش.. لا سيما وان نص اتفاق “الاستسلام”، الموقع عليه في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، لا يسمح للجانب اللبناني بالكثير من المناورة، ولا التحدي أو الاعتراض على الأقل لفكرة ضياع بقعة، كانت مسكونة، من الأرض اللبنانية، ومحو الحدود الجنوبية، غير المرسومة، من الخريطة. وإذا ما نحيت جانباً المخاوف الملموسة من خطط العدو وأفكاره المتطرفة، الخاصة بتوسيع أرض إسرائيل وحدودها داخل قطاع غزة وفي عمق الضفة الغربية، وفي الجنوب اللبناني والجنوب السوري، يبقى وقف اطلاق النار مع لبنان بمثابة إختبارٍ وجوديٍ، يسبق الطموح الرسمي والالتزام الواضح من قبل الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، بعملية إعادة الاعمار، التي يتوقع ان تكون دونها عقبات عملية جدية، تجعلها واحدة من أكبر وأخطر التحديات السياسية التي ستبقى مع لبنان لسنوات إن لم يكن لعقود عديدة مقبلة، بغض النظر عما اذا كانت مرتبطة بإعادة الاعمار في غزة او في سوريا. وإذا ما حيّدت المخاطر المحتملة من إمكان ان يلجأ العدو الإسرائيلي، الذي يشعر الآن أن يده مطلقة تماماً في التعامل مع لبنان، ولا يواجه أي إعتراضات أو حتى تحفظات.. الى تطوير مطالبه من فكرة “المستوطنة الشمالية مقابل القرية الجنوبية”، الى فكرة الترسيم الجديد للحدود مع لبنان، بالتوازي مع ترسيمها الجديد مع سوريا لاحقاً. والرابط بين الخطين الحدوديين اللبناني والسوري، ليس فقط جغرافياً، ولا أمنياً.. بل ثمة ما يجيز التفكير من بعده السياسي، على المدى البعيد، بناء على الشعار الأسدي القديم، عن وحدة المسار والمصير بين لبنان وسوريا، الذي دفع لبنان ثمنه غالياً على مدى عقود. الحذر واجب، لسبب جوهري بالغ الأهمية، هو أن أميركا ستسلم زمامها الأسبوع المقبل الى الرئيس دونالد ترامب، الذي ينذر الكرة الأرضية كلها بزلازل قوية، تطمح صراحة الى إعادة ترسيم الحدود الأميركية مع كندا والمكسيك وبنما، ومع الصين وروسيا وحتى الحلفاء الأوروبيين، بدءا من الدنمارك وجزيرتها القطبية غرينلاند. والأرجح أنه لن يكون الشرق الأوسط بمعزل عن هذا التلاعب الأميركي بالخرائط، لا سيما وان لدى ترامب سوابق في توسيع حدود إسرائيل عندما اعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان، وهما أكثر أهمية بكثير من جنوب لبنان. ويمكن المضي قدماً في هذا الحذر الى حد كوميدي طريف: بانتخاب الرئيس جوزاف عون في التاسع من هذا الشهر تحديداً، واختيار المغضوب عليه من الاميركيين رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، لرئاسة الحكومة، “خالف” لبنان إرادة ترامب، الذي وجه، قبل شهرين، عبر مستشاره الخاص مسعد بولس، نصيحة علنية الى القوى السياسية اللبنانية بالتروي في انتخاب الرئيس عون، ريثما يتسلم الرئيس الأميركي الجديد منصبه. يومها خاف بعض اللبنانيين، وفكر بعضهم الآخر بالتأجيل، طلباً للسلامة.. لكن الإرادة اللبنانية إنتصرت في النهاية على رغبة ترامب بخرق الاستحقاق الدستوري في لبنان.

المقال السابق
لا أموال لإعادة الإعمار والنهوض ولا انسحاب إسرائيل كامل ...إلّا إذا!

ساطع نور الدين

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ هذا ما كان قد حصل لو تمّت صفقة نجيب ميقاتي وفق مشتهى "الثنائي الشيعي"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية