في حديث أدلى به لصحيفة “الأخبار”، وصف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط شعار “لبنان أوّلًا” الذي كانت قد رفعته قوى 14 آذار في وقت مضى ب”السخيف”.
وليد جنبلاط حرّ في مراجعة ما كان شريكًا كاملًا في صناعته، فهو أحد آباء هذا الشعار الذي لم يتم اعتماده، في حينه، عن عبث، إذ كان يهدف الى تحقيق أمنية غالية جدًا على قلوب اللبنانيّين وعقولهم في تلك المرحلة: الوحدة على أساس المواطنيّة ليس الطائفيّة، وإقامة دولة على أساس الإنتماء الى الوطن وليس الى دول أجنبية ومحاور إقليمية، وإنهاء كل الموروثات السابقة التي كانت ترفض الكيان اللبناني.
ولكنّ حاملي هذا الشعار لم يكونوا على مستوى “لبنان أوّلًا”، فهم، وبعد فترة وجيزة، سرعان م ا انكفأوا عن الوطن الى طوائفهم، وعن الوحدة الى صراعاتهم، وعن الإندماج إلى تقوقعهم، وعن الدستور الى محاصصاتهم.
ولأنّ حاملي شعار “لبنان أوّلًا” تصرّفوا على قاعدة “أنا أوّلًا”، بات يمكن النظر الى هذا الشعار على أنّه “سخيف”، فهو، بنُبله، أصبح في واد، في حين أنّ رافعيه، بانتهازيّتهم، سقطوا في واد آخر!
هذا الشعار لم يكن ولن يكون سخيفًا، بل يبقى حاجة ملحة لإخراج لبنان من الجحيم الذي أُسقط فيها، ولكنّ المشكلة الحقيقيّة تكمن في حسن اختيار هؤلاء الذين يجب أن يرفعوه.
إنّ مناصرة القضية الفلسطينية عمومًا وغزة خصوصًا، والخوف الكبير من “حزب الله”، والحرص على المصالح والحصص، والخلافات مع “شركاء الأمس”، وغير ذلك من “الأسباب الآنية”، لا تقتضي هذا النوع من جلد الماضي، لأنّه في هذه الحالة يبقى الشعار محفوظًا في مكانه فيما تلحق الإهانة بكل من آمن به وضحى في سبيله واستشهد من أجله، وتدفع باللبنانيّين الى التعمّق بجديّة كل الشعارات التي يحملها اليوم ذاك الذي يُمعن بإهانة تلك التي “استقتل” من أجلها بالأمس!