"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

لا تستخفوا بهم.. ترامب ونتنياهو وكاتس يحققون إرث مئير كهانا

نيوزاليست
الأحد، 9 فبراير 2025

لا تستخفوا بهم.. ترامب ونتنياهو وكاتس يحققون إرث مئير كهانا

ألوف بن- هآرتس

من السهل الاستخفاف بوزير الدفاع يسرائيل كاتس، بفمه الكبير ومشيته المتثاقلة وهو يرتدي السترة الواقية، وصورته كشخصية أمنية هبطت من كوكب آخر مقارنةً بالجنرالات الذين سبقوه، لكن من الخطأ الاستخفاف بالأوامر التي وجهها إلى الجيش يوم الخميس الماضي بالتحضير لخطة “خروج طوعي” للفلسطينيين من قطاع غزة، المستوحاة من مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل خطة عملية لتهجير العرب من المناطق التي احتلتها، ومن الآن، أصبح الترانسفير سياسة الحكومة.

ولقد أرفق كاتس توجيهاته بتأنيب علني موجه إلى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء شلومو بيندر، الذي حذّر من تصعيد أمني في المناطق [المحتلة] ودول عربية رداً على خطة ترامب. ولقد وصلت الرسالة إلى الضباط الكبار: تأييد الترانسفير سيكون شرط الترقي. ومن المتوقع قريباً حدوث جولة تعيينات واسعة النطاق في الجيش، سيجري خلالها استبدال المناصب المسؤولة عن الترانسفير، كرئيس شعبة العمليات وقائد المنطقة الجنوبية؛ فكل تعيين لضباط من رتبة عميد وما فوق سيحمل توقيع كاتس، والوزير ينوي أن يطبق في الجيش اختبارات الولاء السياسي التي طبقها وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير في الشرطة.

وبحسب كاتس، فإن الترانفسير يجب أن يكون “طوعياً”: أي أن يرغب الفلسطينيون في غزة طوعاً في المغادرة، وترغب الدول العربية في استقبالهم طوعاً. لكن تنفيذ ذلك ليس من مهمات وزارات الخارجية والسياحة والمواصلات، إنما الجيش الإسرائيلي، وهذا يعني أن إسرائيل لن تفتح وكالة سفريات للغزّيين، ولن تغريهم برحلات طيران زهيدة الثمن، إنما ستشجع رغبتهم في الهجرة بأساليب كالتجويع على سبيل المثال - وفق لغة الوزير بتسلئيل سموتريتش “إدارة المساعدة الإنسانية”، أو تجدد القتال “للقضاء على ’حماس‘” كما وعد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وبهذه الطريقة، فإنه كلما تصاعدت استغاثات وصرخات الغزّيين، فإن دول العالم سترغب في فتح أبوابها أمام اللاجئين من خان يونس وجباليا.

من السهل الاستخفاف بترامب الذي قدم أفكاراً كبيرة ثم تراجع، والذي يهمه المظهر وليس المضمون، والذي يضع سياسات من دون “طاقم عمل”. لكن ما العمل وهو الرئيس الذي يقرر جدول الأعمال ولو بصورة ارتجالية؟ قبل أسبوعين، حظي ترامب بتقدير معارضي نتنياهو في إسرائيل بعد أن فرض على رئيس الحكومة وقف إطلاق النار وإعادة قسم من المخطوفين إلى منازلهم، وتوقع المعسكر المعارض لنتنياهو بحماسة انتهاء الحرب وتفكُك الائتلاف، لكن أملهم تبدد عقب الاستقبال الحار الذي حظي به نتنياهو في البيت الأبيض، وحل محله التقدير بأن ترامب يتفوه بحماقات، وأن كل شيء هو مجرد عرض، وهو يقول الشيء وضده، ويتحدث عن الترانسفير من أجل إرضاء سموتريتش وبن غفير، لكنه في الواقع يفرض على نتنياهو الانسحاب من غزة والاتفاق مع “حماس”.

وفي الواقع، أطلق ترامب من القمم الرغبات الخفية لكثير من اليهود الإسرائيليين الذين لا يؤمنون بإمكان الحياة المشتركة مع العرب على القطعة نفسها من الأرض. بالنسبة إلى اليمين، فالأمر “إمّا نحن وإمّا هم”، أمّا بالنسبة إلى اليسار، فالأمر “نحن هنا وهم هناك”، وكما قال لي قبل أعوام أحد زعماء اليسار الصهيوني: “في قلب كل واحد منا يوجد كهانا وكل الباقي هو تعليم.” وتؤكد استطلاعات الرأي التي نُشرت مؤخراً هذا الكلام؛ فمنذ اللحظة التي جعل فيها ترامب الكلام عن التطهير العرقي أمراً طبيعياً، فإن هناك أغلبية ساحقة من اليهود في إسرائيل تريد طرد الفلسطينيين من هنا.

من السهل الاستخفاف بنتنياهو الحاكم الأبدي الهارب من المسؤوليات. ما الذي لم يقولوه عنه؟ ليست لديه سياسة، وهو كرة قدم يتبادل ركلها البيت الأبيض في أميركا واليمين المتطرف في إسرائيل، وحلمه هو فقط الجمود والمحافظة على الوضع القائم. لكن عندما نفحص أفعال نتنياهو منذ قيام ائتلافات اليمين الضيقة منذ عقد من الزمن، وصولاً إلى إدارة الحرب الحالية مع حكومة اليمين الكاملة، نكتشف توجهاً واضحاً، وهو تحقيق إرث مئير كهانا.

والقائمة طويلة: قانون القومية الذي منح اليهود مكانة تفضيلية في إسرائيل، وعمليات الضم ونهب الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية، وملء قوائم حزب الليكود بالكهانيين، والتحالف مع بن غفير وسموتريتش، وقبل كل شيء سياسة التهجير والتدمير في غزة رداً على هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر و”المجزرة” في مستوطنات الغلاف. لقد كان نتنياهو مستعداً للمخاطرة بمواجهة أمر توقيفه من محكمة العدل العليا، ومواجهة ضغوط إدارة بايدن والمؤيدين لها في إسرائيل من أجل تقديم “خطة اليوم التالي” وتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية، فقط من أجل إفراغ القطاع من سكانه والإعداد للضم والاستيطان اليهودي.

تبدو مجموعة خطابات الحاخام كهانا القليلة في الكنسيت قبل 40 عاماً، والتي جمعها زميلنا عوفر أدرات، وكأنها برنامج عمل الحكومة الحالية. قال كهانا قبل أعوام عديدة من ياريف ليفين وانقلابه الدستوري: “يوجد تعارض مطلق وتناقض كامل بين مفهوم الصهيونية ودولة اليهود وبين مفهوم الديمقراطية الغربية.” وكان خطاب رئيس حركة “كاخ”، الذي بشر بحملة نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، والتي وصف فيها ممثلي المجتمع العربي في الكنيست بـ”المؤيدين لـ’الإرهاب‘”، كالتالي: “دولة السيادة اليهودية هي دولة اليهود، وهم وحدهم أصحاب البيت… ولا يحق لغير اليهودي التدخل في القرارات الوطنية التي تحدد مصير دولتنا القومية.” وطبعاً، فإن الحل الكهاني هو الترانسفير: “ليعيشوا كلهم في بلدانهم… ليعيشوا هناك في حب وأخوة مع إخوانهم، التعايش العربي، لكن ليس هنا.” فعلياً هذه مسودة مبادرة ترامب.

يُعتبر كهانا بلطجياً وشخصية هامشية لفظها الكنسيت، وحتى وريثه وأهم مؤسسي الدفع قُدُماً بالترانفسير رحبعام زئيفي لم يحظَ بتأييد شعبي، واعتباره لاحقاً كمغتصب وبلطجي، لكن أفكارهما لم تختفِ، ومع مرور جيل ونصف، تمكنت هذه الأفكار من الوصول إلى التيار السائد الذي ما زال يتغطى بتبريرات منافقة كـ”الاهتمام الإنساني بالفلسطينيين”، أو “حاولنا كل شيء ولم نستطع حل النزاع، ربما حان الوقت لحل آخر.” لذلك، ممنوع أن نستخف بإعلانات ترامب وحماسة نتنياهو وبتوجيهات كاتس. إن جنّي التطهير العرقي الذي خرج من قمقم الاستقامة السياسية [politically correct] واحترام حقوق الإنسان، حيث كان يختبئ حتى اليوم، سيكون من الصعب إعادته إلى هناك.

المقال السابق
بعد يوم على رحيلها.. مولود الممثلة السورية إنجي مراد يلتحق بها
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

حزب الله ومشقّة البيئة الحاضنة!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية